قالت إلهة عظیم فر، المعارضة الإيرانية، إن النظام الإيرانى لا یعترف بحقوق النساء ویری المرأة رسمیًا نصف الرجل فى جمیع الحقوق.
وأضافت «عظیم فر» فى حوارها لـ«البوابة نيوز»، أن هذه أول مرة تحظى انتفاضة للشعب الإیرانى بدعم عالمی کبیر من مختلف الدول وحتی الهيئات الدولیة، وإلى نص الحوار..
■ أصبحت الاحتجاجات ضد النظام شبه سنوية بسبب قضية معينة تثار أو حادث مروع لكن هذا لم يؤثر على وجود النظام الإيرانى أو يحدث أى تغيير.. فما السبب؟
- منذ سنین والشعب الإیرانى کان بصدد تغییر هذا النظام، وإذا أردتم تاریخا محدّدا أقول لكم إنه منذ یوم العشرین من شهر یونیو من العام ١٩٨١ کان موضوع إسقاط النظام فى جدول أعمال الشعب الإیرانی.
فى مظاهرة سلمیة طالبوا بالحریة والدیمقراطیة، لكن «الخُمینى» بدلًا من الانصیاع لمطلب الشعب أمر بإطلاق النار علی المتظاهرین وحوّل بذلك الشوارع المرکزیة من العاصمة طهران إلی حمام دم، وقتل عشرات من المتظاهرین وجرح مئات واعتقل الآلاف.
منذ مساء ذلك الیوم، بدأت الإعدامات الجماعیة، نعم هذه کانت أول انتفاضة شعبیة بعد سنتین ونصف من سقوط الشاه، حیث بدأ النظام الجدید بتطبیق المنهج القمعى الذى کان أسلوب الشاه فى الحكم الأسلوب الذى کان سبب انتفاضة الشعب ضد نظام الشاه وإسقاطه.
منذ تلك الانتفاضة وحتی یومنا هذا لم یهدأ الشعب أمام النظام الإيراني، بل کما قلتم لجأ بین فترة وأخری إلی انتفاضة شاملة ضد هذا النظام لكنه لم ینجح حتی الآن.
کانت هناك انتفاضات فى عهد «رفسنجانى» فى التسعینیات وفى عام ١٩٩٩ فى عهد «خاتمى» وبعدها بشکل خاص فى عام ٢٠٠٩ ومن ثم فى عامى ٢٠١٧ و٢٠١٩. ولكن کما نرى النظام باقيا والشعب لایزال فى الساحة.
مع أن النظام لم یسقط بعد لکن الشعب تعلم دروسًا من کل انتفاضة وکسب تجارب استخدمها فى الانتفاضات التالیة.
■ وهل هذه الانتفاضة مختلفة عن تظاهرات ٢٠١٩؟
- إذا قارنّا هذه الانتفاضة مع انتفاضة عام ٢٠١٩ لنری أن تلك تم قمعها خلال ٤ أو ٥ أیام لكن هذه استمرت حتی الآن ٢٥ یومًا، وذلك بسبب أن الشعب سئم من تصرفات النظام علی مختلف الأصعدة الداخلیة والإقلیمیة والدولیة فیرید إسقاطه، إنهم لم یعودوا یخافون ولن ینخدعوا.
والنظام بدوره أولًا استخدم أعتی أسالیب القمع فى العالم حیث أعدم خلال هذه السنوات أکثر مائة وعشرین ألفا من أعضاء المعارضة الإيرانية، واستخدم جمیع أسالیب التعذیب الهمجى بحق مئات الآلاف من السجناء السیاسیین.
کما ارتكب مجزرة کبری فى العام ١٩٨٨ بحق أکثر من ثلاثین ألفًا من السجناء السیاسیین. فالقمع المُطلق کان أحد أسباب بقائه؛ الآلیة التى یستخدمها لحدّ الیوم.
هناك سبب آخر أیضًا لبقاء هذا النظام وعدم سقوطه وهو السیاسة التى اتبعها الغرب حیال هذا النظام، وهى سیاسة المهادنة والاسترضاء، فمع أن الأجهزة التابعة للأمم المتحدة أدانت هذا النظام ٦٨ مرة بسبب الإعدامات والتعذیب، لكن السیاسة الغربیة طوال هذه السنوات کانت سیاسة المُسایرة مع هذا النظام.
