الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

محافظات

49 عامًا على النصر| حكمدار الساتر الترابي لـ«البوابة نيوز»: فقدت ذراعي الأيمن بسبب غارة للعدو ودفنتها بعد قراءة الفاتحة عليها

 حكمدار الساتر الترابى
حكمدار الساتر الترابى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في الذكرى الـ 49 لانتصارات حرب أكتوبر المجيدة، التقت “البوابة نيوز”، إسماعيل بيومى جاب الله، حكمدار مجموعة اقتحام الساتر الترابى فى خط بارليف أثناء حرب أكتوبر، وقال: إنه انضم إلى صفوف القوات المسلحة فى 15 فبراير 1969، وظل يخدم لمدة 6 سنوات، حيث أحيل للتقاعد من الجيش عام 1975. 

وأضاف لـ«البوابة نيوز»، أنه شارك ضمن صفوف المقاومة الشعبية للعدو الصهيونى الإسرائيلى، بصفته من أهالى مدينة الإسماعيلية، حيث إنه رفض الهجرة مع عائلته، إلى إحدى محافظات الدلتا، مشيرًا إلى أنه وقع عليه الاختيار للانضمام إلى صفوف القوات المكلفة بإزالة الساتر الترابى، حيث انضم إلى سلاح المهندسين.

يُشير بيومى إلى انضمامه إلى سلاح جديد ضمن سلاح المهندسين هو سلاح مضخات المياه وهى الفرق المكلفة بإزالة الساتر الترابى الموجود على الجبهة الشرقية لقناة السويس، وسبب اختياره يرجع إلى قوته البدنية بسبب ممارسته للرياضة والسباحة.

ويُتابع، أنهم تدربوا على إزالة الساتر الترابى منذ عام ١٩٦٩ وحتى الحرب وتم ذلك فى مناطق عديدة داخل مصر وفى بحيرات تُشبه قناة السويس وأبرز تلك المناطق كانت الخطاطبة قرب محافظة البحيرة، وفى بنى سلامة وفى قرية البعالوة فى الإسماعيلية، وفى بحيرة البلاح فى الإسماعيلية. 

ويلفت الجندى مجند بيومى إلى أن الأوامر جاءت لهم بالعبور لقناة السويس بعد ضربات الطيران والمدفعية مباشرة، حيث كانت فرقتهم من أوائل الفرق العابرة للقناة، حيث كُلفوا بإزالة الساتر الترابى عن القناة من أجل تسهيل عملية عبور المعدات والجنود العابرين للقناة. 

ويشرح إحساسه بالفخر عند عبوره للقناة وقضائه على العدو الصهيونى الذى دنس أرضه وهدم بيته، واضطره وعائلته للهجرة بعيدًا عن مدينته الإسماعيلية. ويُوضح أهمية دورهم قائلًا: «كنا نُزيل هذه الستائر الترابية تحت نيران كثيفة من العدو، حيث كان كل الجنود قادرين على اتخاذ أماكن للاختباء من كثافة النيران، لكن فرقتهم كانت تعمل تحت كل هذا القصف، لأنهم المكلفون بإزالة الساتر الترابى حتى تستطيع الدبابات والعربات المصفحة وغيرها من المعدات عبور القناة». 

ويلفت البطل إسماعيل بيومى، إلى تعرضه لإصابة فى وجهه يوم ٧ أكتوبر، لكنه أصر على استكمال الحرب وعدم مغادرة فرقته، وساعده فى ذلك الشهيد أحمد حمدى، قائد سلاح المهندسين الذى وافقه لما رأى فى موقفه من شجاعة ووطنية. 

ويعاود إلى تعرضه لإصابة أخرى يوم ٢٣ أكتوبر بعد وقف إطلاق النار بيوم واحد، والتى فقد على إثرها ذراعه الأيمن، حيث كان تعرض لقصف من إحدى طائرات العدو، حيث كان مكلفا بوقف تسلل العدو الذى عبر إلى الجبهة الغربية من خلال ثغرة الدفراسوار.

ويُكمل البطل إسماعيل بيومى، أنه فقد ذراعه الأيمن فى منطقة الجناين والتى تبعد نحو ٥ كيلو مترات عن مدينة السويس، حيث إنه ورغم قرار وقف إطلاق النار؛ إلا أن العدو كان يواصل التسلل إلى بعض المناطق فى السويس.

 

ويُشير إلى أنه وزملاءه دمروا حوالى ١٧ دبابة للعدو فى منطقة الجناين، لافتًا إلى أنه قرأ الفاتحة على ذراعه الأيمن ودفنها، ثم عبر إلى الجبهة الشرقية لقناة السويس للعلاج فى الكتائب الطبية الموجودة هناك، وأنه قد عبر إلى الجبهة الشرقية عائمًا متحديًا نفسه، حيث إنه كان قد فقد ذراعه الأيمن، لكنه عبر باستخدام ذراع واحدة فقط، حيث كان كبارى العبور تم وقفها خوفًا من تسلل العدو عبرها إلى الجبهة الغربية.

ويختم حديثه، بأنه يأمل فى تكريم من تبقى من أبطال حرب أكتوبر، وألا يتم الاكتفاء بالحديث عنهم عند ذكرى النصر العظيم فقط.

البطل إسماعيل بيومى قاهر خط بارليف كان أحد أبطال سلاح المهندسين فى الجيش الثالث الميداني وكان من أوائل العابرين لقناة السويس ومقتحمى خط بارليف يوم ٦ أكتوبر، ولد عام ١٩٤٨، وعاصر أحداثا مهمة أثرت فى تكوين شخصيته، خاصة فى ظل اهتمامه بالقضية المصرية منذ الاحتلال البريطانى، وتحديدا ما يتعلق بمدن القناة وحتى نصر أكتوبر، وفى حواره لـ«البوابة» أكد أن أول الأحداث التى عاصرها كانت معركة الفدائيين عام ١٩٥١، ومعركة الشرطة ١٩٥٢، ثم ثورة يوليو وما تبعها من أحداث خروج الملك وجلاء القوات البريطانية وتأميم قناة السويس والعدوان الثلاثى على مصر، مؤكدا أن كل هذه الأحداث صنعت شخصيته.

يقول البطل إسماعيل بيومى شاركت مع زملائى فى عبور القناة وإزالة الساتر الترابى وقد تعرضت لإصابتين خلال حرب أكتوبر.

ويذكر البطل يوم ٧ أكتوبر أثناء تواجده لعبور أحد الكبارى تعرضت مجموعته لقصف عنيف وسقط صاروخ داخل القارب الذى كان يستقله مع زملائه مما أدى إلى إصابته إصابة شديدة بالجبهة فوق الحاجب الأيمن ولا تزال آثارها باقية حتى اليوم.

وتابع وجدت نفسى وسط مياه القناة ووسط جثث زملائى الذين استشهدوا وبرك من الدماء ونزيف شديد فى رأسى. 

وأضاف تمكنت من السباحة حتى وصلت إلى الضفة الغربية من القناة وتم عمل الإسعافات اللازمة بواسطة الرائد على طبيب الكتيبة بالجيش الثالث الميدانى وقرر أن حالتى تستدعى النقل إلى المستشفى لاستكمال العلاج وهو ما رفضته بشدة لعدم رغبتى فى ترك موقعى فى جبهة القتال. 

وأكد أنه صمم على تواجدى وسط زملائى وسط قصف عنيف من قوات العدو خاصة من موقع العدو الحصين بالنقطة ١٤٩ وأبلغوا العميد أحمد حمدى قائد وحدات الكبارى الذى كان موجودا بين جنوده بالقناة وأمام رغبتى الشديدة فى البقاء سمح لى بالبقاء وكانت مهمتى المرور بالقوارب على الكبارى وتأمينها واستلام أسرى العدو ونقلهم للضفة الغربية لرجالنا المتخصصين وكذلك نقل الجرحى الذين أصيبوا خلال العمليات فوق أرض سيناء إلى الضفة الغربية بنقط معينة تتلقاهم السرايا الطبية وبالفعل استكملت مهامى فى الحرب وجرحى مربوط بشاش يغطى عينى تماما حتى إن زملائى أطلقوا على موشى ديان. 

أضاف إسماعيل بيومى أن قصف العدو كان مستمرا لا يتوقف ويستخدمون الأسلحة كل حتى المحرمة دوليا ولا يحترمون أى قرارات لوقف إطلاق النار حتى استشهد العميد أحمد حمدى قائد سلاح الكبارى فى إحدى الغارات وهو بين رجاله فوق أحد الكبارى يقوم بإصلاحه فى المنطقة التى حفر بها النفق الذى يحمل اسمه الآن أسفل قناة السويس بالقرب من مدينة السويس واستمر الضرب متواصل على هذا الحال حتى يوم ٢٢ أكتوبر بعد إصدار قرار وقف إطلاق النار الذى احترمته مصر ولم يحترمه العدو الإسرائيلى حيث كانت تخرج علينا الطائرات الأمريكية فى السويس من طريق الجناين والشلوفة وأيضا تحاول المدرعات والجنود العودة من تلك الطرق. 

قال بيومى جاءت الأوامر فى ذلك الوقت بوقف إطلاق النار وطلبوا من كل مجند حماية موقعه وحفر براميل تحت الأرض والانتظار بداخلها بلا ماء ولا طعام وكنت اعتبرها مقابر وليست خنادق وتم تنظيم أكمنة لتعطيل دخول العدو عن طريق عمل حفر برميلية ووضع ألغام فى كل مكان تقوم بتأمينه وبالفعل وجدنا هجوما من العدو ولكن دمرنا عددا كبيرا من الدبابات وكان لى شرف تدمير إحداها مما أدى إلى تراجع الدبابات والالتفاف حولنا حتى فوجئنا بقصف شديد من الطائرات وسقطت بجوارى عبوة شديدة الانفجار تسببت فى ردم الحفرة بمن فيها وعندما استعدت قدرتى على التفكير رفعت أكوام الرمال التى تغطينا وجدت ذراعى الأيمن متهتك تماما ويكاد يكون منفصل عن جسدى عند الكتف وليس بها شيئا سليما سوى كف اليد فقط فقام بعض زملائى بفصل الذراع المتدلى حتى لا يعوق حركتى وقام آخر بربط ما تبقى من الذراع أسفل الكتف بقطعة من ملابسه وقام بدفن الذراع بنفس الحفرة وقمت بقراءة بعض من آيات القرآن. 

