شهد معرض تراثنا للحرف اليدوية والمنتجات التراثية "تراثنا" في دورته الرابعة لعام 2022 والتي اختتم فعالياته، احتفاء عربس واسع بوجود 5 دول عربية بمركز مصر للمعارض الدولية بمنطقة التجمع الخامس، هي الامارات والسعودية والأردن والسودان وليبيا، وذلك من خلال المشاركة بأجنحة مميزة في فاعليات المعرض، في إطار تعزيز التعاون والتجارة البينية الإقليمية، وتعزيز الروابط بين الشعوب.
وأوضحت نيفين جامع، الرئيس التفيذي لجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، أن الدول المشاركة في المؤتمر لأول مرة يتم التواجد مع هذه النخبة من الدول العربية، مشيرة إلى أن هناك بعض الدول التي شاركت على مدار عدة أعوام في المعرض ودول أخرى تشارك لأول مرة.
وأضافت: تأتي هذه المشاركة إلى جانب 1116 عارضاً بالمعرض من الفنانين والحرفيين في مجال المنتجات التراثية واليدوية، والذي افتتحه الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء في 9 أكتوبر الجاري، والذي حرص على زيارة الأجنحة العربية، وأدار حواراً مع العارضين فيها، كما تفقد قاعات وأجنحة المعرض.
وأوضحت جامع، أنه وقعت مذكرات تفاهم مع مصر والأردن وعدد آخر من الدول العربية للتعاون في مجال المشروعات الصغيرة والحرفية والترويج لمنتجاتها والمشاركة في المعارض في مختلف الدول.
وتابعت، أن معرض تراثنا يستهدف الترويج لمنتجات المشروعات الصغيرة خاصة منتجات الحرف اليدوية والتراثية والتي تعكس الهوية المصرية وذلك بمشاركة عدد من الدول العربية كضيوف شرف لفعاليات المعرض لتحسين فرص التبادل التجاري إقليميا، معتبرة أن المعرض أصبح من أكبر المعارض الإقليمية المتخصصة لعرض منتجات الحرف اليدوية والتراثية خاصة بعد مشاركة 5 دول عربية هذا العام.
وأشارت جامع إلى أن جهاز تنمية المشروعات والمؤسسة الأردنية لتطوير المشاريع قاموا بإطلاق برنامج تنفيذي مشترك منذ العام الماضي يستهدف تعزيز سبل التعاون بين البلدين.
وأشاد السفير أمجد العضايلة، سفير المملكة الأردنية الهاشمية في القاهرة بمشاركة المملكة في فعاليات معرض تراثنا للعام الثاني على التوالي، حيث يمثل ذلك فرصة نوعية ومتميزة للتعريف بالمنتج الأردني إلي جانب كونه خطوة تعزز التعاون والروابط المشتركة وتشجع التجارة البينية بين البلدين.
وقال يوسف إسماعيل، رئيس الوفد ورئيس اللجنة العليا لمؤسسة سعود بن صقر لتنمية مشاريع الشباب والنائب الأول لرئيس غرفة تجارة رأس الخيمة، إنه نقل لرئيس مجلس الوزراء تحيات دولة الامارات حكومة وشعباً للشقيقة مصر، معرباً عن شكره لجهاز تنمية المشروعات لحرصهم على دعوة دولة الامارات ممثلة في مؤسسة سعود بن صقر وغرفة رأس الخيمة للعام التالي على التوالي.
وأشار إلى تميز العلاقات المصرية الإماراتية وأنها علاقات عميقة الجذور قائمة على الوعي والفهم المشترك، لافتاً إلى أن مؤسسة سعود بن صقر لتنمية مشاريع الشباب والبالغ عدد أعضائها نحو 1200 من رواد الأعمال وأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وبمجرد تلقيها الدعوة وطرحها على الأعضاء للمشاركة وفق نوعية مشروعاتهم وطبيعة المعرض، تلقت العديد من الرغبات من أصحاب المشاريع للمشاركة لعرض منتجاتهم التراثية بالأسواق المصرية من خلال معرض "تراثنا".
