تتواصل الاحتجاجات في إيران منذ قرابة شهر، حيث انطلقت في 16 سبتمبر الماضي، احتجاجًا على وفاة الشابة الكردية مهسا أميني في أحد مراكز الاحتجاز، بعد القبض عليهم من قبل ما يعرف بشرطة الأخلاق بتهمة «الحجاب المسيء».
وتسببت واقعة مقتل الفتاة الإيرانية في إطلاق شرارة الاحتجاجات التي وصفت بالأقوى خلال السنوات الأخيرة، حيث امتدت رقعتها إلى عشرات المدن الإيرانية، إضافة إلى الجاليات الإيرانية، ودعم مؤسسات دولية لحقوق الإنسان المنتهكة في إيران، وإدانة القمع الذي يتعرض له المحتجون.
أحكام قاسية
ولجأت السلطات في إيران إلى تصدير تهديدات تتضمن إصدار أحكام قضائية قاسية ضد المشاركين في الاحتجاجات، حيث تلقت السلطة القضائية في إيران تعليمات بعدم التساهل في الأحكام الصادرة في حق من يتبين أنهم "العناصر الأساسيون للشغب".
أفاد الموقع الإلكتروني للسلطة القضائية في إيران الخميس، أنه تلقى تعليمات بعدم التساهل في الأحكام التي سيصدرونها بحق من يظهر أنهم "العناصر الأساسيون للشغب"، في ظل احتجاجات تشهدها البلاد منذ زهاء شهر في أعقاب وفاة مهسا أميني.
وسقط عشرات القتلى على هامش هذه الاحتجاجات بينهم عناصر من قوات الأمن، بينما أعلنت السلطات توقيف المئات لضلوعهم في "أعمال شغب".
وأورد موقع "ميزان أونلاين" التابع للسلطة القضائية أن رئيسها غلام حسين محسني إجئي "أعطى توجيهاته للقضاة بتفادي تبسيط المسألة وإبداء تعاطف غير مبرر وإصدار عقوبات مخففة للعناصر الأساسين لأعمال الشغب هذه"، ورأى أن عقوبات مخففة بحق هؤلاء هي "ظلم بحق الشعب والمستقبل".
إلا أن رئيس السلطة القضائية شدد على ضرورة إبداء ليونة بحق من يشاركون في الاحتجاجات دون إثارة أعمال شغب، موضحا أنه "يجب أن تتم مراعاة بعض مراحل التساهل مع الناس الذين يمكن إدراجهم ضمن العناصر الأقل ذنبا".
ولفت إلى أن ذلك يشمل "الإفراج عنهم إلى حين بدء إجراءات المحكمة"، وإصدار أحكام مخففة "في حال أبدوا خلال الإفراج ندمهم"، مؤكدا أنه "في حال أظهروا سلوكا حسنا وبات مؤكدا أنهم لن يرتكبوا جريمتهم مجددًا بعد صدور الحكم بحقهم، سيتم إبداء تساهل قضائي إضافي معهم.
وتتزامن تلك التهديدات مع إصدر القضاء الإيراني حكما بالسجن خمسة أعوام بحق السياسي الإصلاحي مصطفى تاج زاده، الموقوف منذ يوليو بتهمة تقويض أمن الدولة، وفق محاميه.
وخلال الأعوام الماضية، عمل تاج زاده للدفع من أجل إجراء "تغييرات هيكلية" واتخاذ إجراءات لتعزيز الديمقراطية في الجمهورية الإسلامية. وفي أغسطس، دعت "الجبهة الإصلاحية" وهي أبرز تكتل إصلاحي في الجمهورية الإسلامية، إلى الإفراج عن تاج زاده في أقرب وقت ممكن، وذلك في رسالة مفتوحة الى السلطة القضائية.
تكرار مجزرة 1988
وتأتي تهديدات السلطة القضائية في إيران للمشاركين في الاحتجاجات. وسط مخاوف من تكرار مجزرة 1988 والتي تمثلت في محاكمات صورية، وإعدامات سرية وسريعة، نفذها بحماس جلادو النظام، من أعضاء "لجنة الموت"، بمن فيهم الرئيس الحالي إبراهيم رئيسي، ونائب المدعي العام حميد نوري، والنتيجة قتل وإخفاء آلاف السجناء السياسيين في إيران.
ووفق شهادات مسئولين سابقين في إيران، فإن محاكمات المعارضين في ذلك الوقت تمت على نحو "سريع جدًا" بناء على أوامر من المرشد الإيراني الأسبق الخميني، كما أن جلسات محاكمات أولئك الأشخاص لم تستغرق بضع دقائق في بعض الأحيان.
وتقدّر منظمة مجاهدي خلق أعداد الضحايا ممن تم شنقهم بما لا يقل عن 30000 في جميع أنحاء إيران، تاركة أمهات ثكلى وأطفالًا مُيَتَمِين، بل إن أسرًا بكاملها أبيدت في المجازر.
وتقول المنظمة المعارضة إن الخميني أصدر حينها فتوى تأمر بذبح السجناء السياسيّين، وشكلت لتنفيذ المجازر ما لا يقل عن 35 لجنة في جميع أنحاء إيران.