الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة القبطية

«شنودة – يوسف».. رحلة العذاب من الولادة والتبني إلى دار الأيتام.. خبراء الطب النفسي يصفون واقعة الطفل بـ«المأساة».. ويطالبون بدعم جميع أطراف القضية

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

 

خليل فاضل: نقل الطفل إلى دار أيتام انتزاع لقلبه وروحه ويحوله إلى مسخ 

إيمان صديق رياض: سبب رئيسي في اضطراب شخصيته والنتيجة ستكون ضد المجتمع 

أميرة شوقي: الواقعة تمثل صدمة مجتمعية وحضارية ينتج عنها وحدة نفسية واكتئاب شديد 

محام: نناشد بتحقيق روح القانون 

عاطف نظمي: الشريعة المسيحية لا تنفي التبني وتقره بشروط في لائحة 38 

 

بعد غياب شهر كامل عن كنف من ربياه صغيرًا، وبعيدًا عن أرجاء البيت الذي شهدت جنباته لهوه وفرحه مع من كانوا ساهرين عليه وقاما بدور الأب والأم، الطفل «شنودة – يوسف» الذي وجد نفسه نزيلًا في دار للأيتام والإيواء، فماذا فعل، وأي ذنب اقترف حتى يلقى ذلك المصير، بعدما وجد رضيعا داخل كنيسة؟ 

كان صراخ الرضيع دعاءً خفيًا لله ليفتح أبواب واسعة من الرحمة التى غابت عن والديه الأصليين اللذين تجردا من الإنسانية وتركا ابنهما مجهول المصير والنسب، شاء القدر أن يُرسل له رجلا وسيدة كتب لهما عدم الإنجاب لينتشلا الرضيع من مصيره المجهول، جعل الله من "فاروق وآمال" بارقة أمل جديدة في حياته، ليعيش معهما 48 شهرًا، ينعم برعاية الأب والأم، اللذين سهرا وتعبا على تربيته رغم تقدم أعمارهما. 

فرحا لفرحه وحزنا لتعبه، ولكنهما فوجئا بقرار إيداعه بدار للإيواء والأيتام، الأمر الذي يؤدي لحدوث أزمات نفسية وانعكاسات مجتمعية على الأسرة والطفل ذاته، لتطرق «البوابة» أبواب الأطباء والمتخصصين، لمعرفة أبعاد تلك الحالة وتوابعها، من خلال السطور التالية.. 

في البداية، يؤكد الدكتور خليل فاضل، استشاري الطب النفسي، زميل الكلية الملكية للطب النفسي لندن، أن السنوات الأولى من عمر الطفل منذ الولادة وحتى أربع سنوات تشهد تكوين الجهاز العصبي والنفسي، وتطور ونمو الطفل وتكوين شخصيته وإدراكه ولغته وثقافته وتأهيله التربوي ويمثل نقلة من بيئة إلى أخرى بمثابة هدم وتدمير البيئة الأولى. 

وقال «فاضل» في تصريحات لـ«البوابة نيوز»، إن نقل طفل من بيئة لأخرى تحت أي مسمى قانوني أو غيره بمثابة حكم بالإعدام على الطفل في مهده، ويمكن توصيفه بـ«الميت الماشي» على غرار مسلسل الموتى السائرون، لا سيما أن فقد السنوات الأولى من التكوين سلب منه عمره وذكاءه وحواسه. 

وأضاف استشاري الطب النفسي: "أن نقل الطفل من بيئته إلى دار أيتام - وهنا أعمم الأمر دون خشية- هي بيئة معادية للصحة النفسية، حيث سُلب الطفل من أب وأم بمثابة انتزاع قلب وروح الطفل وتحويله إلى مسخ ويجب سرعة إنقاذه، وتوجيه صرخات إلي الجهات المسئولة للتدخل في الأمر. 

ووصف «فاضل» حادثة الطفل شنودة بـ«الجريمة» التي يصعب تأهيل أطرافها نفسيا، وحلها فى وئدها، وسيظل من ربيا الطفل صغيرا متعلقين به من عرقوبهما، وما حدث للطفل يتحول كائن مسخ". 

فيما قالت الدكتورة إيمان صديق رياض، دكتوراه في علم النفس واستشاري العلاقات، إن الطفل في بداية حياته يحتاج اهتمامًا من نوع خاص، منذ ولادته حتى عمر الرابعة، وبالفعل كان هناك من يهتم به ويرعاه، فضلًا عن أن الطفل عند عمر العامين ونصف تبدأ شخصيته في مراحل التكوين وسط قطبي الأمان الأب والأم، ويكون بمثابة القيادة والمعلم ويكتسب خلالها من ثقافة الأم والأب وعقيدتهما. 

