أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً حول التعاون المصري الإفريقي، حيث أكد المركز أنه يولي أهمية كبيرة للقارة الأفريقية على مستوى المتابعة والرصد والتحليل المعلوماتي للقطاعات المختلفة بها، للتعرف على الآفاق والمجالات التي يمكن من خلالها توليد الفرص لترسيخ وإرساء سبل التعاون بين مصر ودول القارة، مشيراً إلى أن ذلك يأتي في إطار سياسة الدولة المصرية، والأولوية التي توليها القيادة السياسية نحو دعم وتعزيز أطر التعاون مع الأشقاء بالدول الأفريقية في كافة المجالات المشتركة.
وأوضح مركز المعلومات ودعم القرار أن القارة السمراء غابت عن خارطة الاستثمارات العالمية لعقود طويلة، بسبب الحروب والأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدول القارة، إلا أنه مع مطلع الألفية الثالثة تغيرت الأهداف الإقليمية والعالمية بشكل كبير؛ حيث بلغت الأسواق الكبيرة الحالية مرحلة من التشبع، ودارت عجلة التنمية في كثير من الدول الإفريقية.
ونتيجة لارتفاع أسعار المواد الخـام، وزيادة الطلب العالمي على تلك المواد، وتصاعد المشكلات التي شهدتها أسواق الإنتاج التقليدية، وضعت تلـك المتغيرات القارة الإفريقية على خارطة الاستثمار العالمي، وأصبحت إفريقيا وجهة استثمارية جديدة يتزاحم حولها المستثمرون من الولايات المتحدة الأمريكية والصين واليابان والهند وأوروبا ودول شرق آسيا وأمريكا اللاتينية.
وأفاد تحليل المركز أن مصر تعي أهمية المحيط الإفريقي لها، لذا فإن تعزيز التعاون المصري الإفريقي يُعد من أهم الأهداف المصرية خلال الفترة الحالية، وتدرك القيادة المصرية أن التعاون الاقتصادي والتنموي هو مطلب حتمي للمنطقة ككل، كما تسعى مصر إلى أن تكون شريكًا أساسيًّا في عملية التنمية مع جميع أشقائها بالدول الإفريقية، والعمل على تفعيل أجندة إفريقيا (٢٠٦٣) عن طريق البدء في الربط بين طرفي القارة الشمالي والجنوبي عن طريق مشروع الممر الملاحي النهري بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط من خلال مجرى نهر النيل ليكون حجر الأساس للسوق الإفريقية المشتركة.
وسيعمل هذا الممر على أن تكون مصر المنفذ الرئيسي لبضائع إفريقيا إلى العالم، كما سيساعد الدول الإفريقية التي ليس لها حدود بحرية على أن تصل بضائعها إلى السواحل الشمالية للقارة الإفريقية من خلال نهر النيل، وهو ما سيؤدي إلى نهضة اقتصادية لكل من "تنزانيا وكينيا وأوغندا ورواندا وبوروندي والكونغو الديمقراطية وجنوب السودان والسودان وغيرهم"؛ مما سيؤدي إلى تطوير حركة التجارة بين دول حوض النيل والعالم الخارجي من خلال البحر المتوسط، كما سيعمل على خفض نسب الفقر في دول حوض النيل.
وأشار التحليل إلى تسجيل مصر تقدمًا بنسبة ٢٠% في تنفيذ الجزء الخاص بها في تطوير شبكة الطرق، والتي تعد أداة أساسية لها لتعزيز التكامل الإقليمي والتجارة مع الدول المجاورة؛ كذلك سجلت إثيوبيا معدل إتمام ١٠٠% في تنفيذ الطرق السريعة عبر إفريقيا والانتهاء من المستويات التشغيلية لـسكة حديد إثيوبيا- جيبوتي، واستكمال الطريق إلى السودان، وكينيا، والصومال، وجيبوتي.
كما قامت الحكومة المصرية بالتعاون مع عدد من الشركات، مثل المقاولون العرب وأوراسكوم والسويدي إلكتريك وغيرها، بتنفيذ العديد من مشروعات البنية التحتية، وأعمال الطرق الكبرى، والمشروعات السكنية، والصحية، وحفر العديد من الآبار الجوفية والسدود ومحطات توليد الكهرباء في الدول الإفريقية.
وذكر التحليل أن تطوير البنية التحتية يؤدي إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة والارتقاء بمستوى معيشة المواطن الإفريقي، وزيادة معدلات تدفقات التجارة والاستثمار البيني؛ حيث كانت إفريقيا من بين أقل المناطق تكاملاً في العالم، وكانت تقف التجارة البينية في القارة عند ١٥% مقابل ٦٧% في أوروبا و٥٢% في جنوب شرق آسيا، وسوف تعمل تلك الطرق على تقليل زمن نقل البضائع، والذي سيجعل القارة منطقة جذب لرجال الأعمال والمستوردين والمصدرين، كما ستتيح تلك المشاريع للدول المتشاركة تعزيز تجارة المحاصيل الزراعية، والزراعة خارج الحدود.
