يعتبر الزعيم محمد فريد، رمزا من الرموز الوطنية فى مصر، فقد كان محبا لوطنه وعاشقا له، فكان أول من يقوم بإنشاء أول نقابة للعمال، وللمدارس الليلية، لكي يتعلم الشعب القرءاة والكتابة، بجانب معارضته لبعض قرارات الخديو والتى من أهمها مد امتياز قناة السويس، تعرض للمحاكمة بسبب مقدمة كتبها لديوان شعر بعنوان "أثر الشعر في تربية الأمم"، وحُكم عليه بالسجن “ستة أشهر” قضاها كاملة.
وولد محمد فريد في 20 يناير 1868 وهو من أصل تركي، ودرس في المدارس الابتدائية، وواصل دراسته في المدرسة الخديوية الثانوية، ثم التحق بمدرسة الحقوق الخديوية، وحصل منها علي الليسانس عام 1887، واُلتحق بوظيفة مترجم بقلم قضايا الدائرة السنية، ثم رئيسًا له.
نُقل فريد إلي النيابة العامة عام 1891م، وتدرج في وظائفها إلي أن رقي إلي وكيل نيابة الاستئناف، وعندما ناصر بعض المتهمين في إحدى قضايا النشر، نُقل إلي نيابة بني سويف، فاستقال احتجاجًا علي النقل ثم عمل بالمحاماة، ثم ترأس الحزب الوطني في 14 فبراير 1908م بعد وفاة مصطفى كامل، وأنفق ثروته في سبيل القضية المصرية.
أعلن محمد فريد أن مطالب مصر هي: الجلاء والدستور، وكانت من وسائله لتحقيق هذه الأهداف، أن يتعلم الشعب المصرى بقدر المستطاع، فأنشأ مدارس ليلية في الأحياء الشعبية لتعليم الفقراء مجانًا، وقام بالتدريس فيها رجال الحزب الوطني وأنصاره من المحامين والأطباء الناجحين، وذلك في أحياء القاهرة ثم في الأقاليم.
وضع محمد فريد أساس حركة النقابات، فأنشأ أول نقابة للعمال سنة 1909م ثم اتجه إلي العمل السياسي، فدعا الوزراء إلي مقاطعة الحكم، وقال “من لنا بنظارة ”أي وزارة" تستقيل بشهامة وتعلن للعالم أسباب استقالتها؟
وأثناء فترة زعامته للحزب الوطني، عارض الرغبة في مد امتياز قناة السويس حتى عام 1968م، ودعا محمد فريد إلى المظاهرات الشعبيه المنظمة، ليجتمع عشرات الألوف في حديقة الجزيرة وتسير إلي قلب القاهرة هاتفة بمطالبها.
ووضع فريد صيغة موحدة للمطالبة بالدستور، طبع منها عشرات الآلاف من النسخ، ودعا الشعب إلي توقيعها وإرسالها إليه ليقدمها إلي الخديوي، ونجحت الحملة وذهب فريد الي القصر يسلم أول دفعة من التوقيعات وكانت 45 ألف توقيع وتلتها دفع أخرى.
كما ذهب إلي أوروبا كي يُعد لمؤتمر لبحث المسألة المصرية بباريس، وأنفق عليه من جيبه الخاص كي يدعو إليه كبار معارضي الاستعمار من الساسة والنواب والزعماء، لايصال صوت القضية المصرية بالمحافل الدولية، وتعقب اللورد كتشنر المعتمد البريطانى فى مصر محمد فريد واعتقله مرة ثانية.
وفي عام 1912م قرر محمد فريد الخروج من مصر طواعية إلى أوروبا، وواصل جهاده ضد الاحتلال حتى وفاته بألمانيا في خريف 1919م.
حيث توفي الزعيم "محمد فريد" في 15 نوفمبر 1919م بعد مسيرة حافلة بالعطاء الوطني، انفق فيها ثروته على مصر ومات فقيرا حتى أن أهله بمصر لم يجدوا مالًا كافيًا لنقل جثمانه إلى أرض الوطن، إلى أن تولي أحد التجار المصريين نقله بنفسه علي نفقته الخاصة وهو الحاج خليل عفيفي، تاجر قماش من الزقازيق باع كل ما يملك وسافر لإحضار جثته من الخارج وقد أخذ نيشانا لما فعله.