تتويجا لجهود مصر في تطوير الملاحة البحرية، نجحت مصر في الحصول على موافقة المنظمة البحرية الدولية لإقامة مكتب اقليمي للمنظمة البحرية الدولية في الإسكندرية، الأمر الذي يكلل جميع الجهود التي بذلتها الدولة المصرية في تطوير المواني والأرصفة البحرية، منم أجل ترسيخ الدور الريادي لمصر في مجال الملاحة البحرية.
ووقع الاختيار على أن يكون المركز الإقليمي للمنظمة البحرية الدولية بمقر الهيئة المصرية لسلامة الملاحة البحرية بالإسكندرية حيث تمت الموافقة عليه في لجنة التعاون التقني رقم 72 بالمنظمة البحرية الدولية بما يتواكب مع دور مصر الريادي وتاريخها المؤثر في كل المجالات ومنها المجال البحري بالإضافة إلى أن مصر لديها أعرق الجامعات المصرية في مجال التعليم والتدريب البحري.
مصر مركز عالمي للتجارة واللوجستيات
ويأتي إقامة المركز الإقليمي في إطار توجيهات القيادة السياسية بتعظيم الدور المصري لقطاع النقل البحري على المستوى الدولي وجعل مصر مركزا عالميا للتجارة واللوجستيات، وفي إطار جهود الفريق مهندس كامل الوزير وزير النقل لإنشاء مكتب اقليمي للمنظمة البحرية الدولية(IMO) بجمهورية مصر العربية وجهود كلًا من قطاع النقل البحري والهيئة المصرية لسلامة الملاحة البحرية على مدار عامين.
وكما يعد هذا الفوز تتويجا لجهود كافة الجهات المعنية بالدولة مثل وزارة النقل المصرية ووزارة الخارجية لتوضيح مدى أهمية الاستفادة من هذا المكتب للدول العربية ومن ضمنها مصر حيث أنه لا يوجد مكتب تمثيل إقليمي بمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، ليكون مركزًا مشعًا لتدريب كوادر بحرية معتمده وقوية تدفع بالمنطقة بصفه عامة ومصر بصفه خاصه نحو مستقبل أفضل لهذه الكوادر، ويقدم هذا المكتب لمصر والدول العربية برامج التعاون التقني التي تصدر من المنظمة البحرية الدولية لتخدم مصر والمنطقة العربية خاصة فيما يتعلق بتحديث الاتفاقيات الدولية وتنفيذها من قبل السلطات البحرية الأخرى.
أوجه الاستفادة من المركز الإقليمي
ويعود المركز الإقليمي للمنظمة البحرية الدولية بالنفع على مصر، حيث يمكن مصر من عمل ورش ومجموعات عمل لتساعد علي توحيد الفكر العربي وزيادة الصناعات البحرية طبقًا للتطبيقات العالمية الحديثة والمطورة من قبل المنظمة البحرية الدولية.
كما يمكن الاستفادة من الجهود الدولية في تدريب العناصر البحرية على أعمال مكافحة التلوث البحري والحفاظ على البيئة البحرية تماشيًا مع اهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، وتقديم الدعم والمساعدة في اجتياز المراجعات الالزامية التي تقوم بها المنظمة البحرية الدولية على تلك الدول في المنطقة العربية لتحسين اداء تلك الدول ومواكبتها للدول العالمية والاوروبية وسيتم اعتماد هذا القرار نهائيا خلال انعقاد المجلس التقني للمنظمة البحرية العالمية IMO خلال شهر ديسمبر ٢٠٢٢.
وفيما يلي نرصد أبرز جهود مصر في تطوير النقل والملاحة البحرية وتطوير الموانئ والأرصفة:
تحظى مصر بمكانة كبيرة في مجال النقل البحري العالمي، حيث كانت من أوائل الدول التي انضمت للمُنظّمة البحرية الدولية منذ بداية عملها عام 1958، كما تحرص كل الحرص على المشاركة بفاعلية في أنشطة المُنظّمة ولجانها الفرعية والأساسية، وتسهم في تحقيق أهدافها.
