يوم تلو الآخر، يختفي دور السلاح التقليدي الذي عرفته الجيوش في المعارك الحربية، لتظهر أسلحة أخرى من المتوقع أن يكون لها القول الفصل والحسم خلال الحروب الحديثة.
«الدرونز» أو الطائرات المسيرة أو الطائرة بدون طيار، التي باتت تسيطر على السماء هنا وهناك، وتفرض نفسها كسلاح قوي يشارك في كثير من الأعمال، بدءًا من الحروب والاغتيالات، وصولًا إلى خدمات التوصيل.
ما هى «الدرونز»؟
مصطلح «طائرة من دون طيار»، يشير إلى الطائرة التي يجري التحكم فيها من بعد، وأحيانًا يكون التحكم ذاتيًا، وتتعدد الأسماء ما بين «درونز» أو الطائرة المُسيّرة أوالطائرة من دون طيار والزنانة.
وأصبح الاسم الأكثر تداولًا هو «درونز»، وفقًا لمصدره باللغة الإنجليزية «Drones»، المأخوذ من اسم ذكر النحل، وبرز ذلك خلال الحرب العالمية الثانية 1939-1945، عندما ميزت هذه الطائرات بأشرطة سوداء وضعت على طول ذيل كل منها لتبدو كذكر النحل.
أول طائرة بدون طيار
ربما يريد الجميع أن يعرف، متى ظهرت أول طائرة بدون طيار، ومن قام بتطويرها؟ والإجابة هنا أنه جرى تطوير أول طائرة من دون طيار في بريطانيا وأمريكا خلال الحرب العالمية الأولى، وجرى اختبار الطائرة البريطانية للمرة الأولى في مارس 1917 وهي طائرة صغيرة يتحكم فيها عن طريق الراديو.
أما الطائرة الأمريكية، فجاء اختبارها في أكتوبر 1918، وعلى رغم أن كلتيهما أظهرت نتائج واعدة في اختبارات الطيران فإنهما لم يستخدما عمليًا أثناء الحرب.
وفي 1935، صنع البريطانيون عددًا من الطائرات التي يتم التحكم فيها من بعد لاستخدامها كأهداف لأغراض التدريب، ونشرت طائرات الاستطلاع من دون طيار للمرة الأولى على نطاق واسع في حرب فيتنام كشراك خداعية في القتال ولإطلاق الصواريخ على أهداف ثابتة وإلقاء المنشورات للعمليات النفسية.
فيم تستخدم المُسيرات؟
لم تعد الطائرات بدون طيار مجرد آلات استطلاع وقتل، بل تستخدم أيضًا لتنسيق المدفعية والدبابات والمشاة، بالإضافة إلى أنها تعطل الدفاع الجوي للعدو واتصالاته، ويوجد حاليًا أكثر من 40 نوعًا مختلفًا من الطائرات العسكرية بدون طيار، وتتراوح هذه من الطائرات القتالية العادية، التي تطلق الصواريخ وتسقط الذخائر العنقودية المحظورة، إلى نماذج «كاميكازي» التي تدمر هدفها ذاتيًا.
ووفقًا لتقرير صادر عن كلية نيويورك بارد، هناك ما يصل إلى 30 ألف طائرة بدون طيار عسكرية مستخدمة حاليًا في جميع أنحاء العالم، والاتجاه آخذ في الارتفاع، لا يوجد بلد يريد أن يفوت هذا التطور.
ولتعرف أنه عام 2019، بلغت السوق العالمية للطائرات العسكرية بدون طيار 8.65 مليار يورو، وفقًا لتقرير صادر عن «Fortune Business Insider»، وفي عام 2027، من المتوقع أن يصل السوق إلى 19.53 مليار يورو، وتشير دراسة أجرتها «Drone Industry Insights»، إلى أنها قد تصل بالفعل إلى 35.16 مليار يورو في عام 2025.
تحلق أكثر من 10 ساعات.. طائرة مُسيرة مصرية الصنع
في معرض الصناعات العسكرية والدفاعية «إيديكس 2021»، عرض جناح مصر أول طائرة مصرية بدون طيار.
