قال الدكتور علي الدين هلال المفكر السياسي ومقرر المحور السياسي بالحوار الوطني، إن تجربة الحوار الوطني ليس لها سابقة في تاريخنا السياسي، ولم يحدث من قبل هذا الحوار على هذا المستوى وبقدر هذا الاتساع وبهذا الحجم من دقة الإجراءات، مشيرا إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي حريص على الاستفادة من كل الآراء، وهذا واضح في تشكيل مجلس أمناء الحوار الوطني، والمقررين والمقرريين المساعدين بلجان الحوار، الذي يعبر عن كامل الطيف السياسي في مصر.
وأضاف هلال - في حوار خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط - أننا إذا كنا نريد الدخول في مرحلة جديدة، لابد أن نستفيد من كل الآراء في شكل مقترحات محددة وتشريعات تُمثل مخرجات الحوار الوطني، موضحا أن الحوار الوطني بداية مرحلة تأسيسية من تطور نظام الحكم والنظام السياسي في مصر.
وتابع أن مصر منذ عدة سنوات تقوم بجهد خارق في بناء البنية التحتية وتطوير جوانب كثيرة من المجتمع، والقيادة السياسية صورت هذا تحت شعار "الجمهورية الجديدة"، وهو نفس شعار الحوار الوطني "الطريق إلى الجمهورية الجديدة"، حيث أن كل القوى السياسية ترسم معا معالم هذا الطريق إلى هذه الجمهورية.
وأوضح أن القضايا التي تضمنها الحوار الوطني، تحددت من خلال المساهمات والآراء والاقتراحات التي تقدمت بها الأحزاب السياسية والقوى الوطنية والمواطنون، حيث أنه منذ 3 أشهر تم فتح الباب أمام كل الأحزاب والتيارات والأشخاص والهيئات، ليطرح الجميع رأيه واقتراحاته التي يعتقد أنها مهمة سواء للمجتمع ككل أو لإحدى الفئات أو القضايا السياسية والاجتماعية، ومن ثم جاءت المحاور الثلاثة للحوار الوطني "السياسي – الاقتصادي - الاجتماعي"، ثم تحديد الموضوعات الفرعية.
وأكد المفكر السياسي أن الحوار شامل لكل القضايا والموضوعات، والباب لا يزال مفتوحًا، وإذا تبين خلال النقاش أن هناك قضية مهمة لم تعط قدرها المناسب، من الممكن أن تضاف مجموعة عمل جديدة للمناقشة.. لافتا إلى أن ذلك اتضح خلال تشكيل اللجان النوعية، حيث تم اضافة مجموعات عمل جديدة (محاور فرعية ) لكل من المحاورالثلاثة للحوار الوطني.
ونوه بأن مجلس أمناء الحوار الوطني حريص على الدقة في إجراءاته وبناء الثقة بين الأطراف المختلفة لأن الجالسين على طاولة الحوار الوطني أشخاص لم يسبق لهم أن يجلسوا معًا، مؤكدا سرعة إجراءات مجلس الأمناء للانطلاق نحو الحوار، حيث أنه بعد تشكيل اللجان حدث اجتماع بين مسؤولي اللجان والمستشار محمود فوزي رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني لشرح النقاط التفصيلية، ثم كل محور عقد اجتماعا، وحدث اجتماع بعد ذلك بين مجلس أمناء الحوار وكل اللجان والمقررين والمقررين المساعدين ثم إعلان خطة انعقاد الجلسات لمحاور الحوار.
وقال هلال: "إن أول مهمة للحوار الوطني بناء الثقة وهناك مرحلتان لبناء الثقة، الأولى بناء الثقة بين النخب السياسية والعاملين في الحقل السياسي والأحزاب والقيادات السياسية، والجانب الآخر على مستوى المواطنين، فالحوار يدور بين النخب وممثلي التيارات السياسية والمثقفين والباحثين والقادة، وبناء الثقة لا يأتي بالكلام والوعظ والإرشاد، وإنما بالإجراءات وتمثل ذلك في عدم الإقصاء".
