"الترجمة" جسور من المعرفة بين اللغات والثقافات المختلفة فبدون الترجمة لم يكن العلماء ليستطيعوا التوصل إلى أبرع الابتكارات التي يتحدث عنها العالم في وقتنا الحالي، ونظرا لأهمية الترجمة جاء الاحتفال باليوم العالمي للترجمة في 30 سبتمبر من كل عام، وذلك تخليدا للدور البارز التي تقوم به الترجمة من تبادل للخبرات والثقافات والمعارف بين الشعوب والمجتمعات.
وبحسب أحدث التقديرات فإن شعوب العالم تتحدث ما لا يقل عن 7 آلاف لغة زلكن القليل منها لا يزال غامضا إذ تعد لهجات محلية يتحدث بها عدد قليل من سكان منطقة بعينها وبالتالي فإنها تكون لغات منطوقة غير مكتوبة، وهنا يكمن الدور البارز للترجمة في تعريف الشعوب المختلفة للغات وعادات الشعوب وسكان المناطق المختلفة حول العالم.
وتؤكد منظمة الأمم المتحدة أن تعدد اللغات قيمة أساسية لدول العالم، لأن اللغات، مع انعكاساتها المعقدة على الهوية والتواصل والتكامل الاجتماعي والتعليم والتنمية، لها أهمية استراتيجية لشعوب العالم، الأمر الذي عزز الوعي المتزايد بأهمية اللغات لكونها تلعب دورًا حيويًا في التنمية، وفي ضمان التنوع الثقافي والحوار بين الثقافات، ولكن في تحقيق التعليم الجيد للجميع وتعزيز التعاون كذلك، وبناء مجتمعات المعرفة الشاملة والحفاظ على التراث الثقافي، وفي تعبئة الإرادة السياسية لتطبيق فوائد العلم والتكنولوجيا للتنمية المستدامة.
وشددت المنظمة الدولية أن تعدد اللغات عاملًا أساسيًا في الاتصال المنسجم بين الشعوب، كما تعتبره الجمعية العامة للأمم المتحدة قيمة أساسية للمنظمة. ومن خلال تعزيز التسامح، يضمن تعدد اللغات المشاركة الفعالة والمتزايدة للجميع في عمل المنظمة، وكذلك زيادة الفعالية والأداء الأفضل والشفافية المحسنة
لماذا 30 سبتمبر؟
وقع الاختيار على يوم 30 سبتمبر ليكون يوما عالميا للترجمة تخليدا للدور البارز الذي قام به القديس جيروم وهو كاهن من شمال شرق إيطاليا، وعرف بمحاولته ترجمة معظم الكتاب المقدس إلى اللاتينية من المخطوطات اليونانية للعهد الجديد، كما ترجم أجزاء من الإنجيل العبري إلى اليونانية. وكان من أصل إيليري ولغته الأم كانت اللهجة الإيليرية، وتعلم اللاتينية في المدرسة وكان يجيد اللغة اليونانية والعبرية، التي حصل عليها من دراساته وأسفاره. وتوفي جيروم بالقرب من بيت لحم في 30 سبتمبر من عام 420، بعد أن ترجم الكتاب المقدس إلى اللاتينية، وارتحل خصيصا لهذه المهمة من مسقط رأسه بالقرب من بلاد دلماسيا، بالقرب من البحر الأدرياتيكي في كرواتيا الحالية، إلى بيت لحم الفلسطينية.
أهداف نبيلة وراء الاحتفال باليوم العالمي للترجمة
ويسعى "اليوم العالمي للترجمة" لتعزيز المهنة القديمة التي تدخل في منافسة شديدة حاليا مع الآلات والذكاء الاصطناعي، رغم تزايد الحاجة إليها في عصر العولمة والاتصالات، حيث يرعى هذه المناسبة الاتحاد الدولي للمترجمين والذي تم تأسيسه في عام 1953.
وفي العام 1991، أطلق الاتحاد فكرة الاحتفاء باليوم العالمي للترجمة كيوم معترف به رسميا، وذلك لإظهار تعاضد المترجمين في جميع أنحاء العالم ولتعزيز مهنة الترجمة في مختلف الدول، وتعتبر الاحتفالية فرصة لعرض مزايا هذه المهنة التي تزداد أهمية يوما عن الآخر في عصر العولمة.
اليوم العالمي للترجمة وقرار الأمم المتحدة
بدأ الاتحاد الدولي للمترجمين الاحتفال الرسمي بيوم 30 سبتمبر في عام 1991. وهي فرصة لعرض مزايا هذه المهنة التي تزداد أهمية في عصر العولمة. وكانت اهدافهم هو تذكير المستخدمين من المترجمين وخدمات الترجمة للأعمال الهامة التي يقوم بها المترجمون، وغالبا ما بإتقان ومثالية، ولا يزال أكثرهم في كثير من الأحيان، في الظل.
وفي 24 مايو 2017، صادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار يعلن 30 سبتمبر يومًا عالميًّا للترجمة، وهو قرار لتقدير دور الترجمة الاحترافية في الربط بين الأمم.
الآلات والذكاء الاصطناعي.. تحديات تواجه الترجمة
ورغم الاهتمام العالمي بالترجمة، إلا أن تحديات كبيرة تواجه المترجمين في الوقت الحالي في ظل انتشار الآلات والترجمة الألية عبر الأجهزة والبرامج المعتمدة على الذكاء الاصطناعي.
ولعل من أشهر برامج الترجمة "جوجل ترجمة أو Google Translate" والذي يستخدمه الملايين حول العالم يوميا للترجمة من لغة لأخرى، واستجابة لذلك أعلنت شركة جوجل إطلاق نظام الترجمة الآلية العصبية (GNMT) مؤكدة أنه لن يمكن تمييز الترجمات الآلية بهذه التقنية عن ترجمات البشر، وتزايد الاعتقاد بأن المهنة العريقة في طريقها للاندثار على أيدي الآلات.
ورغم الآلات والذكاء الاصطناعي إلا أنه مهنة الترجمة لن تأخذ طريقها للاندثار، فعلى الرغم من ابتكار أول عملية ترجمة آلية عبر الحواسيب- لم يتم الاستغناء عن المترجمين الذين لا يزالون يعملون في شتى المجالات، بما فيها السياسة والتجارة والإعلام والسياحة وحتى الدوائر الحكومية.