حاولوا إقناعى بإخلاء الموقع لكننى رفضت مثلما رفضت فى المرة الأولى وما يدور فى خاطرى كيف أترك رفقاء السلاح الذين اعتبرهم أشقائى وأغادر الجبهة ومكثت فى موقعى لمدة ٦ ساعات حتى تعرض الجرح لنزيف شديد وهدانى التفكير إلى العبور شرقا للعلاج بالكتيبة الطبية المتواجدة نحو عيون موسى فى الشرق ولم يكن الكوبرى الذى تم نصبه بالمنطقة موجودا بعد قصف طيران العدو له فقررت عبور القناة سباحة للضفة الشرقية بيد واحدة حتى أصل إلى موقع الكوبرى وعبور خط بارليف.

وبعد وصولى إلى منتصف القناة أصيبت بإعياء شديد وغيبوبة لم تمكنى من مواصلة العبور حتى فاجأنى العدوان بغارة عنيفة من الطائرات على شاطئ القناة وسقطت دانات بمياه القناة ومن شدتها كانت تحدث دوامات ترفع ما فى قاع القناة إلى سطحها وكانت المياه تفور من شدة الغليان وتعلقت بالشعب المرجانية وتكسيات القناة والتى منعتنى من الانجراف مع التيارات المائية حتى هدأت الغارة ووجدت نفسى على الضفة الغربية أسفل خط بارليف بعيدا عن فتحة الكوبرى حاولت الاستغاثة بزملائى أعلى الساتر الرملى لخط بارليف لكن كان النزيف يزداد وقررت الاستسلام وترديد الشهادة حتى شاهدنى جنديان مصريان من أعلى خط بارليف تعرف على إحداهما ورفعنى بالحبال من شط القناة أعلى الساتر الرملى وطلبت نقلى إلى الكتيبة الطبية فوجئنا بنسف الكتيبة رغم أن الاتفاقيات تنص على عدم ضرب الكتائب.

لكن كما ذكرت؛ فإن العدو لم يكن يحترم القوانين الدولية، ثم توجهنا إلى مستشفى السويس للعلاج بعد ٤٨ ساعة متواصلة حتى وصلت المستشفى، لأن كل الكبارى كانت مغلقة من شرق القناة إلى غربها، وظللت فى المستشفى حتى ١٧ نوفمبر موعد إيقاف إطلاق النار، وتم تحويلى إلى مستشفى ألماظة العسكرى، واستمرت فترة العلاج لمدة عام تقريبا، حتى عام ١٩٧٤.

وقال: فى ١٦ نوفمبر ١٩٧٣، تم عقد اتفاقية لوقف إطلاق النار بين مصر وإسرائيل، ونصت الاتفاقية على إخراج الجرحى من السويس وتبادل الأسرى، لكن الرئيس السادات أصدر قرارا بنقلى أنا ومجموعة أخرى من زملائى كمصابين مدنيين إلى المستشفى حتى لا نتعامل معاملة الأسرى، وتم نقلى إلى مستشفى السويس، وهناك زارتنى جيهان السادات ومعها عدد من زوجات السفراء والرؤساء، وقالت لى اطلب أى شيء وتتم الاستجابة لك فورا، فقلت لها: «اللى أنا عاوزه أخذته وهو النصر، والحمد لله نالت مصر النصر، لا أريد شيئا أكثر من هذا، وفى اليوم الثانى، تم عمل حلقة فى القناة الثانية بعنوان «وجوه مشرقة»، وكان معى عدد من أبطال حرب أكتوبر، وبعدها بأسبوع سافرت إلى يوغسلافيا لتركيب أطراف صناعية».

عن يوم تحرير واسترداد سيناء يقول بيومى: «هو أعظم يوم فى التاريخ؛ إذ استطاع الجيش المصرى استرداد جزء من سيناء فى حرب أكتوبر ١٩٧٣، واستطاع السادات بعبقريته ودبلوماسيته استرداد آخر شبر فى سيناء باتفاقية كامب ديفيد، رافضا ما يعتبره البعض خيانة، لافتا إلى أن سيناء تبلغ مساحتها ٦١ ألف كيلو متر، استطعنا استرداد ١٠٠٠ كيلو فقط فى حرب أكتوبر، والباقى عاد إلينا فى كامب ديفيد.