وأضاف إسماعيل، أن دور مؤسسة سعود بن صقر لا يقف عند حد الدعم والتمويل فحسب، بل يواصل تبنيه للأفكار الخلاقة وإبتكارات الشباب المواطنين ذات الجدوى الإقتصادية، وترجمتها إلى مشروعات وأعمال قابلة للتطبيق، كما تواصل دعمهم في تطوير مشروعاتهم من خلال باقات متنوعة من الخدمات، ومساعدتهم للمشاركة في المعارض المحلية والاقليمية والدولية.
50 عاماً من العلاقات المشتركة
وأكد، أن حرص الامارات على المشاركة بمعرض "تراثنا" جاء انطلاقاً من الاحتفالات التي ستنطلق في الشقيقتين مصر والإمارات في الفترة من 26 لـ 28 من أكتوبر الجاري بمرور 50 عامًا على تأسيس العلاقات المشتركة، ومن هذا المنطلق كان لزاماً علينا أن نشارك بالمعرض، لنترجم هذا التعاون المتبادل بين البلدين لواقع ملموس.
ويأتي فعاليات معرض "تراثنا" ضمن العديد من أوجه التعاون والمشاركات المتبادلة بين البلدين في مختلف النواحي، مؤكداً على أن العلاقات المصرية الإماراتية واحدة من أنجح النماذج العربية للعلاقات الاستراتيجية المتطورة والعميقة التي بدأت منذ أوائل سبعينيات القرن الماضي، وقامت في الأساس على الوعي والفهم المشترك لكل المتغيرات العربية والعالمية وتأثيرها على الشعوب في دول المنطقة.
منتجات تراثية
وحول فعاليات المعرض أكد إسماعيل على أن الزائر لجناح الامارات تفاجئ بمنتجات تراثية لا شبيه لها بأجنحة المعرض وبأسعار رمزية، الأمر الذي نفذت كافة المعروضات التي حملها معهم العارضين خلال أيام المعرض، بل وعقدوا اتفاقيات مع شركات ومسوقين من القاهرة والعديد من المحافظات لتسويق منتجاتهم، بالإضافة إلى عروض متميزة لفرقة الشحوح التراثية الشعبية الإماراتية، والتي صاحبت الوفد الاماراتي وقدمت خصيصاً من الامارات لإمتاع جمهور الزائرين للمعرض، ولاقت نجاحاً كبيراً أشاد به الجمهور والمسؤولين، بعدما قدمت عروضها في اليوم الأول أمام رئيس مجلس الوزراء ونيفين جامع وعدداً من الوزراء، فكانت وبحق تظاهرة تراثية وعروضاً متميزة لفنون شعبية تحاكي ماضي وتراث الإمارات.
اولفت إلى أنه وطوال أيام فعاليات المعرض، علت أنغام الفرقة الشعبية التراثية الإماراتية في سماء مركز مصر للمعارض الدولية، عبر فنون تحاكي ماضي وتراث أهل الإمارات، فتعايش الجمهور معهم ولمسوا من خلال ما كانوا يرددونه أصالة البلد وتاريخها العريق، ضمن سلسلة فنية اشتهر بها مجتمع الإمارات قديماً، أبرزها فن "الرزفة الحربية" و"اليولة" و"العيالة" و"الليوه" وسواها من نماذج للفلكلور التراثي الشعبي الإماراتي.
ومن جهته استعرض محمد الشحي، قائد فرقة الشحوح الحربية التراثية، أمام الجمهور الذي أصطف أمام الجناح الاماراتي، يشاهد عروضهم بل لم يكتفي بالمشاهدة فشارك الجمهور مع الفرقة الشعبية أدائها الذي أبهر الجمهور، مشيراً إلى أن "الندبة" هي الفن الأصيل الذي يغري باكتشاف أسراره، لافتاً إلى أنه وفي المهرجانات التراثية والأعراس الشعبية تسجل عودة لافتة إلى أحد أشهر الفنون التراثية الفريدة من نوعها في الدولة، والمرتبطة بالقبائل الجبلية، ألا وهو فن الندبة، الذي يستقطب أعداداً كبيرة من الأجيال الجديدة، التي تحرص على إتقانه والمشاركة في أدائه، حفاظاً على تراث الآباء.
