الجمعة 24 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

قلبي مع الطفل يونس ولاء

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

الدكتور ولاء صيدلي حلوان الذي سقط أو تم إسقاطه من الدور الخامس من شقته في ضاحية حلوان بالقاهرة، مات واستراح من هذا العالم المرتبك والمتوتر، الصيدلي ضحية ولا شك في ذلك مجني عليه، جاءت خاتمته على اسفلت الشارع وقد أحاط جسده نزف الدماء لتعلن جثته لكل المتكالبين والمتربصين أصحاب الغضب المجاني انهم تافهون ومجرمون وأنهم عالة على الدنيا. 
الصيدلي الضحية لم يدفع الثمن وحده ولكن الضحية الأكثر تأثيرا في قصة الدكتور ولاء هو ابنه الطفل يونس الذي لم يتخطى السادسة من عمره، يونس رماه القدر ليكون في مسرح الأحداث شاهدا وشهيدا، لم يكن يونس يتسكع في مكان مشبوه حتى يختلط علينا الأمر في مسألة أمانه وتأمينه، ولكنه كان في بيته أو سكنه والسكن المشتق لغويا من السكينة صار وهما بعد أن اعتدى الواقع البشع على قواعد اللغة وعلى كل ما استقر من أبجديات الحياة.
وبدلا من أن يلتقي الطفل بأسباب السعادة التقي في بيته كتيبة مدربة على العنف والقسوة تلك الكتيبة كانت جده لأمه وأخواله وثلاثة آخرين من أصدقاء أخواله إلى جانب والدته جاؤوا جميعا لكي يعطوا الأب الصيدلي درسا في الأدب، جاؤوا وقد أظهروا قانون الغاب.
عبثا حاول الأب الإفلات من المصيدة رسائل الاستغاثة على الواتساب لم توقف المخطط الذي بدأ ب الاحتجاز والتهديد والترويع وفي بعض الأقوال التوقيع على أوراق وانتهى الحال بالوقوع الحاد من الدور الخامس إلى أسفلت الطريق العام.
يونس الذي شهد واستمع لكل ما حدث يعيش الآن في رعاية جدته ل أبيه حسب قرار النيابة بينما تعيش كتيبة الإعدام التي زارت الدكتور ولاء في بيته تعيش كلها في السجن على ذمة التحقيقات.
أرسل الصيدلي المغدور رسائل استغاثة من خلال الواتساب.. قال ان في بيته بلطجية، ولكن الرسائل لم تنقذ الموقف، البلطجة في بر مصر صارت هي القاعدة وصار الانتزاع  ب الذراع هو أسهل الطرق لحل الخلافات، كتبت عشرات المرات أطلب الأمن والأمان، أعرف أن ما كتبته قرأته مستويات عليا في الداخلية حتى أن أحدهم ذات مرة اتصل بي ليتحقق من معلومة كنت ذكرتها في مقال لي. تفاءلت ثم عاد التشاؤم سريعا. كلما دهس غشوم قلب طفل مثل يونس ولاء اتحسس الغد الرمادي ولا اطمئن واستيقظ في منتصف الليل كي اتأكد أن باب البيت موصدا بإحكام.
لكم أن تتخيلوا الطفل مخفورا في ردهات النيابة ليحكي مرارا وتكرارا عن اللحظات الأخيرة في حياة أبيه وعن نظرة الفزع التي كانت واضحة في عين الصيدلي لحظة السقوط.. إنه الرعب المركب يجتاح كل شىء.
قد لا يذهب الطفل يونس ولاء المدرسة هذا العام، وسوف يختزن الواقعة في ذاكرته الفوتوغرافية ويعيش بها بقية عمره، أي تعذيب هذا.. يونس هو الضحية الأساسية ولا يعني ذلك أي تهاون في حق الصيدلي الذي ضاع في لحظات معدودات.
كم يونس سوف يأتي حتى نعرف أننا في مرمى الخطر.
لن أذهب إلى تحقيقات النيابة وتحريات المباحث، ولن اتعجل الأحكام القضائية، كل ما يهمني هو ذلك البريء الذي رأى، الطفل يونس ولاء وعلاجه النفسي، الطفل يونس ولاء هو عنوان عريض ل حالنا لا نريد إلا عودة الثقة في مستقبلنا الغامض الذي يهدده الغباء ويحاصره البلطجية على كل ناصية نمشي ناحيتها.