ألقت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، الكلمة الافتتاحية لمؤتمر «توسيع نطاق التمويل المُختلط لتحفيز التحول الأخضر»، والذي تنظمه سلطة النقد في سنغافورة بالتعاون مع ماكنزي آند كمباني والتحالف الدولي للتمويل المختلط، بسنغافورة، في إطار الاستعدادات لانعقاد مؤتمر المناخ COP27 بمدينة شرم الشيخ الشهر المقبل، حيث افتتح المؤتمر إلى جانب وزيرة التعاون الدولي، السيدة كريستينا جيورجيفا، المدير العام لصندوق النقد الدولي بكلمة عبر الفيديو، والسيد رافي مينون، المدير العام لسلطة النقد في سنغافورة.
وفي كلمتها أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، أن العمل المناخي أصبح جزءًا رئيسيًا من حياتنا اليومية، كما أضحى على رأس اهتمامات الدول والمؤسسات والمجتمعات، لافتة إلى أن الاهتمام بالمناخ اكتسب أهمية كبيرة على مدار السنوات الماضية، بيد أن التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا والحرب في أوروبا انعكست سلبًا على هذا الاهتمام كما رفعت تكلفة أجندة العمل المناخي وهو ما يعزز الحاجة إلى التعاون متعدد الأطراف من أجل حشد الجهود والتمويلات التنموية لدعم الانتقال العادل.
وأشارت وزيرة التعاون الدولي، إلى أن تحقيق أجندة العمل المناخي يتطلب مضاعفة الموارد المالية المتاحة وتحقيق العدالة في توفير التمويل على مستوى الدول المختلفة وعبر القطاعات، منوهة بأن تقديرات الاحتياج السنوي للعمل المناخي يبلغ 5.7 تريليون دولار، وهو ما يتجاوز بكثير ما تم توفيره خلال عام 2019-2020، والذي بلغ نحو 632 مليار دولار، ويظهر حجم الفجوة التمويلية التي يجب العمل على إغلاقها، كما يؤكد أن التعهد بتوفير 100 مليار دولار من الدول المتقدمة للنامية قليل مقارنة بالاحتياج الفعلي.
وتابعت: من أجل الفهم الدقيق لهذه الفجوة والعمل على التغلب عليها فإنه من الضروري معرفة التوزيع الجغرافي غير المتكافئ للتمويل المناخي على مستوى العالم، لاسيما في قارة أفريقيا التي تحتاح لنحو 250 مليار دولار لتمويل مساهماتها المحددة وطنيًا، بينما المبلغ الذي تم توفيره يبلغ نحو 19 مليار دولار فقط. كما يجب رصد الفجوة بين تمويل مشروعات التخفيف والتكيف مع تداعيات التغيرات المناخية، حيث تتلقى الأخيرة أقل من 20% من التمويل المناخي المتاح.
وشددت "المشاط"، على أن جائحة كورونا وما تبعها من أزمات أثبت بما لا يدع مجالا للشك أن الحكومات بمفردها لن تستطيع المضي قدمًا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة والنمو الشامل وتعزيز القدرة على الصمود، وأنه لتحقيق ذلك يجب تعزيز التعاون متعدد الأطراف الذي يضمن المشاركة الفعالة من الأطراف ذات الصلة كافة لاسيما القطاع الخاص الذي يقوم بدور حيوي في دفع جهود التحول إلى الاقتصاد الأخضر ومنخفض الكربون، فضلا عن شركاء التنمية والمنظمات غير الهادفة للربح.
واستدلت وزيرة التعاون الدولي، على أهمية القطاع الخاص بالمؤشرات الصادرة عن مجموعة البنك الدولي، والتي تؤكد أن تحويل 1.4% فقط من الأصول المالية العالمية الخاصة سيكون كافيًا لسد فجوة تمويل المناخ على مستوى العالم.
وقالت "المشاط"، إنه من أجل ذلك فإن الرئاسة المصرية لمؤتمر الأطراف باتفاقية الأمم المتحدة للمناخ COP27، تعمل على دفع الانتقال من مرحلة التعهدات إلى مرحلة التنفيذ، وتسليط الضوء على احتياجات تمويل مشروعات التكيف والمرونة مع التغيرات المناخية، وكذلك الدعوة إلى دور أكبر للقطاع الخاص والمؤسسات غير الهادفة للربح للبناء ما ما تحقق في مؤتمر جلاسجو بالمملكة المتحدة من أجل تسريع وتيرة العمل المناخي.