وتعد مصر دولة بحرية من الطراز الأول، إذ تتمتع بموقع مُتميّز وسواحل مُمّتدة على البحرين المتوسط والأحمر، وتربط بينهما قناة السويس والتي أنشأت الدولة ازدواجا لها بقناة موازية جديدة لتقليل زمن عبور القناة بمقدار 11 ساعة، والتي تلعب دورا كبيرا لتسهيل حركة التجارة العالمية بين الشرق والغرب، حيث عبرت القناة عام 2020/2021 أكثر من 17 ألف سفينة، ما يؤكد أهمية موقعها الاستراتيجي لخدمة التجارة العالمية للدول الأعضاء.
عضوية مصر في منظمات السلامة والملاحة وحماية البيئة
وتولي مصر اهتمامًا بالغًا بالقضايا البحرية البيئية، حيث انضمّت مصر إلى اتفاقيات وبروتوكولات المنظمة التي تحافظ على السلامة والملاحة وحماية البيئة والتعليم والتدريب البحري وغيرها، كما يُعدّ العنصر البشري الركيزة الأساسية التي تقوم عليها صناعة النقل البحري، فقد كان التدريب دوما محل اهتمام الحكومة المصرية، التي أوفدت عدد من العاملين للحصول على درجة الماجستير في معهد القانون الدولي بمالطا (IMLI)، ومن الجامعة البحرية الدولية في السويد (WMU) بغرض النهوض بالمستوى العلمي للعاملين، وإدخال المُعاهدات الدولية التي تصدر عن المُنظّمة في القوانين والقرارات المحلية، وتطبيق أعلى معايير السلامة والبيئة البحرية.
تأهيل كوادر النقل البحري
وعملت مصر على الارتقاء بالعنصر البشري، حيث تعاونت المعاهد البحرية المصرية مع المُنظّمة البحرية الدولية (IMO)، لتدريب وتأهيل الكوادر البحرية في مجالات النقل البحري كافة، التي وفرت نحو نصف مليون فرصة تعليم وتدريب للكوادر في التخصصات المختلفة، بما يتفق مع أحكام الاتفاقية الدولية لمعايير التدريب وإصدار شهادات والنوبة البحرية STCW وتعديلاتها.
رؤية مصر لتطوير النقل البحري
وترتكز الخطط المصرية على رؤية متكاملة لتطوير النقل البحري، حيث لا تقتصر على نقل الركاب والبضائع، بل تتخطاها بتفعيل المشاركة الفاعلة في ترسيخ مفهوم التنمية المستدامة للدولة، لتحقيق التوازن بين المتطلبات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، من خلال توفير شبكات ووسائل النقل والمساهمة في زيادة الرقعة المأهولة سكانيا، وتحسين خدمات التجارة الخارجية واللوجستيات والتنمية السياحية والصناعية والتجارية، وحل مشكلة البطالة وتشغيل شباب الخريجين، وربط مصر بمحيطها الإقليمي والدولي، خاصةً دول الجوار ورفع كفاءة العنصر البشري، باعتباره الركيزة الأساسية لتطوير وتحديث مرافق النقل وتطوير مراكز وبرامج التدريب المتخصصة، وتطوير الوضع المؤسسي والتشريعي لمسايرة التطورات الحديثة لإدارة منظومة وتطوير خدمات النقل، وتطبيق سياسة التحول الرقمي وتطوير الخدمات الإلكترونية بالموانئ البحرية والبرية.
وفي ضوء هذه الاستراتيجية، وضعت مصر استراتيجية شاملة لتطوير الموانئ المصرية 2030 وزيادة قدرتها التنافسية، طبقا للمعايير الدولية والذي يهدف لتحويل مصر إلى مركز للتجارة العالمية واللوجستيات لخدمة حركة التجارة البينية وتقديم الخدمات لمواكبة الاتجاهات العالمية الحديثة في مجال النقل البحري واللوجستيات، وربط الموانئ المصرية بمناطق الاستثمار، والاستفادة من الشبكة القومية الجديدة للطرق والأنفاق التي تم تنفيذها اسفل قناة السويس لتسهيل حركة وسائل النقل المختلفة في رؤية متكاملة وشاملة.
