يشهد شمالي إثيوبيا مستجدات تضع الوساطة الأفريقية للأزمة على المحك في ظل آمال بحسم صراع أصبح يقض مضجع المجتمع الدولي.
فعقب إعلان الحكومة الإثيوبية استمرار عملياتها العسكرية للسيطرة على كافة مطارات إقليم تيجراي، وما تلاه من سقوط مدينة "شيري" كبرى مدن الإقليم ومناطق أخرى مهمة تعتبر في عمقه، بات الجيش على مقربة من الوصول لعاصمة الإقليم.
وحال سيطرة الجيش على مقلي عاصمة الإقليم، فستكون النقطة فاصلة في النزاع في ظل مخاوف محلية إقليمية ودولية من اشتباكات غير معلومة بين طرفي النزاع (الحكومة وجبهة تحرير تيجراي).
وفي وسط المستجدات، تشدد أديس أبابا على تمسكها بالحل السلمي للنزاع، عبر مباحثات سلام يقودها الاتحاد الأفريقي، غير أنها أعلنت مضيها في السيطرة على كل مطارات إقليم تيجراي.
واستبقت الحكومة الإثيوبية تطورات زحف قواتها اتجاه عمق إقليم تيجراي بتوزيع منشورات لشتي مدن ومناطق الإقليم توصي فيها المواطنين بالابتعاد عن المناطق القريبة من الجبهة والمناطق العسكرية.
ويعتقد المختص بالشأن الإثيوبي آدم جبريل، أن النزاع الدائر بين قوات الحكومة وجبهة تحرير تيجراي وصل مرحلة خطيرة، بعد دخول أطراف وقوى أخرى قال إنها تحاول فرض أجندتها لضمان وجود حليف يؤمن موقعا لها بالمنطقة التي تشهد سباقا بين أقطاب دولية بالقرن الأفريقي، لافتا في تصريحات صحفية إلى أن ذلك قد يؤدي إلي إطالة النزاع وهو الأمر الذي لا تريده الحكومة.
ونوه جبريل إلى أن التقارب الحالي بين الحكومة الإثيوبية ونظيرتها الإريترية يشكل الهاجس الأكبر لكل من الاتحاد الأوروبي وأمريكا باعتباره يصب في صالح منافسين آخرين مثل روسيا، والصين اللاعب الرئيسي حاليا بمنطقة القرن الأفريقي، وكلاهما يدعمان أديس أبابا بقوة في مختلف المحافل الدولية بمواجهة الخصم الآخر وهما أوروبا والولايات المتحدة.
وعن فرص نجاح وساطة الاتحاد الأفريقي لإقناع الأطراف المتصارعة لعقد مفاوضات، يرى الخبير بالشأن الإثيوبي زكريا إبراهيم، إن فرص النجاح بالوقت الحالي ضئيلة للغاية، خاصة بعد تقدم الجيش الذي يكاد يكون قد اقترب من حسم النزاع بعد وصوله عمق الإقليم.
ويشير إبراهيم في تصريحات صحفية، إلى أن الحكومة الإثيوبية تعتقد اعتقادا راسخا بأن ورقة التفاوض وسط ضغوطات دولية تعد محاولة لإعطاء الجبهة فرصة من حلفائها بعد تطور الموقف الميداني وتفوق الجيش الإثيوبي.
وأضاف أن الأوضاع على الميدان تغيرت بعد معارك ظلت مستمرة منذ حوالي شهرين استخدمت فيها الحكومة الإثيوبية تكتيك سياسة استنزاف الطرف الآخر وإبقائه في منطقته دون أن يتوسع نحو إقليمي أمهرة وعفار خلال الجولة الأولى من الحرب، متابعا أن ذلك أدى إلى إضعاف الجبهة ومنعها من إحراز أي تقدم.
وأوضح إبراهيم أن المجتمع الدولي قد يوقف دعمه للجبهة لأنه بحسب قواعد اللعبة المعروفة، عادة ما تقف القوى الكبرى مع من لديه القوة على الأرض، منوها بأن مواقف المجتمع الدولي ستتغير بعد تقدم الجيش اتجاه عمق إقليم تيجراي.
بينما كشف المحلل السياسي كنيدي وانجوي في تصريحات صحفية عن وجود مجموعة من العقبات والتحديات التي من المحتمل أن تواجه الجيش الإثيوبي والحكومة الفيدرالية التي تسعى للسيطرة على كامل إقليم تيجراي.
وقال إن الحكومة الإثيوبية قد تلجأ لاستخدام القوة ضد كل من يحاول دعم الجبهة ومقاتليها أو عرقلة إدارتها للإقليم ما سيجعلها في مواجهة مع المجتمع الدولي إلى جانب المنظمات الحقوقية والمنظمات الدولية الأخرى التي سترفض وتدين ذلك.