وتم اختيار اسم «نووت» للطائرة، التي اعتبرها الخبراء واحدة من أهم المعروضات في الجناح المصري، وعمل على إنجاز الطائرة بهذا الشكل المبهر 70 فنيًا مصريًا حصلوا جميعًا على تدريبات مكثفة بالتعاون بين مصنع الطائرات والكلية الفنية العسكرية.
سر اختيار الاسم
وعن اختيار اسم «نووت»، فهو رمز لآلهة السماء عند القدماء المصريين، تلك الآلهة التي تم تمثيلها في معابد لإدفو بأسوان ودندرة بمحافظة قنا وعدد من المعابد الأخرى، كما أن هناك أسطورة دينية قديمة كانت تشير إلى أن «نووت» تسمى أحيانًا «أم حورس».
مواصفات الطائرة
تتمكن الطائرة من تنفيذ مهام متنوعة؛ من بينها الاستطلاع التكتيكي وتحديد الأهداف وتصحيح نيران المدفعية، وتمييز وتتبع الأهداف، وتوجد في الطائرة المصرية كاميرا كهرومغناطيسية، وتبلغ سرعتها القصوى 180 كيلومترًا في الساعة، وتبلغ سرعتها الأفقية ما بين 120 و140 كيلو مترًا في الساعة.
ويبلغ معدل البقاء في الجو للطائرة بدون طيار المصرية 10 ساعات تقريبًا، بمعدل تسلق 5 أمتار في الثانية، وبحمولة 50 كيلو جراما، وبوزن للوقود يبلغ ما بين 50 إلى 100 كيلو جرام.
أخطر 10 مُسيرات عسكرية
حسب تصنيف موقع «آرمي تكنولوجي» الأمريكي المتخصص، هناك أخطر 10 طائرات مسيرة عسكرية تنتجها 6 دول، وهي أمريكا وبريطانيا والإمارات وتركيا والصين وإسرائيل، بينما تحدثت صحيفة صينية وموقع أمريكي آخر، عن خطورة الـ«درونز»، التي تصنعها روسيا، وتأتي المُسيرات كالتالي:
1- براديتور سي «أفنجر»
تصنعها الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت أول رحلة لها عام 2009، ويصل وزنها عند الإقلاع إلى 8.2 طن.
وتمتلك الطائرة وسائل استشعار متعددة، ونقاط تعليق خارجية ومخادع أسلحة داخل جسم الطائرة، بصورة تجعلها قادرة على حمل 3 أطنان من الأسلحة المختلفة، التي تضم صواريخ، وقنابل موجهة.
ويمكن للطائرة، أن تحلق بسرعة تصل إلى 745 كم/ الساعة، ومدة طيران متصل تصل إلى 20 ساعة، ويمكنها التحليق على ارتفاعات تصل إلى 17 ألف متر.
2- إم كيو - 5 بي «هانتر»
يستخدمها الجيش الأمريكي، وتم تطويرها لتكون طائرة مُسيرة متعددة المهام، ويمكن للطائرة حمل أكثر من 220 كجم من وسائل الاستطلاع العسكري والأسلحة، التي تشمل صواريخ وقنابل موجهة، ويمكنها أن تحلق على ارتفاعات تصل إلى 6 آلاف متر، بسرعة تتجاوز 220 كم/ الساعة، وتستطيع البقاء في الجو لمدة 21 ساعة متواصلة.
3- إم كيو - 1 سي «جراي إيجل»
تعد جزءًا من خطة الجيش الأمريكي بشأن الطائرات دون طيار، وتصممها شركة «جنرال أتوميكس»، كطائرة مسيرة قتالية، إضافة إلى قدرتها على أداء مهام الاستطلاع العسكري والمراقبة، وتصل حمولتها إلى 488 كجم، من الأسلحة المختلفة، التي تشمل صواريخ، وأنظمة اتصال.
ويصل وزن الطائرة عند الإقلاع إلى 1.6 طن، ويمكنها التحليق على ارتفاعات تصل إلى أكثر من 10 آلاف متر، وسرعة تتجاوز 300 كم/ الساعة، ويمكنها أن تبقى في الجو لمدة 25 ساعة متصلة، كما تستطيع النسخ المطورة منها البقاء لمدة تصل إلى 40 ساعة.