تسهيل الإفراج الجمركي عن البضائع
كما وضعت وزارة النقل خطة شاملة للتحول الرقمي الكامل ومكينة الموانئ، بالتعاون مع العديد من الوزارات والهيئات المشاركة في العمل بالموانئ البحرية والبرية، وجرى تبسيط إجراءات الإفراج الجمركي عن البضائع في الموانئ، في إطار سعي الدولة الدائم لتقليل زمن الإفراج الجمركي عن البضائع والسلع وفق المعايير العالمية، بأحدث تقنيات تكنولوجيا المعلومات ومكينة المجتمع الملاحي، وتطبيق نظام التسجيل المسبق قبل وصول الشحنات (ACI) كأساس لبدء إجراءات الإفراج والذي بدأ التطبيق الفعلي له في الأول من أكتوبر 2021.
مصر تقود الموانئ الذكية في المنطقة
وفي إطار تطوير وتحديث بيئة العمل داخل الموانئ البحرية لتحويلها إلى موانئ ذكية، جرى تفعيل العديد من التطبيقات لتسهيل العمل، مثل حجز الشاحنات من خلال الموقع الإلكتروني للهيئة وتفعيل الفاتورة الموحدة للسفن، والتحصيل الإلكتروني، والربط الآلي لجميع جهات مجتمع الميناء في منظومة واحدة متكاملة وتفعيل منظومة التراكي الآني للسفن بمجرد إخطار الوصول.
كما توفر هيئات الموانئ خدمات الدعم الفني للتوكيلات الملاحية إلكترونيا، فضلا عن تحديث منظومة التتبع الأتوماتيكي للسفن AIS بهيئات الموانئ والجهات المدنية والعسكرية المسؤولة عن تتبع السفن، وجرى تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع (المحول الرقمي الحكومي) G2G بربط الموانئ مع الجهات الحكومية.
وتهدف كل تلك الجهود إلى الهدف الأسمى وهو تحويل مصر لمركز للتجارة العالمية واللوجيستيات، حيث وضعت مصر خطة لتطوير قطاعات النقل لتتكامل مع بعضها كالآتي:
النقل البحري: جرى إنشاء أرصفة جديدة ليصل إجمالي أطوال الأرصفة في الموانئ البحرية إلى 73 كم لتستوعب 370 مليون طن بضائع بدلا من 185 مليون طن سنويا.
النقل النهري: تطهير وتطوير وتكريك 3125 كم مجاري مائية، وإنشاء 3 موانئ نهرية جديدة لتعظيم دور النقل النهري.
الموانئ الجافة والمناطق اللوجيستية: إنشاء 8 موانئ جافة و5 مناطق لوجستية تستوعب 5 ملايين حاوية مكافئة سنويا، وتطوير 7 موانئ برية على الحدود المصرية.
النقل البري: جرى إنشاء 7000 كم طرق سريعة ورئيسية لتصل أطوال الشبكة إلى 30 ألف كم، إضافة إلى عدد من الكباري والمحاور على النيل وإنشاء عدد من الكباري العلوية والأنفاق على الشبكة ليصل الإجمالي إلى 2500 كوبري علوي / نفق.
النقل السككي: جار إنشاء شبكة القطارات الكهربائية بطول 2000 كم، إضافة إلى الشبكة الحالية، ليصل إجمالي أطوال خطوط السكك الحديدية في مصر إلى 12 ألف كم قادرة على نقل مليوني راكب يوميا، بدلا من مليون حاليا، و13 مليون طن بضائع سنويا، بدلا من 4.5 مليون طن حاليا.