وأضافت "إيمان" في تصريحات لـ"البوابة نيوز" أن أخذ الطفل من أحضان من نشأ معهم يجعل الطفل مُحاط بالمخاوف والاضطراب لوجود أناس لا يعرفهم من قبل، ويفقد الاهتمام الخاص الذي عاشه خلال السنوات الأربع الأولى من عمره، ما يحدث حالة من خلل القيم التي تربى عليها ويسفر عن اضطراب نفسي مع تغيير البيئة والهوية الدينية التي تربي عليها. 

وأوضحت استشاري العلاقات الأسرية، أن الأطفال عمومًا لو وقع حالة وفاة وفقد والديه – لا قدر الله – يكون مُضطرا للعيش البديل مجبورًا لأن الموت شىء لا محالة فيه، ولكن ذلك لا ينطبق بطبيعة الواقع مع حالة شنودة فإن ما يحدث الآن لا يجد مبررا منطقيا في تفكيره حتى يعيش حياته هادئًا. 

وتابعت، "أن ما يعيشه هذا الطفل سوف يكون سببًا رئيسًا فى اضطراب شخصيته ولو تفهم أن القانون مثلا هو السبب في إبعاده عن والديه اللذين عاش وعرفهما سيكره القانون الذي واجبه أن يحقق الاستقرار والتوازن والعدل، ولو عاش غير ذلك ولم يحقق له العدل بحياته الخاصة حيث نقل إلى بيئة عشوائية لا يجد نفسه فيها ستكون النتيجة ضد المجتمع". 

وشددت "إيمان" على ضرورة تحقيق الدعم لجميع أطراف الواقعة محل الحديث، والوالدين أيضا بحاجة ماسة للدعم النفسي والروحي، لأن ما حدث معهم أفقدهم الإحساس بإنسانيتهم وجرح مشاعرهم. 

مقارنات 

فيما قالت الدكتورة أميرة شوقى، استشاري العلاج النفسي وتعديل السلوك: "إن واقعة شنودة وتأثيراتها على الطفل نفسه ووالديه والمجتمع متعددة الأركان وتحليلها من جوانب علمية ووفق دراسات غاية الأهمية لما تسفر عنه الواقعة من نيران تسري تحت الهشيم؛ نعرف أن القانون يحدد ديانة مجهول النسب بإنه مسلم بالفطرة ويحظر على المسيحيين التبني، ولكننا أمام واقعة تستدعي إعادة دراسة الأمر فى مجمله". 

ولفتت "شوقى" في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز"، إلى أن قراءة المعطيات والمعلومات قبل مناقشة المشكلات في غاية الأهمية، فالطفل محل الحديث وجدوه فى كنيسة قطعًا لا ينتمي لأسرة مسلمة فليس من الجرأة أن تدخل سيدة مسلمة بالطفل حتى تتركه وبالإمكان طرحه على جنبات الطريق أو ما نراه في الأخبار صناديق القمامة وغيرها. 

وأضافت استشارى العلاج النفسي، أن الطفل تربى في بيت وأسرة متماسكة طيلة الأربع سنوات وخلالها اكتمل تكوين ملامح شخصيته وسط بيئة وثقافة ديانة معينة، حتى أخذ من حضن أبيه وأمه اللذان يعرفهما ويوفرا له الحماية والرعاية الكاملة، كيف يسلب حقه بهذه الصورة ويودع فى إيواء أو دور أيتام. 

وأكدت أن هناك حالات لأطفال وسط أهلهم وأسرتهم وحينما يغيروا أماكنهم أو محل إقامتهم أو ينتقلوا من بلد لآخر يصيب الأطفال صدمة مجتمعية وحضارية رغم وجوده فى حضن أهله وأسرته الواحدة، وأيضًا هناك حالات لأطفال بعد نزولها الحضانة أو المدرسة تصاب بحالة قلق الانفصال عن الأم رغم أنه يقضي ساعات قليلة فى الدراسة وهو شيء إيجابي ومنفعة له، فما حال طفل عاش سنوات عمره وأخذ من حضن أبيه وأمه بهذه الصورة مما يحدث تشويها كاملا في معالم هوية الطفل. 

وأوضحت "شوقى" أن هناك دراسات عالمية تؤكد أن أطفال المؤسسات (الإيواء– الأيتام– دور الرعاية) أقل من المتوسط بالنسبة للطفل الطبيعي وسط أسرته من المتوسط فى النمو الجسدي والنفسي قد يصاب بسوء تغذية وهزل ويتأثر حاله الجسدي والعقلي بالطبع، ينطلي عليه شعور الهزيمة والخسارة الاكتئاب الشديد وتولد لديه حالة انحراف سلوكي ولو شاب على هذا الوضع يصبح شديد العدوانية مع الانطوائية والعزلة. 

