مناسبة يوم الاحتفاء بالصحة النفسية فى العاشر من أكتوبر ولأسباب أخرى ستفهم من خلال الاطلاع على المنشور ومن واقع دراستى الصحة العقلية وعلم النفس بجامعة ليفربول، أعلن عن رأيى فى أفضلية قيام المريض باللجوء للطبيب النفسى أو «الشرينك» أو «اللايف كوتش» أو «الثيرابيست» أو المستشفى النفسى فى سرية تامة، ضع مليون خط تحت «سرية تامة» لأن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة.
- معلوم أن موضة المجاهرة باللجوء للطبيب النفسى قد انتشرت فى العقدين الماضيين بدعوى التحضر والاقتداء بالدول المتقدمة وبدعوى أنه من الطبيعى أن نفس الإنسان تمرض كسائر أعضائه ولتشجيع المريض على عدم الشعور بالعار من لجوئه للطب النفسى طلبا للمساعدة.
- وبينما نؤيد ونؤكد على ضرورة وأهمية طلب المريض لمساعدة الطب النفسى دون أى حرج، إلا أننا فى الوقت ذاته نحذر من خطورة إعلانه للجوء للطب النفسى بين أقاربه أو فى محيطه أو على الملأ فى وسائل التواصل الاجتماعى لأن ذلك سيعرضه للآتي:
١- احتمال فقدان أحقية حضانة الأبناء للطرف الذى يخضع للعلاج النفسى فى حالة النزاع الأسرى المفضى للطلاق وما يستتبع ذلك من فقدان الزوجة لحقوقها المادية من نفقة ومؤخر بدعوى أنها سفيهة أو فقدان الزوج لحق الرؤية بدعوى أنه غير متزن وقد يتسبب فى أضرار لصغاره.
٢- التشكيك فى القدرات الذهنية أو النفسية للمريض سيما لو كان مسنًا قد ينهض ذريعة لفقدانه أهليته المادية فى حالة رغبة الأسافل من أسرته للحجر المادى عليه.
٣- تغليب فرضية الانتحار فى حالة الاشتباه فى قتل المريض النفسى سيما لو هناك سجل مرضى معروف عنه.
(فقد تقيد واقعة انتحار سيدة ماتت بعد إطلاق الرصاص عليها رغم أن المسدس صدر منه طلقتان، وقد يستند المحامى المدافع عن الزوج بتاريخ المريضة النفسى لتبرئة موكله بل واتهام الزوجة القتيلة باقتراف الانتحار بدعوى مرضها النفسى ما يسهل للمحامى الحصول على براءة موكله.
- الوصم المجتمعى للمريض النفسى سيما لو شخصية مشهورة على مواقع التواصل الاجتماعى حيث الكلام والسباب والتسفيه والتقليل والازدراء مجانى ويتم بدون أدنى شعور بالذنب.
..
- لقد فقد أحد ملوك الدول العربية عرشه بعد عام من توليه الحكم بسبب ما عرف من لجوئه للعلاج النفسى وقد أودع مشفى «بهمن» بمصر ثم مشفى آخر للعلاج النفسى بأسطنبول ثم بالولايات المتحدة الأمريكية حتى وافته المنية.
- حين أراد أقارب الأديبة «مى زيادة» التخلص منها، قاموا بإيداعها مستشفى «العصفورية» للأمراض النفسية والعصبية فى لبنان للاستيلاء على ميراثها.. وقد بقيت فى «العصفورية» إلى أن قام الأديب اللبنانى الريحانى برفع دعوى ضد المستشفى بعد أن عرض الكاتبة على أطباء من مستشفيات خاصة أثبتوا سلامة الصحة النفسية والعقلية لرائدة الفكر العربى مى زيادة.
..
- حين أراد أحد أقاربى الزواج للمرة الثانية، قامت زوجته الأولى وهى قريبتى أيضا بطلب الطلاق فرفض لرغبته فى أن تبقى على ذمته لرعاية أبنائه الست.. وحين رفضت الزوجة الأولى هذا الوضع حيث كانت ابنة «بك» من أثرياء المنصورة.. رفض الزوج الطلاق، فثارت زوجته بشدة وهددت بالانتحار، فما كان منه إلا أن أودعها مستشفى «بهمن» للأمراض النفسية لوصمها.. ثم أخرجها بعد أن جعلها تمثل العار لأبنائها.
وتكرر السيناريو مع أخت قريبتى تلك فقد أراد زوجها الاقتران بأخرى فرفضت فأودعها مستشفى «النيل» للأمراض النفسية تكرارًا لتيمة سيناريو حقق نجاحا ساحقًأ سيما بعد وفاة الأب السند وخذلان الإخوة الذكور الذين وجدوها فرصة للسيطرة على ميراث الاختين - ١٤ فدانا زراعيا نصاب كل أخت-.
وعليه، فأرى ضرورة التحذير من الانسياق خلف «الترند» ومن يدعون التحضر والحداثة والمعاصرة ويجاهرون باللجوء للعلاج النفسى دون وجود سبب جوهرى من دعم أسرى أو خلافه
..
و أخيرًا، أدعو القائمين على الإعلام من المذيعين والمعدين عدم إحراج ضيوفهم بطرح الأسئلة الجارحة والمحرجة التى تخوض فى تلك التفاصيل الخاصة بتعرض الضيف للعلاج النفسى كما ألفت انتباه الضيوف لعدم الانصياع للرد على تلك الأسئلة الخبيثة بدعوى إثبات قوة شخصياتهم بدليل عدم الخشية من الاعتراف باللجوء للطب النفسى..
تلك البرامج لا هم لها سوى تحقيق أرباح من المشاهدات ولو على حساب تشويه سمعة الفرد كما قد تسلب منه حقوقه المدنية والمادية وتورده المهالك.
طوبى لمن يعطى الصحة النفسية قيمة أغلى من الترند والمشاهدات.
طوبى لضحايا الصحة النفسية الذين تجرعوا الظلم من صحون ذوى القربى... فكل مذاقات هموم البشر من بعدها تسالى ومزّات.
آراء حرة
الثيرابيست والسرية التامة
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق