تعددت حالات العنف الأسري في الفترة الأخيرة ، ليصبح معها مصطلح "الخلافات الأسرية" القاسم المشترك في معظم جرائم القتل بين الأزواج، فتجد زوجا يقتل شريكة حياته، وزوجة تتخلص من زوجها لخلافات قد يراها أصحابها أنها كفيلة لارتكاب جرائمهم التي تدمى لها القلوب، وتسجل وجع جديد في سلسال الدم الأسري، إلى جانب وقائع أخرى شهدها المجتمع حيث كانت الزوجة سببا من أسباب إقدام الزوج على التخلص من حياته بسب الضغوط والخلافات التي أصبحت تفتعلها بعض الزوجات مؤخرًا، ليجد الضحية الانتحار وإنهاء حياته أهون عليه من بقائه علي قيد الحياة مع زوجته، ولتصبح هذه الجرائم خطرة على المجتمع وتنذر بكوارث وخلل يتطلب دراستها ومعالجتها.
جرائم
وكانت آخر وقائع العنف الأسري تلك المأساة المؤسفة التي ضجت مواقع التواصل الاجتماعي والرأي العام اليومين الماضيين، وهي مصرع طبيب صيدلي سقط من الطابق الخامس بمنطقة حلوان، حيث النيابة العامة إخطارًا من الشرطة بسقوط الصيدلي من شرفة مسكنه ووفاته ونقله لأحد المستشفيات، وذلك بالتزامن مع ما رصدته وحدة الرصد والتحليل بإدارة البيان بمكتب النائب العام من تداول عدة منشورات حول الواقعة، والتي منها ما أشار إلى اتهام المتهمين بقتله عمدًا، فباشرت النيابة العامة التحقيقات.
وفي منطقة المرج لقي شاب عشريني مصرعه علي يد شقيق خطيبته، وذلك بعدما قام المتهم باستدرج المجني عليه نحو منزله وقام بإلقائه من الطابق الثالث، ليسقط أرضًا غارقًا في دمائه، وتم ضبط أحد المتهمين، فيما لاذا أحدهم بالفرار.
وفي منطقة بولاق الدكرور قام الأهالي بإبلاغ قسم الشرطة بوجود جثة شاب وسط الشارع، ألقى نفسه من الطابق الثالث، حيث اعترفت الزوجة أنها هي وعشيقها قاما بتعذيب المجني عليه وأجبراه علي الطلاق وفى النهاية استسلم ورمى عليها يمين الطلاق سبع مرات، وظل هو مكبل اليدين، واستيقظنا على صرخات شقيقتي التي أخبرتنا بأنه ألقى نفسه من البلكونة، وقررنا الهروب سويًا وتزوجنا عرفيًا وذهبنا لقضاء شهر العسل، لكن تم القبض علينا.
ومن جانبها، قالت سماء نصار أستاذ علم النفس، تتعدد الضغوط النفسية التي يتعرض لها الأزواج سواء الزوج أو الزوجة، فبعض الأسر تلعب الزوجة فيها الدور الأكبر فهي موظفة تخرج لعملها ثم تعود للمنزل لتمارس دور الأم مع أولادها والزوجة لزوجها، وقد لا تجد القليل من الوقت لتشعر بالراحة مع نفسها، وهناك أسر أخرى تكون الزوجة ربة منزل ولا تعمل، ويخرج الزوج للعمل ويعود آخر اليوم بحاجة للراحة والاسترخاء وهنا يجد الزوجة محملة بالكثير من الشكاوى التي جزء منها مرتبط بمشاكل الأبناء خلال اليوم وجزء آخر مرتبط برغبتها في الشعور بالاهتمام من الزوج المنشغل عنها بالعمل طوال اليوم، وهنا الزوجة لديها عذرها فلديها احتياج طبيعي وتريد إشباعه والزوج أيضًا لديه حق في رغبته في العودة للمنزل بعد يوم عمل شاق ليجد الراحة في منزله، وهنا يكون ذلك مصدر للضغوط النفسية للطرفين إذا لم يستطيعوا أن يجدوا حلولا وسيطة للتعامل مع هذا الموقف.
وأضافت «نصار» أن هناك أسر أخرى يكون الاختيار فيها خاطئا في الأساس، فعندما يرتبط الزوج بزوجة غير مناسبة لمستواه الثقافي أو الاجتماعي ويكون الهدف من الزواج هو حلم الثرى العربى كما يقال، فهنا الزوجة ترى زوجها على أنه مصدر للفلوس والثروة المادية التي تطمح لها وتبدأ الزوجة بالطلبات المادية التي يمكن أن تكون أعلى من قدرة الزوج الفعلية، وتكون هنا هذه المشكلة مصدرا للضغط النفسي على الزوج.
واستكملت «نصار»: «تتعدد أشكال العلاقات الزوجية وينتج عنها العديد من الضغوط النفسية التي تزيد الحمل على الطرفين، فهي ضغوط إضافية بالإضافة لضغوط العمل والضغوط الاقتصادية وضغوط الأبناء، فيتحول المنزل لمصدر آخر للضغط النفسي بدلًا من أن يكون مصدرًا للراحة والتخلص من عبء الضغوط المتعددة التي يواجهها الفرد في المجتمع».
وأكدت «نصار» أن سلوك الفرد يتحدد حسب قدرته النفسية على التحمل، فالبعض يجد بدائل مختلفة لحل المشكلة وهو أفضل وسيلة للتخلص من الضغوط، والبعض الآخر يقع فريسة للمرض النفسي أو الأمراض السيكوسوماتية التي يكون فيها المرض جسدي عضوي والسبب نفسي، فيما يلجأ البعض للانتحار للتخلص من الضغوط التي يعانون منها، وهذا لا يحدث صدفة ولكن بعد تعرض الفرد لعدد من الضغوط التي تجعله عرضة للاكتئاب الذي يزداد شدة حتى يصل الفرد للانتحار.
وقال فتحي القناوي أستاذ كشف الجريمة بالمركز القومي للبحوث الجنائية، إن كل الجرائم التي أُرتكبت مؤخرًا هي بدافع «حب الامتلاك» سواء جرائم ارتكبها رجال أم سيدات وهي الشخصية السادية والنرجسية وهي التي لاتحب أن تفقد ماهو ملك لها، وتعتقد أنه عندما يخرج الطرف الثاني عن طوعي لا يجب أن يذهب لشخص آخر تحت أى مسمي من المسميات، لأن ما نراه الآن من جرائم هو بسبب اعتلال النفسية في كل الحالات التي تم ذكرها وهي ترتكب جريمتها سواء بيدها أو بيد غيرها أو حتي بوضع الضحية تحت ضغوط نفسية أو القيام بأي أي أفعال لإثاره الطرف الآخر».
وأضاف «القناوى» أنه فيما يخص حالة الطبيب الصيدلي ولاء، فهناك أحاديث متداولة حول وجود تسجيلات صوتية بين زوجته ووالدتها حول استمتاعهم بتعذيبه فمعني ذلك أنهم شخصيات سادية يستهواها التعذيب والتملك، فإذا كان ما ذُكر عن الحادث صحيحا فإنه بالفعل سمات الشخصية هي التي تحرك الأشخاص نحو ارتكاب الجرائم.
عقوبات
ويقضي القانون المصري بالحكم على فاعل جناية القتل العمد بالإعدام إذا تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى كما جاء بالمادة 2344 من قانون العقوبات، حيث إن القتل العمد لابد أن يتحقق فيه أمران، وهما سبق الإصرار وعقوبته الإعدام، والترصد وهو تربص الجانى فى مكان ما فترة معينة من الوقت سواء طالت أو قصرت بهدف ارتكاب جريمته وإيذاء شخص معين وعقوبته الإعدام أيضًا وهنا يتوفر الأمران حيث قامت السيدتان بالتربص للمجني عليه بغرض إنهاء حياته لسرقته.
والقتل المقترن بجناية عقوبته هو الإعدام أو السجن المشدد أحدهما قصد الشخص بالقتل، فلو كان غير قاصد لقتله، فإنه لا يسمى عمدًا؛ وثانيهما، أن تكون الوسيلة في القتل مما يقتل غالبًا، فلو أنه ضربه بعصا صغيرة، أو بحصاة صغيرة في غير مقتل فمات من ذلك الضرب فإنه لا يسمى ذلك القتل قتل عمد، لأن تلك الوسيلة لا تقتل في الغالب.