وتابعت "أميرة شوقي"، بأن ما يسمى «نمو النفس الذات الشعورية» يتكون لدى الطفل فى وجودة أسرة كاملة والد ووالدة يكتسب من خلالهما المشاعر والأحاسيس ويأخذ منهما تلك الجرعات دافعا لنمو النفس الشعورية، بشأن من توجه لديهم رعاية - شبه أسرية - بنظام الكفالة وغير مقيم دائم لدى الأسرة المتكاملة يكون أكثر شعورًا بالأمان النفسي وأقل في القلق والاكتئاب من المتواجد بصورة دائمة فى إيواء. 

ووصفت حال الأطفال الذين يفتقرون وجود حتى نظام الكفالة أو الزيارة شبه أسرية يحطوا بجمود انفعالي وقلق وخوف وعدم الشعور بالأمن النفسي عدم القدرة على العلاقات ويحتد الأمر لحدوث اضطراب في الكلام والذهان وتشوه كامل لصورة والديه – وهو لا يعرفهم وقد لم يراهم. 

وقالت: "إن ما يشعر به الطفل الآن وهو نزيل إيواء من عدم قدرة والديه على حمايته أزمة كبرى، وشعوره بالاضطهاد والتخبط وهو ما سوف ينجم عنه وحدة نفسية واكتئاب شديد والتبول اللاإرادي وعدوانية وعزلة تامة ويصل الحال بأن يسرق ويكذب وكثير من الإشكالات والخصال غاية السوء. 

وطالبت أميرة شوقي- استشارى العلاج النفسي، بضرورة وجود استثناء لهذا الطفل ورد الطفل لحضن والديه اللذين يعرفهما لحين البت القانوني في الإشكالية؛ فإن كان المتهم في أعتي الجرائم يخرج من سجنه على ذمة القضية بالأحرى أن يخرج الصغير من الإيواء. 

واستطردت: "نعلم أن هناك قانون يحظر التبني ولكن هناك روح للقانون عليها أن تحمي حقوق الإنسان لأن ما يحدث للطفل الآن جريمة، ومن الأفضل حماية أبنائنا بفتح أبواب التبني والكفالة والرعاية حرصًا على المجتمع بأثرة، ولو نهدف فعليا معالجة حقيقية لقضايا العنصرية والتعصب وإرساء مبدأ الإخاء وحماية حقوق الإنسان والطفل وجب رد الطفل للأسرة التي تولت رعايته وبذلك سيكون درءا للفتن والبلبلة التي يستخدمها مريدي التفرقة بين أبناء الوطن وسيكون لها أثر إيجابي على المجتمع". 

رأي القانون 

وعن رأي القانون؛ قال عاطف نظمي، المحامي بالنقض، إننا في واقعة الطفل شنودة محكومين بنظام الشريعة والذي يلزم أن الطفل مجهول النسب يكون مسلمًا بالفطرة، ولكن الطفل عثروا عليه داخل كنيسة وتربى في كنف أسرة مسيحية على مدى أربعة أعوام عاش في بيئة وأجواء مسيحية، فنقله إلى بيئة أخرى وتغير حياته بالإكراه وتغيير اسمه يأتي بالسلب عليه. 

وأضاف "نظمي" في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز" أننا بطبيعة الحال يحكمنا القانون ولكن نناشد بتحقيق روح القانون، ولا سيما بأن الدستور المصري نص المادة الثالثة منه على مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية. والشريعة المسيحية لا تنفي التبني بينما تقره بشروط وفق ما ورد فى لائحة 38. 

وأكد أن ضمن شروط التبني الموجودة باللائحة الخاصة تكون الأسرة غير منجبة للأطفال وأن يحسن تربية الطفل ويرعونه، اجتماعيا وروحيا ونفسيا وجسديا ويعلمونه الأخلاقيات والتدين؛ ووصف ما حدث للطفل بـ"إنه إنتزاع منتهى الظلم والقسوة"، وعلينا أن نناشد روح القانون بإن يرد الطفل بأي صورة لمن تولوا مسئوليته تحت أى مسمى كفالة استضافة حفاظا على سلامة الطفل نفسه. 

وعن عدم وجود قانون خاص بالتبني أو ما شابه، أوضح "نظمي" أنه وجب العمل بمضمون لائحة 38 لحين صدور قوانين أو لوائح تغيير الأوضاع، ولكن ذلك لم يحدث وكاد الجميع يتنازل عن الطفل أدى لفقدانه بطريقة غير منصفة. 

25AD3901-A116-4135-AAEF-90C304F77514
25AD3901-A116-4135-AAEF-90C304F77514
E6E7FB2E-31ED-49EA-B94F-C26082A5689C
E6E7FB2E-31ED-49EA-B94F-C26082A5689C
8FC27EC0-514E-449B-ACF4-3FBCDBC620D7
8FC27EC0-514E-449B-ACF4-3FBCDBC620D7
E18B8E41-149E-4D0E-84DA-91C55653A364
E18B8E41-149E-4D0E-84DA-91C55653A364