لعبت المرأة الأوكرانية منذ فترة طويلة دورًا رئيسيًا في الزراعة، في الجنوب الخصب للبلاد، وكان لها دور في رعاية الماشية والعمل في الأرض، وظهرت النساء كعامل رئيسي في المزارع وفي العقود الثلاثة التي أعقبت انهيار الاتحاد السوفيتي.
وتوفر أوكرانيا نصف إمدادات زيت عباد الشمس في العالم، ومنذ أن قصفت روسيا بعض مستودعات الحبوب وخزانات زيت عباد الشمس في ميناء ميكولايف. تعاني المزارعات ومنهن إيفانوفا، وبيتروفسكايا، اللتان تباشران مزارع والديهما، في جنوب أوكرانيا، وتزهر مزرعتهما بزهورعباد الشمس والسيقان الذهبية من الكتان وشجيرات الكزبرة والقمح.
وحسبما ذكرت مجلة «time» أن «إيفانوفا» تبلغ من العمر ٤٢ عامًا وهي على هذه الأرض منذ أن كانت طفلة، عندما كان والدها مديرًا للأرض، وابنتها «أناستاسيا» البالغة من العمر ٢٤ عامًا، والتي تدربت أيضًا كمهندس زراعي وتعمل في شركة، وتنشغل «إيفانوفا» وابنتها في تنظيم نقل القمح إلى الموانئ القريبة على البحر الأسود، والتي ستصل إلى المتاجر والمخابز حول العالم.
وعندما تشعر «إيفانوفا» بالضعف، تتذكر القول المأثور: «لا تنتظر حدوث معجزة، كن المعجزة، وتظهر دائمًا بشعر أسود بطول الكتفين وابتسامة مشرقة، تنضح بالدفء الواثق، كان من المقرر أن تدافع عن درجة الدكتوراه في الاقتصاد، لكن الجامعة أوقفت كل نشاطها بسبب الحرب».
وذكرت المجلة أن بعد أشهر من الغزو الروسي لأوكرانيا ، أدت الحرب إلى وضع موانئ أوكرانيا بالقرب من طريق مسدود، مما أدى إلى تفاقم أزمة الغذاء العالمية المتزايدة بالفعل، وقبل الحرب كانت مزرعة «إيفانوفا» تستخدم ستة موانئ في منطقة ميكولايف الآن كلها مغلقة.
وتقول «أناستاسيا»: «لقد طورنا نوعًا من خط الإنتاج»، واصفة كيف نام مئات الجنود، على مدى أسابيع في حظائرهم، يعيشون على الطماطم المخللة والحنطة السوداء المسلوقة وحساء الدجاج وقامت هي ووالدتها بغسل زي الجنود.
وأضافت الـ«time»، أن مزرعة إيفانوفا تعرضت منذ شهور للهجوم، وعمالها نائمون منهكون بعد العمل لفترة طويلة في الحقول، وتقول «إيفانوفا»: «لدي ٤٥ حقلًا، ووجدت صاروخًا روسيًا في كل منها ولم يصب أحدا في الهجوم، لكن تدمرت معدات قيمتها عشرات الآلاف من الدولارات، وتم تفجير الجزء العلوي من آلة فرز الحبوب ذات اللون الأزرق الغامق بارتفاع مبنى من ثلاثة طوابق».
فعندما تدخل إلى الحظيرة حيث تخزن جراراتها؛ نجد أنه قد تمزق بعض محركاتها وزجاجها الأمامي إلى أشلاء، تقف «إيفانوفا» أمام آلة ضخمة تسمى جرارا زراعيا، وتقول: «لقد حصلت للتو على قرض للحصول على هذا».
أما ناديجدا بتروفسكايا، والتي عملت في المزرعة التي تديرها في منطقة أوديسا طوال ٦٣ عامًا، فتقول: «كأم، أعلم كيف تشعر بالقلق على أطفالك، من أنهم لا يأكلون ما يكفي، الآن على المزيد من الأمهات أن يتساءلن، هل سيأكل الأطفال الليلة؟».
وتقوم «بتروفسكايا»، ببناء أكوام ضخمة من عباد الشمس وحصاد القمح، واصفة إياه بأنه ناعم الملمس ولونه ذهبي، تقول هذا الحديث وهي تدير يديها برفق عبر كومة متلألئة من القمح.
وفي وقت سابق من صباح ذلك اليوم، كانت تتجول بين عباد الشمس تحت أشعة الشمس الحارقة، وتتوقف في كثير من الأحيان للتحقق من النحل الذي يتخلص من حبوب اللقاح.
أما عن فالنتينا فيدورينكو والتي تعيش على كلمات «الغذاء قوة»، ففي كل صباح، بعد الفجر مباشرة، تمشي لمسافة قصيرة إلى الدفيئات الزراعية الأربعة التي يملكها زوجها، «فولوديمير» ويوجد بها باذنجان، فجل، ثوم، بصل أخضر، طماطم، وتنضم إليها صديقتها «ناتاليا» لقطف وفرز وتنظيف الخضروات قبل إحضارها إلى السوق المحلية.