وأضاف: " لا يوجد رأي يقصى من الحوار، إلى جانب عدم وجود تصويت، فلا توجد غلبة وإنما مناقشة.. لو اتفقنا كان بها، وإذا لم نتفق يتم الاستناد إلى تقرير محضر الاجتماع وما تم مناقشته وعرض الآراء المختلفة ومن هنا تأتي الثقة، على عكس التوتر الذي يأتي إذا كان المشاركون بالاجتماع يشعرون أن رأيهم ليس له قيمة، وهذا ليس موجودًا في الحوار الوطني فأي رأي سيسجل والجميع له حق الحديث إلى جانب خلال تحديد أسماء المتحدثين وترتيبهم يراعى الفرصة المتساوية بين كل الاتجاهات السياسية".
وتابع: "أما بناء الثقة على المستوى الجماهيري والشعبي، فقد تم دعوة الأحزاب والقوى السياسية والنقابات لعقد اجتماعات جماهيرية وشعبية لمناقشة قضايا الحوار كل فيما يخصه، وإرسال وجهة نظره مكتوبة ومنسوبة لهيئتها لإدارة الحوار"، مؤكدا أن الهدف من الحوار هو خلق حالة حوار في المجتمع، وأن يشعر المواطنون بحقهم المشروع في التعبير عن رأيهم الذي يحميه القانون وتحميه الدولة، حيث أن الدولة مستفيدة من كل الآراء سواء فيما يتعلق بتشريعات أو اقتراحات أو سياسات جديدة.
ولفت إلى أنه سيتم تطبيق القواعد داخل المحور السياسي لخل حالة التوافق، حيث أننا عقدنا اجتماعا لمقرري ومقرري مساعدي لجان المحور السياسي، وكل لجنة قدمت تصورها وتم مناقشته، واختلفنا في أمور واتفقنا في أخرى، وفي أغلب الأحيان وصلنا إلى توافق، منوها بأن لجنة المحليات بالمحور السياسي ستقوم بدراسة جميع المقترحات ومشروعات القوانين التي تخص ملفات المحليات، ونفس الأمر ينطبق على باقي لجان المحور السياسي.
وأشار إلى أن الغالبية العظمى من الأحزاب السياسية المصرية تشارك في الحوار الوطني، وهو أمر يحمد لهم، لأنهم يشعرون بأننا في مرحلة تستدعي التقارب والتضامن وبناء الثقة وطرح أفكار لتطوير كافة المجالات، مؤكدا أن موقف القوى والأحزاب من كافة التيارات كان موقفًا مسؤولا وطنيًا؛ لأن هناك حرصا عاما من الجميع على إنجاح الحوار.
وشدد على أن العلاقة بين الحوار الوطني والمؤتمر الاقتصادي الذي يعقد خلال الشهر الجاري علاقة تكاملية، حيث أن أعضاء المحور الاقتصادي بالحوار سيحضرون جلسات المؤتمر الاقتصادي وكل مخرجاته ستصب في الحوار الوطني.
وحول موعد الانتهاء من الحوار الوطني، قال هلال: "إن هذا السؤال من أكثر الأسئلة التي يتم ترديدها، لكن نحن بين نارين، أولها نريد العمل بأمانة ولا نقصي رأي والجميع يتحدث، وفي نفس الوقت لا نريد أن يستمر النقاش إلى مالا نهاية، لكن أتصور في الشهور الأولي من العام القادم، ربما فبراير أو مارس من الممكن أن تتبلور نتائج الحوار الوطني".
ونوه بأن هناك محظورين في الحوار الوطني، والمتحاورون حريصون على الالتزام بعدم الاقتراب منهما، أولهما ألا يتحول الحوار إلى مكلمة بمعنى أن يصبح الكلام هو الهدف في حد ذاته وهذا ليس مطلوبا، وإنما مطلوب التعبير عن الرأي في إطار القضايا المحددة المثارة، وثانيهما ألا يتحول الحوار إلى مساجلة أو مناظرة في ظل وجود اختلاف، وهو ألا نحاول إثبات خطأ وجهات النظر، ولكن نبحث عن المساحة المشتركة بيننا، وهذه المساحة كبيرة.
وقال الدكتور علي الدين هلال - في ختام حديثه - إن جميع الفرق المشاركة في الحوار الوطني حريصة على حل المشاكل التي تطرأ أولا بأول بما يحقق هدف الحوار الوطني وأن ينتهي بقضايا محددة، ومشروعات قوانين أو توصيات أو إجراءات يتم رفعها إلى القيادة السياسية.