لا يزال بطريرك الكنيسه الأرثوذكسية الراحل البابا شنودة، الي وقتنا هذا، محل دراسة وتعليم، ليس فقط من قبل الاقباط، ولكن تطرق الامر الي محبه المسلمين لتأريخ حياته ورحلة الرهبنة، وكيف ارتدي الانبا شنودة اسقف التعليم عباءة الكرسي البابوي، كل تلك الاحداث كانت شغفا يحمله الباحث اللواء أحمد الجعلي، ابن مركز سمالوط بمحافظة المنيا، في طياته، مما جعله يحصل على درجة الدكتوراه من كلية الآداب بجامعة عين شمس، عن رسالة بعنوان: "البابا شنودة الثالث دراسة تاريخية".
دارت محاور الرسالة واهدافها عن قداسة البابا شنودة الثالث، من عام 1923 الي عام 2012 كدراسة تاريخية في مراحل ميلاده حتى وفاته مرورا بتوليه كرسي البابوية، فكان لـ"البوابة" فرصة إجراء حوار صحفي معه.. فإلى نص الحوار:
* في البداية كيف تري الراحل البابا شنودة؟
** يحتل قداسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، وهو البابا الـ117 في تاريخ باباوات الكنيسة الارثوذكسية، مكانة كبرى في قلوب كل المصريين لمواقفه الوطنية والإنسانية وقيادته للكنيسة بحكمة ومحبة لمسها الجميع، وهو إضافة إلى ثقافته الموسوعية كان مشهودا له بأنه رجل صلاة لم يتخل او ينسى يوما أنه راهب بسيط ترك كل ملذات العالم خلف ظهره، ليمتلك القلوب التى كان كل هدفه أن كون وجهتها نحو الله فقط، الرجل الذى أمتلك القلوب بمحبته، ظهر تقدير الناس لقيمته في الجنازة التى شارك فيها ملايين المصريين، والتى وصفها المتابعون بأنها جنازة القرن.
* وكيف بدات رحلة البحث عن حياه البابا شنوده؟
** حياه البابا شنودة كانت شغفا هائلا لي لأنه اولا كان طفلًا وحيدًا ماتت أمه دون أن يرضع منها، وعاش فترة من طفولته المبكرة بلا صداقة أو زمالة ولا لعب مثل باقي الأطفال، وانا أرخت لحياته منذ السنة الأولى من حياته الدراسية، وهي روضة الأطفال، فكانت سنة ضائعة حيث لم يتلق في تلك السنة أي شيء من العلم، إلى أن ذهب مع اخيه الي دمنهور، وعاش معه وأخذ فترة الروضة في سنة واحدة.
ثم انتقل إلى الابتدائية، وأرخت ايضا أنه قارئ منذ الصغر بشكل كبير، وكان مجاور لأصدقاء اخيه، مما جعله اكبر من عمره السني، الي ان عاد الى اسيوط مره اخري، واصبح مواظبا علي الكنيسة، انشغالا كاملا بالقداسات الكيرلسى التي كان يصليها نيافة الأنبا مكاريوس أسقف أسيوط، الذي صار فيما بعد البابا مكاريوس الثالث مع عظات من الارشيد ياكون إسكندر وكان أشهر واعظ في زمانه كله، في هذه السنة تتلمذ بشكل جيد سواء كنسيا او تعليميا وهذه النشأة هي التي جعلته رجلا حكيما جدا.
* وكيف قمت بتأريخ خلافات الرئيس أنور السادات مع البابا شنودة؟
** فترة السبعينات كانت فترة الصدام بين الرئيس محمد انور السادات والبابا شنودة، كان لابد من الصدام ، الصدام كان آت لا محالة، وهناك من اتهم البابا شنودة بالمبالغة في ردود افعاله، والدراسة نفت ذلك، وبحسب الدراسة، التي قدمتها فقد ارتكب السادات في فترة السبعينات خطأً قاتلا، وهو الافراج عن الجماعات الارهابية، وهو ما اعترض عليه البابا شنودة، ويذكر ان هذه الجماعات قتلت الكثير من ابناء هذا الوطن.
* وكيف ترى شخصية البابا شنودة قبل وبعد نفيه من السادات؟
** كان قبل النفي متسرعا وعصبيا، وقرارته انفعالية، لكن بعد انتهاء تلك الحقبة اصبح اكثر هدوء واكثر حكمة واصبح لا ينصت لأي أحد من المحيطين به.
* وما رأيك في علاقتهما بعد قرار السادات؟
** اري ان البابا شنودة كان حكيما جدا في قرارته بعد الاحداث فكان السادات يري ان معاملة اقباط المهجر السيئة له بسبب البابا شنودة ولكن هذا خطا تماما لان البابا شنودة كان يرسل خطابات للمهجر يطالبهم فيها باستقبال حافل لزياره الرئيس السادات، وهذا موثق بالمراجع.
* وما هي محاور تلك الرسالة؟
** دارت محاور الرسالة واهدافها حول قداسة البابا شنودة الثالث من عام 1923 الي عام 2012 كدراسة تاريخية في مراحل ميلاده حتى وفاته، مرورا بتوليه كرسي البابوية، ورسائل الماجستير في التاريخ الحديث والمعاصر من الأشياء التي تخلط الأمور على الدارسين، حيث يخلط بعض الباحثين بين التاريخ الحديث والتاريخ المعاصر، ولكن الجدير بالقول أن هناك فرق كبير بينهما.
* وكيف تمكنت من البحث في التاريخ؟ وما الفرق بين التاريخ الحديث والمعاصر؟
** التاريخ الحديث والمعاصر من الأشياء التى تخلط الأمور على الدارسين، حيث يخلط بعض الباحثين بين التاريخ الحديث والتاريخ المعاصر، رغم ان هناك فرق كبير بين التاريخ الحديث والتاريخ المعاصر، حيث يسعى العديد من الدارسين فى مرحلة الدراسات العليا لإعداد رسائل ماجستير ودكتوراه في التاريخ الحديث والمعاصر، فيصعب على الدارس إعداد رسالة ماجستير في التاريخ الحديث والمعاصر، دون الاستعانة بالمتخصصين في هذا المجال، فيجب أن تدور الرسالة حول مشكلة ما وكيفية حلها ويجب أن تتعلق بموضوع واحد فقط لذلك حرصت على تقديم افضل بحث ودراسة عن التاريخ الحديث والمعاصر.
* وما هي الجوانب العلمية في حياة البابا شنوده؟
** كثير من الاحداث التي عاشها لم يتناولها الناشرون؛ ففي عام 1939 بدأ خدمته فى مدارس التربية الكنسية بكنيسة العذراء بمهمشة بالقاهرة، وفي سنة 1946 بدأ خدمته بكنيسة القديس الأنبا أنطونيوس بشبرا مصر، وفي سنة1947 حصل على ليسانس الآداب قسـم التاريخ من كـلية الآداب بجامعـة فـؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليا).
و فى نفس السنة (1947) تخرج من كلية الضباط الاحتياط، بينما تخرج من الكلية الإكليريكية سنة 1949، وعمل في مجال التدريس، وفي العام ذاته تكرس للخدمة وللتدريس بالإكليريكية، وتولى رئاسة تحرير مجلة مدارس الأحد في أكتوبر1949 إلى وقت رهبنته في شهر يوليو 1954.
كما قام بالتدريس في مدرسة الرهبان بحلوان عام 1953، وفى 1954 ترهب بدير السيدة العذراء (السريان) بوادي النطرون باسم الراهب أنطونيـوس السريانى، وصار أمينا لمكتبة دير السريان، ومن عام 1956 إلى عام 1962 عاش حياة الوحدة في مغارة تبعد حوالى 7 أميال عن مبنى الدير مكرسًا فيها كل وقته للتأمل والصلاة، بينما تمت سـيامته قسًا يوم الأحد 31 أغسطس 1958 بيد أنبا ثاؤفيلس أسقف الدير وقتها، وفى يونيو 1959 اختاره القديس البابا كيرلس السادس ليكون سكرتير خاص له.
* وهل كان هناك خلاف بين البابا كيرلس والانبا شنودة في ذلك الوقت؟
** نعم، وذلك جاء بعد توليه عظة الاحد فاصبح ذو شعبيه كبيره جدا مما اثار غضب البابا كيرلس فمنعه من بثها للشعب وارجعه الي مكانه ولكن حدث ما لم يتوقعه البابا كيرلس وهو مطالبه الشعب بعودة العظات وبالفعل تم عودته.
* وكيف تولي البابا شنودة الكرسي البابوي؟
** بعد وفاه البابا كيرلس السادس يوم 9 مارس 1971، تم تزكيته من المجمع المقدس بكامله للجلوس على الكرسي البابوي، ولكن الوحيد الذى اعترض على التزكية هو الأنبا شنودة اسقف التعليم وخضع المجمع المقدس لرأى الأنبا شنودة، وأجريت الانتخابات حسب اللائحة التى انتخب بها البابا كيرلس السادس (وعرفت بلائحة ٥٧).
وكان الأنبا شنودة ضمن الثلاثة " الأنبا صموئيل اسقف الخدمات - الأنبا شنوده اسقف التعليم - الراهب القمص تيموثاوس المقارى" الذين اختيروا بالانتخاب يوم 26 أكتوبر 1971م، وفى يوم الأحد 31 أكتوبر 1971م تم اختياره بالقرعة الهيكلية بطريركا، وفى يوم الأحد 14 نوفمبر 1971 تم تتويجه وتجليسه على الكرس البابوي.
* وهل هناك لوائح بعد توليه الكرسي البابوي؟
** طبعا؛ ففي عهده ظهرت بعض اللوائح المنظمة للعمل الكنسي مثل لائحة المجمع المقدس عام 1985، وعند كتابة البند الخاص بالبابا البطريرك فى لائحة المجمع ترك قداسته جلسة المجمع ليترك الحرية للآباء المطارنة والأساقفة ليكتبوا هذا البند وهم فى حرية كاملة، ولائحة المكرسات 1991.
وفى 25 مايو 1980، أسس أسقفية لخدمة الشباب، وفى 1976 تأسست أسقفية عامة لشئون أفريقيا, وفى 1995 تأسست أسقفية للكرازة، وأسس معهد الرعاية والتربية 1974، ومعهد الكتاب المقدس سنة 1974.