إسماعيل المفتش وزير مالية مصر في عهد الخديوي إسماعيل وصديقة الحميم وأخوه في الرضاعة.. هو أحد أشهر وزراء مصر في التاريخ الحديث ورجل سياسية من الطراز الرفيع، حيث قال عنه المؤرخون “إنه من أدهى الساسة الماليين في عصرنا”، وكان الناس يتحاكون بوطنيته.
تعتبر حياة المفتش حياة مثيرة للجدول سواء في حياته أو طريقة موته، فولد إسماعيل المفتش في عام ١٨٣٠م، والده هو “دونالى مصطفى” أغا باشا من قادة الجيش، والدته “كبيرة وصيفات” القصر وصديقه شخصية لخوشيار هانم والدة الخديوي إسماعيل وهى من أرضعته، له أخان هما “صائب بك صديق” و"نشأت بك صديق".
اختلفت الروايات حول أصول المفتش فهناك روايات تقول إنه ولد في الجزائر ثم انتقل إلى القاهرة في صغره، وروايات تقول إن أصل العائلة ينتهى إلى مراكش في المغرب، حتى تعليمه فقد اختلفت الروايات فمنهم من ذكر أنه كان نبيها ولكنه لم يكن على درجة عالية من التعليم، وكان يتكلم العربية فقط ولا يجيد كتابتها كما ذكر ريفرس ولسن في مذكراته عام ١٩١٦م، وهى فالحقيقة رواية غير منطقية ولا تتناسب مع ما وكِل إليه من مهام.
ارتبط المفتش بالخديوي إسماعيل منذ طفولته، وقام الخديوي بتعينه وزيرًا للمالية عام ١٨٦٨م وظل بها ثمان سنوات انتهت في ٨ نوفمبر ١٨٧٦م، وكان المفتش يتمتع بصلاحيات أكبر بكثير من صلاحياته لدرجة أنه كان يلقب بـ"الخديوي الصغير"، حيث أسندت إليه وزارة الداخلية لمدة عام والدائرة السنية، وكذلك مفتش العموم لمدة ٢٧ شهرًا، كما كان من أعضاء مجلس الخصوص.
وباختصار كان المفتش هو الرجل الثاني في الدولة بالإضافة لحصولة على نيشان من السلطان العثماني مما جعل أمراء الأسرة العلوية يغارون منه ويتمنون رحيله.
بدأت الخلافات بين الخديوي إسماعيل والمفتش بسبب رفض المفتش سياسة الاستدانة ورفض الانطياع للتدخلات الأجنبية، فقد كان يرى أن الوضع المالى لمصر يستطيع أن يسدد الديون مع بعض التنظيم والتقشف في المصروفات.
غموض وفاته:
لا توجد معلومات مؤكدة حول طريقة مقتل أو اختفاء إسماعيل المفتش، لكن الرواية الثابتة أن الخديوي إسماعيل زار المفتش في منزله صباح يوم الجمعة، واصطحبه إلى مقرة بالجزيرة “فندق ماريوت حاليًا”، ثم حُمل على سفينة منفيًا إلى دنقلة وقبل حلوان قُتل بطريقة بشعة واُلقى في النيل لاخفاء معالم الجريمة، وكان حصول المفتش على النيشان العثماني كان يحول دون محاكمة المفتش داخل مصر.
أما الرواية الرسمية التي صدرت من القصر، تزعم أن المفتش وصل إلى دنقلة ومات هناك بعد ثلاث أيام بأزمة سكر شديدة وفقًا لشهادة الوفاة التي حررها الطبيب الإيطالى.
وفي النهاية ومهما تعددت الروايات حول مقتله سيظل الاختفاء غامض ويوصف بالجريمة المنظمة التي يصعب اكتشاف تفاصيلها. ويسدل الستار عن حياة المفتش التي بدأت من قمة السلطة إلى قاع النيل.