تحل اليوم الذكرى الأولى لرحيل الدكتور صلاح الراوي، أستاذ الأدب الشعبي بالمعهد العالي للفنون الشعبية، والذي رحل عن عالمنا عن عمر يناهز الـ75 عاما بعد صراع مع المرض .
ويعد الراوي أحد أعمدة ورواد الأدب الشعبي وعلم الفولكلور، كما يعد أحد أعمدة المعهد العالي للفنون الشعبية؛ فقد تقلد العديد من المناصب القيادية بالمعهد بالإضافة إلى ترأسه قسم الأدب الشعبي، وحتى بعد بلوغه سن التقاعد ظل مشرفًا على القسم حتى لحظاته الأخيرة.
وكان كتابه «حياة الحيوان» للدميري تصنيف ودراسة، والصادر عن معهد الشارقة للتراث الطبعة الثانية آخر إصداراته الأكاديمية في علم الفولكلور ولـ"الراوي" إسهامات عدة ليس فقط في مجال علم الفولكلور والتراث الشعبي وطرق تصنيفه وتحديد أجناسه وإنما أيضًا اسهامه كأحد علماء هذا المجال الشديد الخصوصية بفضل محاضراته التي يلقيها لطلبة أكاديمية الفنون خاصة محاضراته بالمعهد العالي للفنون الشعبية وحكاياته عن الأدب الشعبي ومحاولاته الجادة وحرصه على إشغال عقول الطلبة وحثهم على البحث الجاد في ايجاد تعريف للأدب الشعبي يتماس مع هويتنا الحضارية والثقافية، فالكثير من هؤلاء الطلبة هم الأكثر والأوفر حظًا بأنهم من تلاميذ «الراوي» الذي استطاع بمهارته وخبرته وضلوعه في اللغة العربية أن يبني لديهم عقلية نقدية تحرص على البحث والتنقيب حتى تخرج بمخرجات علمية رصينة نتيجة بحث وتفكير عميق، ونجد أن أغلب تلاميذه أيضًا قد أسهموا في مجال التراث والأدب الشعبية والموروث الثقافي بالعديد من الإصدارات البالغة الأهمية.
رغم رحيل الدكتور صلاح الراوي لكن ستمتد آثاره ومعطياته الفكرية للأجيال القادمة خاصة مقالاته في مجال الأدب الشعبي والموروث الثقافي ومحاولة الوصول إلى تقسيم منهجي رصين لعلم الفولكلور، فربما يكتب البعض عن سيرته الذاتية ويوم ميلاده وتاريخ تخرجه وحصوله على العديد من الجوائز، وهذا مجرد تاريخ وشهادات ومشاركات مضت بمضي صاحبها، لكن الأثر الأهم الذي تركه الدكتور صلاح الراوي هم من تتلمذوا علي يديه وإشرافه على رسائل الدكتوراه والماجستير تلك الأطروحات التي تحولت فيما بعد مادة علمية خصبة للأجيال القادمة، فبين السيرة والحكاية والحدوتة واللغز والنكتة وكل الفنون القولية، وكل ما يعتمد على اللغة وكل ما صنعه الأجداد وأورثوه للأبناء والأحفاد، فمن جيل لجيل ما صنعه "الراوي" سواء على المستوى الأكاديمي او على المستوى الإنساني سيظل مخلدًا بين طلابه ومحبيه، وبين زملائه ورفاق دربه بالجامعة أو بأكاديمية الفنون.
الراوي كان دارسًا ومحبًا للغة العربية لذلك جاءت أطروحة الدكتوراه الخاصة به في شعر البدو حيث مكث هناك أشهر عدة يجمع التراث والفنون القولية ليخرج برسالة دكتوراه في الأدب الشعبي بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى، هذا على المستوى الأكاديمي أما إسهاماته في مجال البحث العلمي فهي كثيرة بالإضافة إلى إشرافه على العديد من مشاريع التخرج ورسائل الماجستير والدكتوراة والعديد من المشروعات ذات الطابع المهم ومنها إشرافه على مشروع أطلس الفولكلور المصري وتأسيس العديد من المشروعات ومنها عمله كمشرفًا عامًا على إنشاء وإدارة المواقع الثقافية بمثلث حـلايب وشـلاتين.