أكد مسؤولون ومستشارون إعلاميون أن التكامل بين الإعلام الجديد والتقليدي يمثل عنصراً داعماً لأداء الرسالة الإعلامية، مشيرين إلى أن الإعلام المعاصر وإن استطاع أن يحجز لنفسه شعبية بين فئات المجتمع العريضة، إلا أنه لا يخلق مثقفاً، ويبقى الإعلام التقليدي منافساً قوياً ويستحوذ على حصة عظيمة في الحضور، ويحظى بالثقة، لما يمتلكه من عناصر قوة تميزه، وخبرات مهنية متخصصة تشرف على إعداد وإنتاج محتواه.
جاء ذلك في جلسة "إعلام مستدام... التفاضل والتكامل بين الإعلام الجديد والتقليدي"، التي نظمتها هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون، ضمن فعاليات الدورة الـ11 من المنتدى الدولي للاتصال الحكومي، الذي انطلق تحت شعار "تحديات وحلول"، وتحدث خلالها كل من المستشار الإعلامي عبد الله الشحي، رئيس رابطة روَّاد التواصل الاجتماعي، والدكتور عبد السلام الحمادي، المذيع في هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون، وعائشة الحمودي، معدة ومقدمة برامج في إذاعة الشارقة، وأدراها الإعلامي أحمد بوكلاه لوتاه.
قوة المحتوى
وأكد عبد الله الشحي أن المحتوى هو المقياس الذي ينبغي استخدامه في تفضيل أحد النوعين عن الآخر من الإعلام، وحتى عندما يحظى المحتوى غير القوي بقاعدة شعبية عريضة فإنه لا تكون له على المدى البعيد تأثير المحتوى المدروس والنافع.
وأشار الشحي إلى أن الإعلام التقليدي فارض نفسه، والدليل على ذلك أن رواد ومشاهير التواصل الاجتماعي عندما يتطور أحدهم يظهر على وسائل الإعلام التقليدية، وهذا يجعل من الإعلام التقليدي هو الأصل الذي لا حياد عنه.
ولفت الشحي إلى صانع المحتوى يحتاج إلى ثقافة عالية، لكن للأسف فإن نماذج كثيرة من مشاهير التواصل تفتقد ذلك، وظهورهم على حساباتهم يختلف عن الظهور الواقعي عندما تستضيفهم الحفلات أو المؤتمرات، ويبقى المتابعون هم رأس مال المؤثرين ورواد التواصل الاجتماعي، وليس ما يقدَّم على تلك الصفحات.
فوائد متبادلة
بدورها، قالت عائشة الحمودي: "الإعلام الجديد يخدم الإعلام التقليدي، وما يشاع من أن الإعلام التقليدي يواجه أزمات هو كلام قديم، وهو بعيد عن الواقع، فمع التسارع الكبير في توالد مواقع وحسابات التواصل الاجتماعي، لم تزل الشاشات والإذاعات لها حضورها البارز، وما يعزز من العلاقة بينهما أن وسائل التواصل المعاصرة تستخدم في نشر المواد التي ينشرها الإعلام التقليدي، وكذلك نجد برامج على شاشات التلفزيونات الرسمية مخصصة لتداول وتحليل الأخبار المنشورة على صفحات الإعلام الجديد".
وأضافت أنه على الرغم من الامتداد العريض لشبكات وحسابات التواصل الاجتماعي، يبقى فضاء مشكوكاً في المعلومات التي يقدمها للجمهور، خاصة مع الانفتاح الهائل عليه من أشخاص لا يوثق بمصادرهم.
من جانبه، لفت عبد السلام الحمادي إلى أن فكرة الإعلام التقليدي أصبحت حديث الجلسات والمؤتمرات، وهي تشبه إلى حد ما طرح مسألة الكتاب الورقي والإلكتروني وسيطرة أحدهما على حساب الآخر، وهنا لا بد من التأكيد أن العلاقة بين كل منهما هي تكاملية.
وأشار الحمادي إلى أن الإعلام التقليدي ليس مقتصراً على نشرة أخبار، فالمؤتمرات والمناسبات، والجلسات النقاشية التي تشهدها هي إعلام تقليدي، لكن المتميز في الإعلام الحديث أنه يفتح المجال أمام المتابعين لإبداء آرائهم والتفاعل، حيث يصبحون جزءاً من كينونته ونجاحه.
وقال الحمادي: “إن الإعلام الجديد لا يخلق مثقفاً، ففي السابق كان المتابعون للصحف والمجلات والكتب والمسرح والتلفزيون يصبحون مثقفين وكتاباً، ويسهمون في الحراك الثقافي والمعرفي. أما متابعو وسائل التواصل الاجتماعي فإنهم يستمعون للمعلومات مجردة عن الشغف، وهذا ما يجعل منه وسيلة ترفيه أكثر من كونه وسيلة للتثقيف والإثراء الفكري والمعرفي الذي يسهم في تطوير مهارات المتابعين”.