تحتفل الكنيسة الكاثوليكية، اليوم، بذكرى ميلاد القديس البابا يوحنا الثالث والعشرون، حيث ولد انجلو رونكالي يوم 25 نوفمبر عام 1881م في قرية سوتو إل مونتي بإقليم لومبارديا – شمال إيطالياً.
وكان والده مزارعا وكانت عائلته ميسورة الحال وهو من أكثر الباباوات شعبية فى التاريخ ، بدأت فى زمن حبريته حقبة جديدة من تاريخ الكاثوليكية مع افتتاحه المجمع الفاتيكاني الثاني ، وما حمله ذلك من تغيير وانفتاح للكنيسة على الديانات المختلفة والعالم المعاصر .
شعر أنجلو بدعوته للكهنوت في عمر الحادية عشرة، لم يكن انجلو طالباً لامعاً ، لكنه اجتهد ليرسل إلى روما لدراسة اللاهوت عام 1900م وبعد عام واحد التحق بالجيش لإداء الخدمة العسكرية . وبعد انتهاء الخدمة عاد ليكمل دراسته اللاهوتية؛ سيم كاهناً فى أغسطس عام 1904م.
مع تعيين أسقف جديد لأبرشية بيرغامو تم تعيين الأب أنجلو كسكرتير للمطرانية، وبالإضافة لأعمال السكرتارية قام كذلك بتدريس اللاهوت في معهد الأيبارشية . ثم أصبح المرشد الروحي للشبان المتقدمين للكهنوت.
وعام 1920 عينه البابا بنديكتوس الخامس عشر مديراً للمنظمة الإيطالية لدعم الإرساليات الأجنبية، سمح له هذا المنصب بنسج شبكة من العلاقات مع شخصيات دينية أوربية مهمة كما أصبح اسمه معروفاً في الوسط الكنسي في روما .
فعين قاصداً رسولياً لعدة دول منها بلغاريا وتركيا وأخيراً باريس . في عام 1953 رقاه البابا بيوس الثاني عشر وعينه بطريركًا للبندقية كما تم تعيينه كاردينالاً في الكنيسة الكاثوليكية. وفى عام 1958م بعد وفاة البابا بيوس الثاني عشر تم انتخابه بابا لكرسي القديس بطرس باسم يوحنا الثالث والعشرون، وكان عمره آنذاك 77 عاما ليصبح البابا الحادي والستين بعد المائتين في الكنيسة الكاثوليكية، وقيل عنه أنه بابا انتقالي.
وهو أول بابا يغادر الفاتيكان في زيارة لأبرشيته في روما فقام بزيارة مستشفى يسوع الطفل للأطفال المصابين بالشلل وزار أيضا مستشفى الروح القدس، وقام بزيارة سجن روما، حيث قال للسجناء " أنتم لا يمكنكم أن تأتوا إلي، لذلك جئت إليكم".
وتكررت زيارته المختلفة لمناطق من روما في وقت متأخر من الليل سيراً على الأقدام وبدون أي حراسة. وفي عام 1959م دعا البابا لعقد مجمع مسكوني جديد للكنيسة، على أن يستمر التحضير له ثلاث سنوات، فقد استمرت المسيرة المجمعية وكان لها الكثير من التغييرات والتجديدات فى بنية الكنيسة حتى أنها أعادت تشكيل وجه الكنيسة الكاثوليكية ، من خلال مراجعة الطقوس ومنح دور أكبر للعلمانيين والحوار مع العالم.
وقال البابا إن الكنيسة ليست سيدة المجتمع بل خادمة المجتمع . اعتبر البابا يوحنا الثالث والعشرون المجمع الفاتيكاني الثاني مجمعاً رعوياً، بحيث لم تصدر عنه أي عقائد كاثوليكية جديدة ولكنه رغم ذلك أعاد دراسة وتمحيص عقائد وتشريعات قديمة.
وصف يوحنا الثالث والعشرون المجمع بأنه "يوم عنصرة جديد" أي تدفق جديد للروح القدس . صدر البابا ثمانية رسائل عامة خلال حبرية قصيرة نسبياً، اثنان منهما اعتُبرا شديدي الأهمية في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية المعاصر، هما "السلام في الأرض" و "أم ومُعلمة". حاول البابا خلال رسائله العامة، تقريب الكنيسة الكاثوليكية من العالم الحديث، وتكييفها مع متطلبات الزمن المعاصر، وهو ما يتطلَّب العودة التامة لمبادئ الإنجيل المُعاش. كما نشط في تحفيز الإصلاحات الاجتماعية للطبقة العاملة والفقراء والأيتام والمنبوذين، وحثّ على التعاون مع الديانات والمذاهب الأخرى ، بيد أن منشوره البابوي «أم ومعلمة» الذي صدر عام 1961 م ، ركز على الإصلاح الاجتماعي ومساعدة البلدان النامية .
وتوفي يوم3 يونيو 1963، نتيجة إصابته بالسرطان فى الجهاز الهضمي عن عمر يناهز الحادية والثمانين .
وأعلن طوباويًا في 3 سبتمبر 2000على يد البابا يوحنا بولس الثاني، وشاءت العناية الإلهية أن يعلنا قديسين معًا على مذابح الكنيسة الكاثوليكية جمعاء، في 27 إبريل 2014م .