جوليان أسانج صحافي أسترالي أسس موقع ويكيليكس الشهير. وقد أصبح أكثر شهرة بعد نشره مئات الآلاف من الوثائق السرية المتعلقة بالأنشطة العسكرية والدبلوماسية الأمريكية المرتبطة بالعراق وأفغانستان وغيرهما. كان التأثير العميق على العالم الذي أحدثه موقع ويكيليكس غير مسبوق، وقبل ويكيليكس كنا نعرف عن قادة الدول الكبرى وحكوماتهم والشركات العابرة للقارات فقط ما يريدون منا أن نعرفه. وتمكن ويكيليكس من كشف الفساد المستشري بالوثائق السرية المسربة من مصادرها والتي أظهرت عددًا لا يحصى من الظلم الذي ترتكبه الحكومات والشركات الخاصة عندما تتحالف من أجل مصالحها خلف جدران من السرية. وتريد الولايات المتحدة محاكمة أسانج بتهمة نشر معلومات تهدد الأمن القومي. فرنسا بلد الديمقراطية وحرية التعبير رفضت جمعيتها الوطنية مقترحًا لمنح أسانج اللجوء لديها. أما استراليا مسقط رأسه فأعلنت أنها لن تعترض على تسليمه من سجن بلمارش في لندن لأميركا رغم كون الأعراف الدبلوماسية تشير إلى أنها لديها الحق والأسبقية في المطالبة بتسليمه إليها ومحاكمته على أرضها. أما بريطانيا التي لديها سوابق في احتضان العديد من الإرهابيين ومنحهم اللجوء ورفض تسليمهم إلى دولهم رغم كونهم مطلوبين على ذمة قضايا، ومع ذلك يوافق القضاء البريطاني على طلب تسليم أسانج للولايات المتحدة الأمريكية ولا يرى أي خطر على حياته رغم توجيه 17 تهمة لاسانج تصل عقوبتها لـ175 عامًا بادعاء أنه عدو عرّضَ أمنها القومي للخطر بعد فضح سياساتها وخططها لتدمير دولٍ وشعوب!
الجديد بالنسبة لقضية أسانج الآن أن هناك حملاتٍ وأنشطةً واسعةً من المجتمع المدني في العالم للضغط للمطالبة بحريته وكشف الجرائم التي ترتكبها الدول الكبرى في حق العديد من الشعوب والأهم فضح الأوجاع التي تئن منها حرية التعبير تداول المعلومات. لذلك قرر كيم ستاتون مؤسس منصة "أفلام من أجل التغيير" إنتاج فيلم وثائقي بعنوان "حرِّروا الحقيقة: حرِّروا أسانج". ويعتمد إنتاج الفيلم على التبرعات التي يتلقاها من الناس في كل مكان للمساعدة في تغطية تكاليفه وتبرع 600 شخص حتى الآن وتتولى المنصة نشر مبالغ التبرعات تباعا من باب الشفافية حيث يتكلف الفيلم نحو 75 ألف دولاروهي تكلفة لقطة في فيلم تجاري أمريكي!
كانت هناك العديد من الأفلام الوثائقية التي تم إنتاجها حول أسانج والتي تكرس روايات كاذبة أو تركزعلى الدراما والجدل حول الأحداث التي أدت إلى لجوئه إلى السفارة الإكوادورية في لندن واعتقاله وسجنه. لكن صناع الفيلم الجديد اتخذوا نهجًامختلفًا تمامًا، وبدلًا من ذلك يقدمون حجة قوية لدعم حريته، وتسليط الضوء على سابقة مهمة جدًا للصحافة الاستقصائية ووسائل الإعلام المستقلة، وكيف تؤثر النتيجة على كل واحد يعيش على هذا الكوكب. وقد بدأ العمل في مشروع الفيلم هذا في فبراير 2021، مع تسجيل شهادات الكثير من المفكرين والمؤلفين والمحامين والنجوم البارزين وأفراد من عائلته ومازال صنّاع الفيلم في انتظار الحصول على الإذن لتضمين تسجيلات لأقوال شهود خلال جلسات المحاكمة. وتكشف بعض التسجيلات أن القضية ضد أسانج ذات دوافع سياسية بهدف تقليص حرية التعبير وتجريم الصحافة وإرسال رسالة واضحة إلى الناشرين المحتملين في المستقبل بأنهم سيُعاقبون أيضا إذا تجرؤوا وتحدثوا. ومن المتوقع أن يعزز الفيلم الحملة لتحرير أسانج وحث السلطات الأمريكية على إسقاط التهم الموجهة إليه والسماح لأسرته بإعادته إلى الوطن أستراليا. كما يهدف لنشر الوعي لدى المجتمع الأوسع حول جرائم حرب وأفعال مخزية من قبل الولايات المتحدة مست يشكل صارخ حرية التعبير ومبادئ الديمقراطية التي يكفلها الدستور الأمريكي ويعتبر الفيلم أن القضية والوضع ككل اختبار حقيقي للقيم الغربية المشتركة التي تتباهى بها حكومات غربية كلما أرادت تأديب دولة خرجت عن طاعتها. المنصة أعلنت أنَّ الفيلم سيكون جاهزًا قبل نهاية العام الجاري كما ألمحَت لتعرض فريق الإنتاج للملاحقة والمضايقات خلال سفره للتصوير وتسجيل شهادات المقربين من أسانج. ولا غرابة في ذلك فهذا ما يحدث الآن من القوى الكبرى التي تتصرف مثل الوحوش في الغابة وتعيث فسادًا في العالم دون رقيب أو حسيب.. لكنَّ الجديد ربما هو أنَّ عربدتها لم تعدْ تحظى بالسرية بعد سقوط الأقنعة وكان لموقع ويكيليكس السبق ولأسانج المبادرة. لننتظر عرض الفيلم وما إذاَ كان سيستمرُّ في تحريك المياه العفنة في أركان الديمقراطية الغربية مثلما فعلَ بطله من قبلُ
آراء حرة
أوجاع حرية التعبير وتداول المعلومات!
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق