وجّه البابا فرنسيس بمناسبة اليوم الدولي للتوعية بالفاقد والـمُهدَر من الأغذية، رسالة إلى منظمة الأغذية والزراعة أكّد فيها على غياب العدالة الاجتماعية التي تمنع حوالي ثلث سكان العالم من الحصول على ما يكفي من الغذاء: علينا أن نجمع لكي نعيد التوزيع، لا أن ننتج لكي نهدر إنها "مشكلة لا يمكننا أن نتجاهلها" تلك التي يريد اليوم الدولي للتوعية بالفاقد والـمُهدَر من الأغذية أن يسلِّط الضوء عليها.
وإذ يقتنع بذلك يتوجّه البابا فرنسيس برسالة إلى شو دونيو، المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، يؤكِّد فيها أن "هدر الطعام يعني هدر الأشخاص".
ويسلّط البابا فرنسيس الضوء في رسالته، على عدم المساواة العميقة الموجودة في العالم بين الذين يعيشون بوفرة والذين ما زالوا يعانون أو يموتون من الجوع. ويقول لا نكتفيَنَّ بالكلمات وإنما من الملحِّ أن نجيب بأسلوب فعال على لصرخة الجياع المفجعة الذين يطالبون بالعدالة.
ويكتب البابا فرنسيس في رسالته أن استخدام الطعام بطريقة غير مناسبة، أو إهداره، يتوافق مع عيش "ثقافة الإقصاء" ويظهر "عدم الاهتمام بما له قيمة أساسية": وبالتالي إذ نعرف أن العديد من البشر لا يمكنهم الحصول على الغذاء الكافي أو على الوسائل للحصول عليه - وهو حق أساسي وأولوي لكل شخص – أن نرى الطعام مُلقى في سلة المهملات أو يفسد بسبب غياب الموارد اللازمة لإيصاله إلى الأشخاص هو أمر مخجل ومقلق حقًا. هذا ويلاحظ البابا في هذا السياق أن التفاوتات تتزايد ويشير إلى البيانات الواردة في التقرير عن حالة الأمن الغذائي في العالم.
ويكتب أن عدد الأشخاص الذين ليس لديهم ما يكفي من الغذاء على هذا الكوكب "بسبب الأزمات المتعددة التي يجب على البشريّة أن تواجهها"، قد زاد العام الماضي بشكل ملحوظ. ويتابع قائلاً: "يجب أن يتردد صدى صراخهم في المراكز التي يتمُّ فيها اتخاذ القرارات. لذلك، أكرر، علينا أن "نجمع لكي نعيد التوزيع، لا أن ننتج لكي نهدر. لقد قلت ذلك في الماضي ولن أتعب من تكراره: هدر الطعام يعني هدر الأشخاص!
إزاء "مفارقة الوفرة"، التي شجبها القديس يوحنا بولس الثاني لثلاثين سنة خلت، "يجب على المجتمع الدولي بأسره – يكتب البابا فرنسيس - أن يتحرّك". الحقيقة هي أن "هناك ما يكفي من الغذاء في العالم لكي لا ينام أحد بمعدة فارغة!، والموارد الغذائية المنتجة وفي الواقع، هي أكثر من كافية لإطعام ثماني مليارات شخص، ومع ذلك لم يتم القضاء على الجوع بعد. ويدخل البابا فرنسيس في صلب الموضوع، ويكتب إن ما ينقصنا هو العدالة الاجتماعية، أي الطريقة التي يتم بها تنظيم إدارة الموارد وتوزيع الغنى.
واضاف أنه لا يمكن للطعام أن يكون موضوع مضاربات. لأن الحياة تعتمد عليه. وإنه لعار أن يشجع المنتجون الكبار النزعة الاستهلاكية القهرية لكي يغتنوا، حتى بدون أن يأخذوا بعين الاعتبار الاحتياجات الحقيقية للبشر. ولذلك يجب وقف المضاربات الغذائية! يجب أن نتوقف عن التعامل مع الطعام، الذي هو خير أساسي للجميع، كورقة مساومة للقلة القليلة. وعلينا أن نتوقف أيضًا عن استغلال الأرض "بجشع" و"إساءة معاملتها وتدميرها" بسبب إفراطنا الاستهلاكيّ.
واوضح قاًئلا: "في الواقع، يساهم هدر الطعام أو تبديده "في زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وبالتالي في تغير المناخ وعواقبه الضارة".
وذكّر البابا فرنسيس في هذا السياق أن الشباب بشكل خاص يطلبون منا أن نُبقي أعيننا مفتوحة وأن نوسع قلوبنا، لكي نعتني بالبيت المشترك الذي منحنا الله إياه.
ويوجه بابا الفاتيكان دعوة واضحة في هذا السياق: لا يمكننا في هذا الموضوع المهم أن نكتفي بتمارين بلاغية ينتهي بها الأمر إلى تصريحات لا تتحقق بسبب النسيان أو الخساسة أو الجشع. لقد حان الوقت لكي نعمل بإلحاح ومن أجل الخير العام. ومن الملحِّ أن تجيب الدول والشركات الكبرى المتعددة الجنسيات والجمعيات والأفراد – جميعها، بدون استثناء – بشكل فعال وصادق على صرخة الجياع المفجعة الذين يطالبون بالعدالة.
واختتم البابا فرنسيس إلى القول: “يُترك الأمر لكل واحد منا، لكي يوجّه أسلوب حياته بوعي ومسؤولية، لكي لا يُترك أحد بدون الطعام الذي يحتاجه والذي يعتمد عليه بقاءه على قيد الحياة”.