على مدار عام كامل، عانى الشعب العراقي من أزمة «الانسداد» المفتعلة الناتجة عن خلافات القوى السياسية فيما بينها حول تشكيل الحكومة، ما أدى إلى بقاء حكومة تصريف الأعمال المؤقتة برئاسة مصطفى الكاظمي دون أن يكون لديها صلاحيات كاملة لإدارة البلاد، نظرًا لطبيعتها وطبيعة مهمتها غير الدائمة.
ولا يمكن فهم أسباب تلك الأزمة بمعزل عن التدخل الإيراني في العراق، وبالتالي أدى إلى تأزم المشهد السياسي ووصوله إلى حافة الاقتتال لأكثر من مرة بسبب تأخر تشكيل الحكومة.
ورفضت الأحزاب السياسية التابعة لإيران تشكيل حكومة أغلبية تعتمد على تحالف يضم معظم نواب البرلمان، وأصرت على تعطيل انعقاد الجلسات البرلمانية حتى يتم التوصل إلى تفاهمات تضمن وجودها في الحكومة وسيطرتها على مقاليدها دون أن يكون لها الأغلبية اللازمة في البرلمان.
وأصرت الأحزاب الولائية على تشكيل حكومة شيعية، ما جعل الانتخابات البرلمانية المبكرة التي كان العراقيون يأملون أنها ستأتي بالتغيير منذ سنة، بداية أزمة سياسية وتوترات لم تتوقف حتى اليوم، فمنذ سنة كاملة أمل المواطنون خيرًا في انتخابات عامة مبكرة تأتي بحكومة جديدة غير تلك التي ثاروا ضدها والأحزاب السياسية الداعمة لها، لكن بعد مرور عام من التعثر بات واضحًا أن بلادهم لم تغادر الأزمات، بل على النقيض من ذلك فقد استفحلت وزادت، ووصلت إلى درجة الاقتتال في شوارع المنطقة الخضراء في العاصمة بغداد.
جدير بالذكر أنه منذ أيام اندلاع احتجاجات "حراك تشرين" في شهر أكتوبر عام 2019، استقالت حكومة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي آنذاك لتحل محلها فيما بعد الحكومة الانتقالية التي شكّلها رئيس الوزراء المؤقت، مصطفى الكاظمي، وكانت مهمتها إجراء انتخابات برلمانية نزيهة وفق قانون انتخابي جديد، وكان من بين أبرز مطالب المحتجين من أجل إفراز حكومة تعبر عن مطالب الشعب.
وبعد عام على تلك الانتخابات، لم تتشكل حكومة جديدة ولم ينتخب مجلس النواب رئيسًا جديدًا للبلاد، وبالتالي لم تكن هناك حكومة مخوّلة بصلاحيات كبيرة، بما يمكّنها من إجراء الإصلاحات التي طالب بها المتظاهرون الذين نزلوا إلى الشوارع احتجاجًا على الفساد والعمالة لطهران وفوضى السلاح وضعف سلطة الدولة.
وبمناسبة مرور عام على الانتخابات البرلمانية، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بيانًا قالت فيه: إنه قبل عام، صوت العراقيون في انتخابات مبكرة ذات مصداقية على أمل أن تسفر عن حكومة تعكس إرادة الشعب العراقي، ومنذ ذلك الحين لم يتمكن قادة العراق من حل خلافاتهم.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا المشهد مرشح للاستمرار في ظل محاولات الميليشيات الإيرانية الحصول على أكبر قطعة من كعكة السلطة رغم خسارتها الانتخابات.