وتحدثت عن الجلسة التي عقدها وزارة التعاون الدولي ضمن الجناح المصري بمؤتمر المناخ بجلاسجو والتي ناقشت كيفية زيادة الاستثمارات المناخية للمشروعات الخضراء الجاذبة للاستثمارات، والتي أظهرت توافقًا بين مختلف الأطراف دون وجود آلية واضحة لتحقيق ذلك، لافتة إلى أنه من أجل ذلك أطلقت وزارة التعاون الدولي عملية مشاورات موسعة ضمت أكثر من 70 من شركاء التنمية والمؤسسات الفاعلة في مجال العمل المناخي والقطاع الخاص وبنوك التنمية متعددة الأطراف وكذلك البنوك التجارية والمنظمات غير الهادفة للربح، وذلك من أجل وضع إطار دولي للتمويل المبتكر.
ونوهت بأن هذه المشاورات نتج عنها العمل على إعداد "دليل شرم الشيخ للتمويل العادل"، والذي سيتم الإعلان عنه خلال مؤتمر المناخ COP27، بهدف وضع إطار واضح يعزز التمويل المبتكر والمختلط محليًا وإقليميًا ودوليًا، ويحفز المشاركة الفعالة من الأطراف ذات الصلة نحو زيادة التمويل المناخي لمشروعات التكيف والتخفيف من تداعيات التغيرات المناخية، ومراعاة التوزيع العادل لهذا التمويل على مستوى العالم.
وانتقلت وزيرة التعاون الدولي، للجهود الوطنية الهادفة لتنفيذ التعهدات المناخية، من خلال إعداد المنصة الوطنية للمشروعات الخضراء برنامج "نُوَفِّي"، والتي تستند إلى الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية 2050، والمساهمات المحددة وطنيًا NDCs، حيث تهدف المنصة إلى توفير التمويلات التنموية الميسرة ومنح الدعم الفني وتحفيز استثمارات القطاع الخاص لقائمة محددة من المشروعات ذات الأولوية في قطاعات المياه والغذاء والطاقة،
ويشهد «توسيع نطاق التمويل المختلط لتحفيز التحول الأخضر»، مشاركة موسعة من رؤساء المؤسسات الدولية وممثلي الحكومات من بينهم كريستينا جيورجيفا، المدير العام لصندوق النقد الدولي، ورافي مينون، المدير العام لسلطة النقد بسنغافورة، وأوليفر تونبي، الشريك في ماكنزي آند كمباني، و جوان لاريا، الرئيس التنفيذي للتحالف الدولي للتمويل المختلط، ومارك كارني، الرئيس المشارك لتحالف جلاجو المالي GFANZ والمبعوث الخاص للأمم المتحدة للعمل المناخي والتمويل، والبروفيسور نيكولاس ستيرن، رئيس معهد جرانثام لبحوث المناخ، والدكتورة سري مولياني اندراواتي، وزيرة المالية الإندونيسية، و ترامان شانموجرانتام، الوزير الأول بسنغافورة ووزير السياسات الاجتماعية، و هيروميشي ميزونو، المبعوث الخاص للسكرتير العام للأمم المتحدة للتمويل المبتكر والاستثمار المستدام، وممثلي بنك أوف أمريكا، ومؤسسة التمويل الدولية، وبلاكروك.
ويأتي انعقاد المؤتمر في إطار ما يتطلبه تحقيق الصافي الصفري من حشد ضخم لرؤوس الأموال، وتحفيز التمويل المبتكر والمختلط، بما يعزز الشراكات بين القطاعين الحكومي والخاص، لتمويل مشروعات التكيف والتخفيف من تداعيات التغيرات المناخية، حيث يهدف المؤتمر لتحفيز الجهود العالمية في هذا الصدد من خلال اجتماع مسئولي الحكومات والمؤسسات الدولية لتبادل الخبرات والرؤى ومناقشة الخطط المطلوبة لتحقيق هذا الانتقال.
ويسلط المؤتمر الضوء على مناقشة فجوة التمويل لتحقيق الصافي الصفري، والعوامل المحفزة للشراكات بين القطاعين الحكومي والخاص، وكذلك كيفية توظيف التمويل المختلط لتحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ، والطرق المبتكرة لزيادة الاستثمارات المستدامة، والتحديات والفرص في استخدام التمويل المبتكر لدعم الابتكارات وتعزيز الاستثمارات.