فنون شعبية في المعرض
ويقول الشحي عن فن "الندبة"، إنه فن تراثي (صوتي) متوارث، تشتهر به قبائل الشحوح والحبوس والظهوريين وبني شميلي، ويعتمد على قدرات صوتية خاصة لدى المؤدي الرئيسي له، فيما يتحلق حوله عدد من رجال القبيلة، على شكل حلقة شبه دائرية، مرددين أصواتا محددة غامضة، على نسق معين متعارف عليه، ويشهد الصوت صعوداً تدريجياً وهبوطاً موازياً في نبرته، ويردد الرجال وراءه بأصوات مماثلة، وإن كانت أقل ارتفاعا، دون أن تصاحب تلك الأصوات كلمات أو تعابير لغوية تذكر، إذ يكاد يعتمد على الصوت ودلالاته، باستثناء كلمتين فقط، يرددهما ثلاث مرات تشيران إلى اسم القبيلة واعتزازها بنفسها.
ويضيف، يشترط وفقاً لأصول هذا الفن التراثي الإماراتي الخالص مشاركة عدد لا يقل عن ثلاثة رجال في أدائه، ولا يزيد على عشرة، وفي حال ازدياد العدد عن ذلك يتحولون إلى تشكيل حلقة ثانية وثالثة وهكذا، وتسمى كل مجموعة بالكبكوب، ويلجأ قائد الندبة المعروف شعبياً باسم النديب إلى رفع ذراعه اليمنى، ملوحاً بها بصورة متكررة وهي مثنية، وقريبة من الجانب الأيمن من رأسه على مقربة من أذنه، في حين يغلق بكفه اليسرى أذنه الأخرى.
ويقول قائد فرقة الشحوح الحربية التراثية، إن فن "الندبة" كان في السابق مستخدماً خلال الأعراس تحديداً، ويلجأ إليه الضيوف القادمون من مناطق مختلفة ساكني الجبال في وقت لم تكن هناك وسيلة اتصالات، فكانت "الندبة" للفت نظر أصحاب العرس إلى قدومهم، لاستقبالهم وتأدية واجب الضيافة والترحيب بهم، ويعتقد أن تلك الوظيفة الاجتماعية الخالصة تطورت مع تحولات العصر إلى مجرد تراث يتداوله الشواب ويتناقله شباب القبائل.
ويلفت الشحي إلى أن الندبة تتطلب من المؤدي الرئيسي أن تكون له مقدرة صوتية وموهبة من نوع خاص، مؤكداً أن أعداداً كبيرة من الشباب من أبناء القبائل في المناطق الجبلية تقبل على ممارسة الندبة التي توارثناها عن آبائنا، لكنه يعتبر أن هذا الفن يعكس شكلاً من البهجة بالأعراس، يتم التعبير عنها بالصوت المجرد، عوضا عن الكلام والتعابير اللغوية، وتتم ممارسته بعد تناول طعام العشاء أو الغداء بصورة جماعية، وتضفي الندبة جواً خاصاً من البهجة والأصالة على المناسبات الشعبية والتراثية والأعراس والولائم، ويحافظ عليها أبناء القبائل جيلاً بعد جيل.
كما أنه فن يمنح إحساساً خاصاً من عبق الماضي، مشيراً إلى أن هذا الفن كان وسيلة يلجأ إليها الخصوم خلال الحرب في الماضي، الغاية منه إرهاب الخصوم بأصوات حادة، أو بمثابة إعلان الانتصار والزهو به، قبل أن يصبح اليوم تراثاً شعبياً، لافتاً إلى أن هذا الفن يمارس، وفقاً لتقاليده الأصيلة، عند كسر رأس الذبيحة خلال الوليمة، ويعبر عن تكريم أهل المناسبة لضيوفهم، ويمارس هذا الفن المتوارث باعتزاز كبير، لأنه كما يقولون جزء من هوية الشعب الاماراتي.