بعد قانون «إهانة الرئيس» الذي بات سيفًا على رقاب كل من يتعرض للرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالنقد، تتخذ أنقرة خطوة جديدة تعبّد الطريق لتضييق الخناق أكثر على حرية التعبير في تركيا، حيث يدرس البرلمان التركي مشروع قانون طرحه حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يقوده أردوغان تحت مسمى «مكافحة التضليل الإعلامي».
اعتراضات داخلية
ويثير مشروع قانون لـ«مكافحة التضليل الإعلامي» اعتراضات داخلية كثيرة، ويهدد بصدام جديد بين تركيا والغرب حول حرية الصحافة والتعبير التي تسجل عليها المنظمات المعنية والحقوقية الدولية ملاحظات سلبية.
فيما انتقدت المعارضة التركية بشدة مشروع القانون، رغم الصعوبة التي ستواجهها في عرقلة القانون وتقويضه بسبب امتلاك الحزب الحاكم «صاحب مشروع القانون» الغالبية البرلمانية مع 334 مقعدًا في البرلمان لحزب العدالة والتنمية وحلفائه من أصل 581، ما يعني أنه سيتم إقرار المشروع ليتحول إلى قانون نافذ.
بدورها، نددت العديد من جمعيات ونقابات الصحفيين بمشروع القانون باعتباره محاولة للرقابة من قبل الحكومة التركية، بينما من المقرر أن يبدأ البرلمان دراسة النص.
وتجمع عشرات الصحفيين أمام البرلمان التركي في أنقرة يضعون كمامات سوداء ويحملون لافتات كُتب عليها «لا لقانون الرقابة».
اعتراض أوروبي
وبالتزامن مع الاحتجاجات في تركيا، عبَّر مجلس أوروبا عن قلقه حيال مشروع القانون الذي يعاقب على ما يسمى «التضليل الإعلامي»، وحذّر من تداعياته المحتملة، حال إقراره، على حرية الصحافة والتعبير التي تكفلها الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
وخلصت لجنة البندقية «اللجنة الأوروبية للديمقراطية» مع المديرية العامة لحقوق الإنسان ودولة القانون، في رأي مشترك، إلى التعبير عن القلق حيال التداعيات المحتملة للمشروع، ولا سيما لجهة ازدياد خطر تشديد الرقابة الذاتية قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في تركيا، في يونيو من العام المقبل.
وأوضحت اللجنة أن المنظومة القانونية التركية تتضمن بالأساس نصوصًا تعاقب على الجوانب الأكثر خطورة للمعلومات الكاذبة أو المضللة، ومن ثم لا حاجة اجتماعية ماسة إلى إقرار مشروع قد ينطوي على «قيود تعسفية على حرية التعبير».
ماذا يتضمن القانون الجديد؟
يتضمن مشروع القانون عقوبة الحبس لمدة تتراوح بين سنة و3 سنوات بحق «كل من ينشر معلومات مضللة عبر أي وسيلة للنشر؛ بما في ذلك الصحف ووسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي»، كما ينص على سحب البطاقات الصحفية من الصحفيين الذين ينشرون مثل هذه المعلومات.
ويطلب مشروع القانون وضع مادة في قانون العقوبات التركي بحق «من يصنعون أخبارًا كاذبة أو مضللة وينشرونها أو يهينون أشخاصًا على وسائل التواصل الاجتماعي». وتصل عقوبة مَن يوجهون إهانة «إلى الحبس لمدة تتراوح من 3 أشهر إلى سنتين».
وأكد مجلس أوروبا أن مشروع القانون «يتنافى مع المادة العاشرة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، التي تكفل حرية التعبير».