ولا أرید الخوض فى التفاصیل لكن للعلم حتی فى وقتنا هذا ومع أن أبناء الشعب موجودون فى الشوارع ویهتفون لیل نهار بسقوط النظام لكن المسئول الأمریكی الخاص للمفاوضات مع النظام الإيراني، روبرت مالى أعلن أن سیاسة أمریكا لیست تغییر النظام.
صحیح أن النظام استطاع الصمود أمام الشعب وبقى فى الحکم عدة مرات لكننا لا نحتاج إلی سقوط النظام عدة مرات بل مرة واحدة من السقوط یكفینا.
■ قضية مهسا أمينى لم تكن الأولى التى تظهر قمع النظام الإيرانى ضد المرأة.. فما سبب تعامل النظام بهذا الشكل مع سيدات إيران؟
- النظام الحاکم فى إیران فرض نفسه علی التاریخ، ومن السمات الرئیسیة لهذا النظام معاداته للمرأة ولحقوق النساء.
وکما تقولون لیست قضیة الشابّة مهسا أمینى الأولی فى قمع النساء بید نظام ولایة الفقیه، هناك عشرات الآلاف من النساء اللواتى کنّ فى صفوف النضال ضد هذا النظام فأعدمهم وعرّضهم لأسوأ أنواع التعذیب فى السجون خلال هذه السنوات.
النظام الحاکم لا یعترف بحقوق النساء ویری المرأة رسمیًا نصف الرجل فى جمیع الحقوق، ولا یریدها إلا أن تكون أداة طیعة بید الرجل، وفى المقابل نحن نعتقد بالمكافأة الكاملة فى جمیع الحقوق وخاصة فى المشارکة السیاسیة وفى القیادة السیاسیة أیضًا.
إن دور المرأة فى قيادة هذه التظاهرات أیضًا يظهر من خلال جميع الأفلام والحقائق الميدانية حیث لعبت النساء دورًا مهمًا وفی کثیر من المشاهد دورًا قیادیًا أیضًا، ونسبة کبیرة من المعتقلين هم أيضًا من النساء، أؤكد أن هذه إحدى سمات الانتفاضات الإيرانية التى يبرز فيها دور المرأة.
■ كيف ستنتهى تلك التظاهرات، هل ستهدأ كعادة سابقتها أم سيكون هناك جديد؟
- الآن دخلت التظاهرات أسبوعها الرابع، ویبدو أنها لا ترید الهدوء هذه المرة، الصورة واضحة، هناك نظام بطش وقمع وإرهاب وهناك شعب أعزل توّاق للحریة وللدیمقراطیة جاء إلی الساحة بإرادة صلبة لإسقاط النظام من خلال مظاهرات واحتجاجات وشعارات.
الصور والمشاهد بآلاف تشیر إلی أن قوات القمع تتردد أحیانًا فى التصدى للمتظاهرین من خلال تصویب بنادقهم واستهداف رءوس وصدور المتظاهرین، لكن فيما یتعلق بالنظام فإنه لا یتردد فى القتل وارتكاب حمام دم للسیطرة علی الوضع المتأزم جدًا.
وهنا یبرز سؤال کبیر، ماذا علی الشعب أن یفعل؟ هل یبقی مكتوف الأیدى ویموت، کما استشهد حتی الآن أکثر من ٤٠٠ شخص وکما جرح آلاف واعتقال أکثر من عشرین ألف شخص؟ أم للشعب أیضًا الحق بأن یتكلم مع هذا النظام باللغة التى یفهمها، وهى لغة القوة.
جمیع الأدیان السماویة والمواثیق الدولیة وإعلانات حقوق الإنسان تُجیز اللجوء بالقوة فى مواجهة قوة البطش والاستبداد والقهر الأسود، لأن هذه هى الطریقة الوحیدة للتصدى للظلم وللدفاع عن النفس وعن العرض وعن القیم الإنسانیة والإسلامیة.
هذه الانتفاضة منتظمة ولها عناصر تنظیمیة خلفها تقودها بشكل خاص فى کل مدینة وبشكل عام فى جمیع أرجاء البلاد. هذا ما اعترفت بها سلطات النظام ووسائل إعلامه ومنهم قاليباف رئيس مجلس النظام.
■ كيف ترى الجهات الخارجية تلك التظاهرات وهل يمكن دعمها؟
- هذه أول مرة تحظى انتفاضة للشعب الإیرانى بدعم عالمى کبیر من مختلف الدول وحتی الهيئات الدولیة.
کما أن مئات من الشخصیات العالمیة ذات وزن ثقیل أعلنت تضامنها مع الشعب الإیرانى فى انتفاضته من أجل الخلاص من النظام الحاکم.
البرلمان الأوروبى صادق علی قرار ضد النظام الإیرانى وتأیید لمطالب الشعب، وقد أصدر ١٣٦ عضوًا من البرلمان الأوروبى بیانًا أکدوا فیها علی حق أبناء الشعب فى المقاومة من أجل إسقاط النظام، وکذلك حق الدفاع عن النفس بجمیع الإمكانیات المتاحة لهم، کما أن ٥٠ من نواب البرلمان البریطانى أصدروا بیانًا مماثلًا.
وعلى المجتمع الدولى ألا يسمح للنظام الإيرانى بارتكاب مجزرة أخرى، وفى هذه اللحظة الحرجة، لا ينبغى للعالم أن يترك الشعب الإيرانى وحیدًا.
وتظهر التجارب السابقة أن النظام يعتبرون صمت المجتمع الدولى وتقاعسه عن العمل بمثابة رخصة لمواصلة القمع.
■ هل تأثر النظام بتلك التظاهرات خاصة فى ظل تصريحات مسئوليه الأخيرة؟
- إذا نظرنا إلی میزات الثورة الجدیدة لنجد أن انتصارها مكفول وهذا ما یفسّر لنا ارتباك زعماء النظام وخوفهم من تطورات الأحداث، وبعض هذه المیزات هي:
مشارکة عامة للطبقة الوسطی فى الانتفاضة: فى انتفاضة عام ٢٠٠٩ کانت الطبقة الوسطی فی الساحة لکن فقط فى طهران.
وهذه المرة جاءت الطبقة الوسطى والمثقفون والطلاب إلى الميدان، وشارکت هذه الطبقة فى جميع المدن، وفى جميع المدن الكبرى، انضمت الجامعات أيضًا إلى الانتفاضة. بل أصبحت الجامعات الإیرانیة معاقل للثورة بنفس الحالة التى کانت فیها فى الأشهر الأخیرة من حكم الشاه.
ضعف النظام فى إدارة الأزمة والسیطرة علی المدن: فى بعض المدن، وحتى اليوم، يسقط عدد من المدن، الیوم سقطت مدینة سنندج عاصمة محافظة کردستان الإیرانیة بید أبناء الشعب.
قبل ذلك مدینة أشنویة قد سقطت فى أيدى الناس، وأيضًا قائد الشرطة فى محافظة كيلان فى شمال إيران اعترف بأننا على بُعد خطوة واحدة من السقوط منذ عدة ليال، وأکد أنه لو لم يتم إرسال قوات تعزیزیة من المحافظات المجاورة لكان الناس قد انتصروا فى الميدان، ولكن الآن تلك المقاطعات نفسها تواجه تحديات، والنظام یعانی من النقص فی القوات وهذا النقص فى القوات أمر خطير جدًا.
قبل یومین صرّح قائد قوات الأمن بأن ألف وثمانمائة شخص من قواته تعرّضوا للضرب والجروح بید أبناء الشعب. کما أن هناك تقاریر بأن بعض المسئولین فى النظام بصدد الهروب من البلاد.
عندما زار إبراهیم رئیسى جامعة الزهراء فى طهران فاستقبلته الطالبات بشعارات «رئیسى ارحل» و«الموت للظالم سواء أکان الشاه أو الزعیم خامنئى» و«لا تنفعكم الدبابات والمدافع یجب علی الملالی أن یرحلوا»، وهناك مئات من مثل هذه التقاریر التى تشیر إلی أن النظام وصل إلی نهایته وإلی حافة السقوط.