ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ، عظته الأسبوعية في اجتماع الأربعاء مساء اليوم، من كنيسة السيدة العذراء والقديس الأنبا بيشوي في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، وبُثت العظة عبر القنوات الفضائية المسيحية وقناة C.O.C التابعة للمركز الإعلامي للكنيسة على شبكة الإنترنت.
استكمل قداسته السلسلة التعليمية الجديدة "قاموس الزيجة"، وتناول جزءًا من سفر الأمثال والأصحاح السادس والأعداد من ٢٠ حتى ٣١، وأشار إلى أهمية دور الأب في الأسرة المسيحية، متّخذًا من الآية "كُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِي كَمَا أَنَا أَيْضًا بِالْمَسِيحِ" (١كو ١١: ١) شعارًا للأب المثالي، وبدأ بتعريف لكلمة "أب" كرمز هام في حياة الأسرة من خلال:
- هو البداية، لأنه صاحب الخطوة الأولى في تكوين الأسرة، وهي خطوة هامة ولها تأثيرها على مدار الحياة.
- هو الرعاية، فهو كاهن الأسرة والمسؤول عن سلامتها الروحية، والكنيسة تنبهه في صلوات سر الزيجة بأن يحتوي أسرته، لأنه رأس الأسرة، "كُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِي كَمَا أَنَا أَيْضًا بِالْمَسِيحِ".
- هو الحماية، وهو القدوة والنموذج الأول للأبناء عن صورة الله، والاعتبار الأول لهم ومن خلاله يفهمون الحياة، "«أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ»" (أف ٦: ٢)
وأشار أيضًا قداسة البابا إلى صفات الأب المثالي في الأسرة:
١- صورة الاتضاع والاحتمال، فباتضاعه واحتماله يُقدم مثالًا جيدًا للأبناء، كما غسل السيد المسيح أقدام التلاميذ "«يَا سَيِّدُ، لَيْسَ رِجْلَيَّ فَقَطْ بَلْ أَيْضًا يَدَيَّ وَرَأْسِي»" (يو ١٣: ٩)، وإذا لم يُرزق أطفالًا تكون لديه روح الأبوة، "أَمَا أَنَا خَيْرٌ لَكِ مِنْ عَشَرَةِ بَنِينَ؟" (١صم ١: ٨)، يسند النفس المكسورة بالمشاعر القوية.
٢- صورة الحب والتقدير، لديه القلب الذي يشعر ويصفح ويسامح، "وَإِذْ كَانَ لَمْ يَزَلْ بَعِيدًا رَآهُ أَبُوهُ، فَتَحَنَّنَ وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ" (لو ١٥: ٢٠)، لأن الحب بالأفعال، وليس بالعنف.
٣- صورة المُعلم والمؤدِّب، يُعلم ويرشد الأبناء باستمرار أثناء نموهم، ويضع لهم مبادئ الحياة.
ثم طرح قداسته تساؤلًا: "كيف أكون أبًا جيدًا في بيتي؟"
- قدِّم الله العظيم بصفاته لأسرتك، بالكلمة المقدسة وبالتعليم، "يَا ابْنِي، احْفَظْ وَصَايَا أَبِيكَ... اُرْبُطْهَا عَلَى قَلْبِكَ دَائِمًا. قَلِّدْ بِهَا عُنُقَكَ" (أم ٦: ٢٠، ٢١)، واشرح الكلمة المقدسة سواء بالصورة أو بالكتب الملونة أو بأفلام الكارتون السليمة، وقدم صورة الله الحارس وسامع الصلاة ومصدر قوتنا، "وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ" (مت ٢٨: ٢٠).
- قدِّم أسرتك لربنا، قدمهم بالصلاة عند الصلاة معًا، واذكر اسم زوجتك وأسماء أبنائك في الصلاة، وقدمهم لربنا بصلوات الإيمان في وقت الأزمات، واربطهم بكنيستنا وبالأسرار المقدسة ووسائط النعمة باستمرار، وقدِّم لهم صورة الأب والأم الخدام المهتمين بالكنيسة.
- قدِّم أغلى عطية وهي الوقت، لأن الوقت أثمن عطية تقدمها لأولادك وأسرتك، وأن تتواجد معهم، وتشاركهم، وتتعاون معهم، وانتبه "لأَنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ، وَكَأَبٍ بِابْنٍ يُسَرُّ بِهِ" (أم ٣: ١٢)، "مَنْ سَبَّ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ يَنْطَفِئُ سِرَاجُهُ فِي حَدَقَةِ الظَّلاَمِ" (أم ٢٠: ٢٠)، "اَلْعَيْنُ الْمُسْتَهْزِئَةُ بِأَبِيهَا، وَالْمُحْتَقِرَةُ إِطَاعَةَ أُمِّهَا، تُقَوِّرُهَا غُرْبَانُ الْوَادِي، وَتَأْكُلُهَا فِرَاخُ النَّسْرِ" (أم ٣٠: ١٧).
وتُعد هذه السلسلة هي ثاني السلاسل التعليمية الخاصة بالأسرة المسيحية، وذلك بالتزامن مع إطلاق عام "أسرتي مقدسة"، الذي جاء كتوصية من المجمع المقدس للكنيسة في يونيو الماضي، وترسيخًا لمبادئ وقيم الأسرة المسيحية السوية، كما ذكر قداسته في الحلقة الأولى من السلسلة يوم ١٥ يونيو الماضي.