4- هيرون «تي بي»
تعرف أيضًا بـ«أيتان»، وهي طائرة إسرائيلية قتالية، يستخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي، ويمكنها حمل قدر كبير من الأسلحة وأنظمة الاتصال، ويشمل تسليحها صواريخ «جو - أرض»، وقنابل موجهة، ويمكن للطائرة أن تبقى 30 ساعة في الجو، خلال التحليق بسرعة تتجاوز 400 كم/ الساعة.
5- إم كيو - 9 «سكاي جاردين»
من المقرر أن تدخل الخدمة في سلاح الجو الملكي البريطاني هذا العام، ويصل وزن إقلاعها إلى 5.6 طن، ويمكن للطائرة حمل 1.8 طن من الصواريخ والقنابل الموجهة، ويمكنها أن تحلق على ارتفاعات تتجاوز 13 ألف متر، بسرعة تصل إلى 388 كم/ الساعة، ويمكنها البقاء في الجو لمدة 40 ساعة.
6- براديتور بي «إم كيو ريبر»
يستخدمها الجيش الأمريكي، وسلاح الجو الملكي البريطاني، والقوات الجوية لإيطاليا وفرنسا وإسبانيا، وهي مركبة مسيرة تم تصميمها وفقًا لمعايير حلف شمال الأطلسي «الناتو».
ويمكن للطائرة أن تبقى في الجو لمدة 27 ساعة متواصلة، وتصل سرعتها إلى 444 كم/ الساعة، ويمكنها التحليق على ارتفاعات تتجاوز 17 ألف متر، وتصل حمولتها إلى 1.7 طن من وسائل الرصد العسكري والأسلحة، غالبيتها في نقاط تعليق خارجية، ويشمل تسليح الطائرة صواريخ وأنظمة رادار، وقنابل موجهة.
7- سي إتش - 5
تم تطويرها بواسطة شركة «كاسك» الصينية، وكان أول ظهور لها في 2016، وهي تشبه الطائرة المسيرة الأمريكية «إم كيو 9 ريبر»، ويمكن للطائرة القيام بمهام قتالية، إضافة إلى مهام الاستطلاع والعمليات الاستخباراتية، يصل وزن إقلاعها إلى 3.3 طن، وحمولتها من الأسلحة 1.2 طن، ويضم تسليح الطائرة صواريخ مضادة للدروع، إضافة إلى أسلحة أخرى، وتصل سرعتها إلى 218 كم/ الساعة، ويمكنها البقاء في الجو لمدة 60 ساعة متصلة.
8- يبهون يونايتد 40
وتعرف أيضا بـ«سمارت آي - 2»، وهي طائرة مسيرة تصنعها شركة «أدكوم» الإماراتية، وتستخدم الجزائر تلك الطائرة تحت اسم «الجزائر- 54»، وهي طائرة متعددة المهام تصل حمولتها إلى طن واحد، ويمكنها القيام بمهام الاستطلاع، إضافة إلى قدرتها على تنفيذ مهام قتالية، وتصل سرعة الطائرة إلى 218 كم/ الساعة، ويمكنها البقاء في الجو لمدة 120 ساعة، ويصل وزن إقلاعها إلى 1500 كجم.
9- وينج لونج
وتعرف بـ«وينج لونج 2»، وهي مركبة مُسيرة قتالية، يستخدمها الجيش الصيني، ويوجد منها طراز سابق يحمل اسم «وينج لونج 1»، أقل تطورًا.
ويمكن للطائرة تنفيذ مهام الاستطلاع العسكري، وتنفيذ ضربات جوية ضد أهداف معادية، ويمكنها حمل نصف طن من الصواريخ والقنابل الموجهة، على نقاط تعليق خارجية، ويمكنها أن تبقى في الجو لمدة 32 ساعة، وتصل سرعتها القصوى إلى 368 كم/ الساعة، وتستطيع التحليق على ارتفاعات تصل إلى أكثر من 10 آلاف متر.