و بدأت مصر بالمشاركة في تطوير البنية التحتية في إفريقيا، ولتأمين كل تلك المشروعات قامت بالعمل على إنشاء صندوق مخاطر الاستثمار في إفريقيا؛ وذلك تحسبًا لأن تتعرض المشروعات الجارية لأي توقف نتيجة للقلائل السياسية كالنزاعات المسلحة أو حالات عدم الاستقرار السياسي في القارة، كما عملت على تمهيد بيئة مصرفية داعمة للمستثمرين المصريين للدخول والتوسع في استثماراتهم في إفريقيا عن طريق بدء البنوك المصرية في الاستحواذ الجزئي أو الكلي على بنوك إفريقية في العديد من الدول الإفريقية مثل "أوغندا ومدغشقر وجزر القمر والكونغو ديمقراطية"، إلى جانب فتح مكاتب التمثيل التجاري التابعة للبنوك المصرية، والتي لها دور تحفيزي في تعزيز العلاقة التجارية طويلة الأمد بين مصر وكثير من الدول الإفريقية.
وتعد مصر ثالث أكبر اقتصاد في إفريقيا من حيث الناتج المحلي الإجمالي بعد نيجيريا وجنوب إفريقيا؛ حيث يسهم الناتج المحلي الإجمالي المصري بنسبة ١٢.٥% من إجمالي الناتج المحلي للقارة، وقد حقق الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لمصر نموًا بنسبة ٤.٣% سنويا، أعلى من متوسط النمو الإفريقي، والذي حقق ٣.٨%، وخلال الفترة (٢٠١٥-٢٠١٩)، وقبل أن تضرب جائحة كوفيد 19 الاقتصاد العالمي، تفوق أداء الاقتصاد المصري، وكان يعد الاقتصاد الأسرع نموًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ وذلك لتطبيق الدولة المصرية البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، وفي عام ٢٠٢٠، واصل الاقتصاد المصري نموه بنسبة ٣.٦% على الرغم من الظروف العالمية الصعبة؛ حيث عانى الشرق الأوسط من انكماش بنسبة ٤%، كما عانت إفريقيا من انكماش بنسبة ١.٩%.
وأكد المركز في تحليله أن مصر تُعد مركزًا رئيسيًّا للتصنيع في القارة؛ حيث تمثل ٢٢% من القيمة المضافة الصناعية القارية، وهي حصة ظلت إلى حد ما مستقرة في العقدين الماضيين، كما تعمل على زيادة تلك الحصة مع الدول الأعضاء للكوميسا والدول الإفريقية ككل، على الرغم من مواجهة التعاون الاقتصادي مع إفريقيا لبعض التحديات، ومنها مدى التزام الدول بإلغاء التعريفة الجمركية، إلى جانب عدم وجود بنية تحتية داعمة لتفعيل أجندة ٢٠٦٣، وعدم وجود أسطول تجاري حديث، والذي يعد معوقاً أساسياً للصادرات المصرية.
واستحوذت مصر وإثيوبيا على حصة الأسد، بحوالي ٦٣% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة داخل مجموعة الكوميسا، وكان نصيب مصر منها ٤٤.٤% وإثيوبيا ١٨.٦%، وتركزت تلك الاستثمارات في قطاعات البترول والخدمات والصناعات التحويلية، كما تحتل مصر المركز العاشر من حيث سهولة ممارسة الأعمال.
وإلى جانب الكوميسا تم إنشاء منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، والتي تسعى لجعل القارة الإفريقية سوقاً موحدة للسلع والخدمات، والتي تعمل على تسهيل حركة البضائع، إلى جانب حرية تنقل الأفراد، كما تعمل على تعميق التكامل الاقتصادي في القارة الإفريقية، وهو ما يتماشى مع الرؤية الإفريقية المتمثلة في "التكامل والازدهار وإفريقيا المسالمة"، المنصوص عليها في أجندة ٢٠٦٣.
وأشار تحليل المركز أن مصر تحتاج إلى تشجيع الشركات المحلية للمشاركة في مشروعات التنمية في أرجاء القارة الإفريقية، وذلك لتعظيم الاستفادة من منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، ولذا فإن تحسين البنية التحتية وتطوير النقل يعدان من الأمور الضرورية لتعزيز قدرة مصر على الوصول إلى أسواق جديدة والتأكد من وصول السلع الهامة إلى الأماكن المستهدفة، والعمل على الاستفادة من أوجه التعاون والدعم التنموي والفني المقدم، خاصة لدول حوض النيل.
كما أكد المركز في تحليله أن أجندة ٢٠٦٣ أصبحت جزءاً لا يتجزأ من نهضة إفريقيا، ونجاح الأجندة يعتمد على مدى قدرة الشعوب والقادة الأفارقة على متابعة تنفيذ كل مرحلة من مراحل التطوير داخل دولهم، واتباع سياسات الاقتصاد الكلي، إلى جانب التنوع الاقتصادي، بعيدًا عن الاعتماد على تصدير السلع الزراعية فقط، وتشجيع مشاركة القطاع الخاص وخلق مناخ استثماري ملائم، وبناء شراكات ومؤسسات متشابكة ومتداخلة مع الدول الأعضاء.
الأخبار
"معلومات الوزراء" يدرس مجالات وفرص ومتطلبات التعاون المصري الإفريقي
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق