شارك عدد من الكتاب والشعراء والنقاد، في ندوة نظمها ملتقى الشربينى الثقافى احتفالا بذكرى الزعيم جمال عبد الناصر تحت عنوان"عبد الناصر.. ملهما لأدب المقاومة" بقاعة جمعية هيئة خريجي الجامعات بمقر الملتقى فى القاهرة وسط حضور من الجمهور.
وافتتحت الندوة بعزف السلام الوطني من الفنان أحمد سمير، بعدها تحدث مؤسس الملتقى الكاتب الصحفى محمود الشربيني مستهلا كلمته بأبيات من قصيدة لنزار قبانى.
وقال الشربيني: تتصادف عودة الملتقى إلى مقره القاهري وتوقيتها، مع مرور الذكري الثانية والخمسين لرحيل زعيم لايزال يشغل العالم ..حيًا وميتًا، ذلك الرجل الذي يكثف غيابه زخم حضوره.
وقال الشربيني فى كلمته: "لا أبحث فى هذا الجمع برموزه من مبدعين وكتابا ومثقفين عن تقييم ناصر أو تجربته ، وإنما أريد أن أرصد كيف كان تأثير خطابه المقاوم للاستعمار والاحتلال والصهيونية، والظلم والإقطاع والاستغلال وغياب العدالة الاجتماعية، وغير ذلك من المضامين التى حملها وعبر عنها وحاول تنفيذها على الأدب والابداع والمبدعين، وكيف أثروا فى الناس وكيف تأثروا بهم مشددًا على غياب الدراسات فى هذا الجانب.
وقدم الشاعر والكاتب الكبير محمود قرنى ورقة خلال ندوة الملتقى و عنوانها حديث عابر عن القومية والديمقراطية، قال فيها إن المشروع الناصري واجه حملات من الجهل والتجهيل والصفاقة وشدد على أن الدولة الناصرية استطاعت ،عبر سنوات محدودة ، تغيير وجه الحياة في مصر ..واستطاعت تحطيم بنية العقل الإقطاعي.
والعمل على إصلاح أوضاع العمال وإنشاء القطاع العام على أنقاض التأميمات التي وقعت على أملاك محتكري المال والسلطة، وصدرت للمرة الأولى قوانين تعتبر العمال شركاء في رأس المال وليسوا أجراء، وتأسست هيئة التأمينات الاجتماعية لضمان المعاشات مدى الحياة العامل وتوريثها ، فضلا عن إنشاء آلاف المدارس والمستشفيات والوحدات الصحية الريفية .
وفى كلمته قال المبدع الشاعر والروائي والكاتب والناقد مختار عيسي نائب رئيس اتحاد الكتاب :أتحدث كواحد ممن يدينون للرجل بالكثير فإني أستأذنكم في أن أوضح لكم كيف نشأ الفتى ، الذي كان لناصر العظيم دوره الأعظم في أن يتحدى كل عوامل الإحباط ، لأنه وجد في الزعيم صورة الولي الذي ربما كان يظهر له في ليالي السواد ليأخذه إلى هناك .. إلى حيث الإنسان صاحب الحق في الوجود والمشاركة في صنع حاضر وطنه ومستقبله، شأنه شأن من كانوا يظنون أن الوطن حكر عليهم وأنه لامكان للفقراء على خارطته إلا إن يكون عبيدا أو خدما.
وأكد عيسي أن ما كان ينتظر هذا الفتى إلا أن يظل أجيرا ، عاملا في حقل ، أو ورشة صغيرة ليجد قوت يومه الشحيح ، لكن كيف وقد رأى الفتى أن رئيس الدولة الزعيم الذي ألهم كل قوى التحرر في العالم لايباهي بكونه سليل الأمراء والباشوات بل بكونه ابن موظف صغير في البريد ، هنا كان على الفتى أن يدرك أنه الولي الذي يطل من بين الرسوم المتخيلة على حائط الجير المتساقط صارخا فيه: انهض وارفع رأسك فقد مضى عهد الاستعباد.
صدق المقاومة عند الزعيم
وقال الناقد الكبير الدكتور السيد ابراهيم فى دراسة مهمة عنوانها: صدق المقاومة عند عبد الناصر.. مدن القناة أنموذجا: لقد عرفت السويس المقاومة منذ زمن بعيد، وقريب قبيل قيام ثورة يوليو 1952 بعلم واحد ، ولهذا لم يكن غريبا أن تتعامل مع النكسة حين تلقى أبناءها من رجال المقاومة الشعبية تدريباتهم المتقدمة مع الجيش في أوائل شهر يوليه من عام 1967م وقد تصدوا في الرابع عشر من من نفس الشهر لأول محاولة يهودية لزرع علم دولتهم المحتلة في نصف مجرى القناة للسيطرة عليه والتي انتهت بأسر بعض جنودهم، وودع أهل السويس دروب مدينتهم على مضض نحو المنافي في محافظات مصر.
وتابع: وتحت ظروف صعبة ومغايرة لما كانوا عليه من حياة كريمة، غير أنهم وأهل البلاد الذين استقبلوهم لم يثوروا على زعيمهم جمال عبد الناصر، أو يلوموه، أو يطلبون له الموت، أو يطالبونه بالرحيل، بل تمسكوا به وأجبروه عن التراجع عن التنحي الذي أعلنه في التاسع من يونيه، وعدل عنه في اليوم التالي، إيمانا منهم بأن الأمل باقٍ ببقائه.. لعلمهم بمدى نقائه.. وثباته.. وعناده .. وإصراره على مواصلة المقاومة حتى النصر، ليقينهم في صدق مقاومته مثل كل المصريين.
وأضاف: لقد لعب الفن دورا كبيرا مع ميلاد الفرقة التي أسسها شاعر المقاومة الكابتن غزالي في أواخر عام 1967م، وقد استلهموا بعض من أغانيهم من كلمات الزعيم جمال عبد الناصر في خطبه التي بدأت مع أغنية "أنت المسئول" التي جاءت في افتتاح دورالانعقاد الخامس لمجلس الأمة، وأغنية "المعركة" عندما رفع الزعيم شعار: (لا صوت يعلو فوق صوت المعركة)، ولما أعلن في بيان مارس 1968م: (إن الحق بغير القوة ضائع) و(أن ما أُخِذَ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة) خرجت أغنية تردد نفس المعاني، ليخرج هذا الفن المقاوم إلى قلوب المصريين بل العرب، تماما مثلما خرج الفن البورسعيدي المقاوم مع الفدائيين فى ٥٦من خيمة الريس محمد يوسف كلمات تتغنى بتأميم قناة السويس: “في بورسعيد الوطنية/ شباب مقاومة شعبية/ دافعوا بشهامة ورجولية/ وحاربوا جيش الاحتلال/ مبروك يا جمال”.
خطاب ناصر المقاوم
أما الناقد محمد السيد اسماعيل فقال: واجه المشروع الناصرى ما كان مخططا للعالم العربى من أن يكون تابعا للدول الاستعمارية فحقق أولا قضية الجلاء وتحرير مصر من الإنجليز، كما ساعد الجزائريين فى تحريرهم من فرنسا والعديد من الدول الإفريقية ووقف ضد حلف بغداد وكانت قضية فلسطين محورية فى فكر عبد الناصر، وقد تجاوب مها العديد من الروائيين مثل نجيب محفوظ فى "الحب تحت المطر " و" الكرنك " وغيرهما وكذلك يوسف السباعى فى " طريق العودة " و" ابتسامة على شفتيه " التى اسعرض فيها جوانب القضية الفلسطينية ومحمد سلماوى فى "الخرز الملون " ورضوى عاشور زوجة الشاعر الفلسطينى مريد البرغوثى فى رواية " الطنطورية " التى استعرضت فيها النضال الفلسطينى من خلال شخصية رقية الطنطورية وعائلتها فى قرية طنطور جنوب حيفا، التى شهدت مذبحة مروعة وفتحى غانم فى " أحمد وداود " وبهاء طاهر فى رواية "شرق النخيل " وكذلك مجمل أعمال الروائية المصرية من أصل فلسطينى بشرى أبو شرار التى كانت كل رواياتها حنينا لوطنها المسلوب.