10- تي إيه آي «أنكا»
طائرة مُسيرة تعمل في الجيش التركي منذ عام 2017، ويمكنها تنفيذ مهام الاستطلاع العسكري والمراقبة، ويمكن للطائرة أن تنفذ مهام قتالية، بما تحمله من أسلحة تشمل قنابل دقيقة التوجيه، وصواريخ موجهة، ويصل وزنها عند الإقلاع إلى 1.6 طن، ويمكنها البقاء في الجو لمدة 24 ساعة، والتحليق على ارتفاعات تصل إلى أكثر من 10 آلاف متر.
استخدامات مدنية لـ«المُسيرة»
لم تقتصر استخدامات الطائرات المسيرة على الاستخدامات العسكرية، بل تخطت هذا ليتم استخدامها في بعض الأغراض المدنية، ولعبت أجهزة استشعار الحركة والبطاريات، التي باتت متوفرة أيضًا، دورًا في خروج «الدرون»، لدائرة مجموعة من الهواة المدنيين، ليصبح هناك ملايين من الطائرات دون طيار تباع كل عام بتكلفة رخيصة، وهي مزودة بأربع مراوح وعناصر تثبيت تلقائية تسهل على المستخدم استعمالها.
وساعد ظهور الكاميرات عالية الدقة والرادار القائم على الليزر، في جعل هذه الطائرات أداة ذات جاذبية كبيرة بالنسبة للمزارعين الذين يمكنهم استخدامها لتفقد محاصيلهم بمراقبتها من السماء، ولخبراء التأمين ليدرسوا الأضرار الناجمة عن العواصف.
وامتلك مليون أمريكي الـ«درون»، وامتلك 110 آلاف آخرين تراخيص قيادتها لأغراض تجارية.
المُسيرات والإرهاب
يقول المدير السابق لمكافحة الإرهاب في وكالة الاستخبارات المركزية «CIA»، الكاتب بيرنارد هادسون، إن الطائرات المُسيّرة صارت تشكل إرهابًا حقيقيًا وخطرًا كبيرًا، بينما يتم توجيهها والتحكم بها عن طريق أداة تحكم كما في الألعاب الإلكترونية المسلية، وذلك تعليقًا على محاولة الاغتيال الفاشلة ضد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في أغسطس 2018، التي نُفذت باستخدام طائرة من دون طيار كانت تحمل متفجرات.
وأشار «هادسون» في مقالة حينها نشرتها صحيفة «واشنطن بوست»، إلى أن جماعة الحوثي زعمت أنها أرسلت طائرات من دون طيار مسلحة لمهاجمة مطار أبوظبي في الإمارات، غير أنه لم يقتل أي شخص في الحالين وظلت الملابسات غامضة، بيد أنه صار من الواضح أن عهدًا جديدًا وخطرًا من الإرهاب الذي لا ترعاه الدولة بدأ وذلك في لحظة ليس هناك أحد مستعد لمواجهته ورأى «هادسون» أن هاتين الحادثتين وغيرهما ستشجع مجموعات أخرى ذات خبرة تكنولوجية وأفرادًا ساخطين على استخدام هذا النوع من الطائرات لارتكاب العنف السياسي، مؤكدًا أن المحاولة الفاشلة في أبوظبي كانت ستتسبب في خسائر بشرية فادحة لو أنها تمكنت من إصابة إحدى طائرات الركاب.
وفي نوفمبر 2021، نجا رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي من محاولة اغتيال فاشلة بطائرة مُسيّرة، مما أثار الجدل حول استخدام «الدرونز»، من جانب ميليشيات وجماعات مسلحة.
واستهدفت طائرات «درونز»،عددًا من القيادات الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص ولم تتوان تركيا أيضًا عن استخدامها في استهداف المدنيين وتسببت في مقتل أكثر من 700 مدني معظمهم في العراق وليبيا وسوريا، إضافة إلى العمليات التي نفذتها هذه الطائرات داخل الأراضي التركية نفسها ضد قوات حزب العمال الكردستاني.