دائما ما يكون الأب هو درع الأمان والطمأنينة والحماية لأطفاله هؤلاء الأبرياء الذين يكونوا ضحايا التفكك الأسري ويدفعون ضريبة الخلافات الزوجية وانفصال والديهما، حيث يضطر الأبناء إما للإقامة مع زوجة الأب التي تكون بمثابة آلة تعذيب لهم وتحاول التفرقة والمكيدة بين زوجها وأبنائه ليس لسبب معلوم سوى أنهم ليس أبناء بطنها، وإما يلجأ الأبناء للرضوخ والمعيشة مع زوج الأم والذي يكون أقسى وأشد غلظة عليهم لرؤيته بأن هؤلاء الأطفال ليسوا من صلبه ولا حاجة له في تربية أبناء رجل آخر.
هذه الواقعة التي أمامنا اليوم كان مصدر الأمان هو القاتل الأب الذي تجرد من كل معاني الأبوية وألقي بها بعيداً وارتدى بدلاً منها عباءة الشيطان الذي راح يعذب طفلته البالغة من العمر 3 سنوات انتقاماً من والدتها فيها، فلم يتحمل جسدها النحيل وصلات التعذيب اليومية علي يد ذلك الشيطان لتفيض روحها البريئة إلي خالقها وتترك حياة انتهت قبل بدايتها منذ انفصال والديها.
البداية تعود لعامين سابقين عندما وصل الخلاف بين المدعو "حسام س" صاحب الـ26 عاما حينها والذي يعمل صنايعي باليومية، وزوجته إلي الفصل الأخير وانتهت المعيشة بينهما بالطلاق وتركت الأم طفلتها "مريم" التي لم تكمل عامها الأول "قطعة لحمة حمراء" لزوجها وذهبت لتتزوج من آخر، وبدأت مأساة الطفلة منذ ذلك الوقت، تزوج الأب من أخري وعاش داخل منزلهم الكائن بمنطقة الوراق شمال محافظة الجيزة، وكان الزوج عند رؤية طفلته مريم يتذكر والدتها التي تركته وإياها، فينهال عليها ضرباً دون سبباً معلوم.
أمس الأول أمسك الأب بسلك الشاحن وبدأ في وصلة ضرب لأبنته التي أتمت عامها الثالث منذ أيام قليلة لمجرج اقترابها من الثلاجة بحثاً عن الطعام، لتسقط الطفلة جثة هامدة ويشعر والدها بالرعب والخوف وحاول ايقاظها ولكن دون جدوي فخحملتها زوجة الأب إلي المستشفي لعل تكون فقط أغمي عليها وأخبرها زوجها بأن تخبر المستشفي بأنها سقطت من أعلي درج السلم أثناء لهوها، وعند وصول الزوجة تحمل طفلة زوجها وبتوقيع الكشف الطبي عليها اشتبه الطبيب في وفاتها جنائياً وأبلغ قسم شرطة الوراق الذين حضروا علي الفور وكشفوا تفاصيل الواقعة وألقي القبض علي والدها بتهمة تسببه في قتلها.
تفاصيل تلك الواقعة كما دونتها سجلات ضباط مباحث قسم شرطة الوراق بمديرية أمن الجيزة كانت بتلقي المقدم هاني مندور رئيس وحدة المباحث، إشارة من المستشفي تفيد باستقبال طفلة تدعي "مريم حسام س" 3 سنوات مصابة بحروق وكدمات وسحجات متفرقة بالجسد ولقيت مصرعها خلال محاولة إسعافها وادعاء تعدي والدها ووجود شبهة جنائية في الواقعة، وعلي الفور انتقلت قوة أمنية وبالفحص وسؤال زوجة والد المتوفاة أفادت بتعدي والدها عليها بغرض تأديبها إلا أنها لفظت أنفاسها الأخيرة متأثرة بإصابتها.
عقب تقنين الإجراءات واستصدار إذن مسبق من النيابة العامة أمكن ضبط المتهم واقتياده إلي ديوان القسم وبمواجهته إعترف بإرتكاب الواقعة بقصد تأديب نجلته، وقال المتهم خلال التحقيقات التي أجريت معه بأنه لم يكن قصد قتل طفلته ولكنه ضربها لإبعادها عن الثلاجة لأنها بها ماس كهربائي وسبق وتعرضت للصعق إلا أمكن إنقاذها، وأضاف المتهم بأنه فور سقوط نجلته أرضاً حاول افاقتها ولكن دون جدوي فذهبت بها زوجته "ليست والدة الطفل" إلي المستشفي وتم اكتشاف وفاتها هناك، وأشار إلي أنه والدةالطفلة تطلقت منه قبل عامين وترك لها المجني عليها لتربيتها وأنه لم يكن يرغب في قتله "كنت بربيها.. مفيش حد بيقتل بينته".
وبالعرض علي النيابة العامة بشمال الجيزة والتي أمرت بانتداب طبيباً شرعياً لتشريح جثة الطفلة "مريم حسام س" 3 سنوات، وإعداد تقرير واف عن كيفية وأسباب الوافاة كما صرحت بدفن الجثة عقب بيان الصفة التشريحية لها، وقامت النيابة بمواجهة المتهم بما أسفرت عنه التحريات والضبط أقر بصحتها وارتكاب جريمة قتل ابنته بقصد تربيتها، كما أمرت النيابة بحبس المتهم ٤ أيام احتياطيًا على ذمة التحقيقات وجدد قاضى المعارضات حبسه ١٥ يومًا، واصطحب فريقًا من النيابة العامة المتهم إلي مسرح الجريمة لإجراء معاينة تصويرية وتمثيل جريمته وطلبت النيابة تحريات المباحث التكميلية حول الواقعة ولا تزال التحقيقات مستمرة.