تحل علينا اليوم ذكري رحيل ابي قبل ان يكون اخي خالد الذكر الكاتب الصحفي «أسامة عيد»، مازال العقل لم يستوعب بعد فكرة رحيلك، ومازال العقل لم يتقبل أنك قد أصبحت ذكري نحكيها ونرويها ونحن مبتسمين العقل ومنكسرين القلب.
كان اسامة شخصية فريدة جداً، كان شخص طموح لأبعد حد، عاش بوجه واحد لم يتلون يوماً، عاش فقط يلون قصته، كان قلبه نقي لم يلوثه الزمان، كان يطوف بيننا مبتسماً لا يخشى مطبات الحياة، واثقاً في إرادة الله التي دوماً ما نصرته من أجل الحق، كان حضوره مؤثراُ في جميع المواقف السعيدة منها والحزينة منها ايضاً.
تضحياته سر نجاحه
ضحي من اجل الجميع، كانت تضحيات بدون مقابل، لم ينتظر ابداً رد الجميل، تضحيات كانت من اجل الحب والانسانية، وقد نلت انا من هذه التضحيات النصيب الأكبر؛ فلم تقتصر علي حقبة ما بعد رحيل والدي، بل بدأت عندما كنت جنيناً في رحم امي.
كانت والدتي في سن ال٤٠ تعاني من مضاعفات بكليتيها، فأشار الدكاترة لخطورة هذا الأمر، اما أن تجهض الجنين واما ان تفارق الحياة هي وجنينها سوياً؛ فأخذ أسامة الذي كان يملك من العمر 22 عاماً فقط، والدتي يذهب بها هنا وهناك لمحاولة انقاذها وانقاذي ايضاً، إلى أن مر الامر بالفعل بسلام بفضل العناية الالهية اولاً، ورعايته هو ثانياً، مرت الأعوام وتحولت هذه الواقعة إلي موقف طريف، يسرده لي بعدما كبرت «خلي بالك لولا انا مكنش زمانك عايش».
كان يحب التصوير بشدة، يوثق ويدون كل لحظة في حياته، كان يمتلك صورة له وهو طفل كان ينظر لها متأملاً السنين، فأراد أن يبث نفس هذا الإحساس إلي؛ فصنع لي انا ايضاً ذكري؛ كبرت ووجدت البوم اخضر اللون بحوزتي، بداخله عشرات الصور، مازلت محتفظ به وكلما انظر إليه أتذكر كيف استطاع أن يوثق طفولتي بمحبته.
في الحقيقة اذا تحدثت عما فعله من اجلي فقط فلن تكفيني السطور ابداً ومهما كتبت فلن استطيع أن أصف مكان فعله من اجلي ومن اجل اسرتي جميعاً وامي بالأخص.
« كنت أعيش تحت جناحيه وهو حي، ومازلت احتمي في ظله حتي بعد رحيله »
مرضه درس لن أنساه
مر 19 عاماً من عمري ولم أراه ولو مرة واحدة مهزوماً، كل الحروب التي خاضها خرج منتصراً، إلي أن رأيته للمرة الاولي ضعيفاً، لا يستطيع أن يقاوم، فقد أصيب بالفيروس اللعين «كوفيد-19 »...،
كان ذلك درساً كبيراً بالنسبة إلي، خرجت منه مدركاً جوهر الحياة الفاني، تعجبت!!
عندما اصبح الوضع خطيراً، وجدت سيلاً من المكالمات لمحاولة إيجاد سريراً له في احدي المستشفيات، وفي وقت قدره 30 دقيقة فقط وجدنا سرير بالقرب منا، ودخل المشفى، انا بالخارج وهو بالداخل يفصلنا عن بعضنا سور يتقدمه حارس امني، وتمر الأيام واستقبل جميع المكالمات من جميع انحاء العالم للاطمئنان عليه، وترفع الصلوات في الكنائس هنا وهناك.
«ادركت وقتها أن محبتك واعمالك ستحصدها في ضيقاتك»
تعلمت أن تختار انه يجب أن تختار بعناية إلي أي مؤسسة ستنتمي، مؤسسة تثق انها ستقف بجانبك في وقت الشدة ولا تطرق في منتصف الطريق، ومؤسسة البوابة نيوز كانت خير مثال لذلك.
شكر وامتنان
أتذكر جيداً ماذا فعل الدكتور عبد الرحيم علي رئيسي مجلسى الإدارة والتحرير من أجل اسامة منذ اول يوم دخل به المستشفى، وكيف كان يتعامل مع الامر بمنتهي الإنسانية، يتابع ويطمئن في كل لحظة، ولم يقتصر اهتمامه بأسامة فقط بل طالني انا ايضاً.
- واتوجه بجزيل الشكر إلي الكاتبة والدكتورة داليا عبد الرحيم علي رئيس التحرير، لمحبتها ودعمها المستمر، ولم ولن انسي كلماتها التي القتها بحفل تأبين أسامة العام الماضي.
- واتوجه بجزيل الشكر إلي الكاتب والدكتور سليمان شفيق علي كل ما بذله من اجل أسامة ومتابعته المستمرة ومحبته التي لم تنتهي ابداً، ادام الله حضورك.
- أتوجه بجزيل الشكر إلي كل من الكاتب الصحفي حسام السويفي والمستشار شريف رسمي، والكاتبة الصحفية مريان ناجي، علي متابعتهم واهتمامهم في تلك الفترة العصيبة.
- أتوجه بجزيل الشكر إلي الدكتورة مريان جريس والدكتور مينا قليني والدكتورة مريت سامح، علي متابعتهم الطبية، واهتماهم ومحبتهم طيلة هذه الفترة.
الكثير والكثير من الأحباء الذين كانوا بجانبنا لن انساهم شكراً لمحبتكم جميعاً.
ودامت ذكراك يا أسامة، وإن مرت الأيام فلن تمر ذكراك ابداً سلامي لروحك.