أعجوبة العلم القديم وفقا لاختيار العلماء هي ساعة مائية وجهاز تكنولوجي لقياس الوقت فهي ليست فقط أقدم ساعة مائية في تاريخ الحضارات بقى لنا من العالم القديم، لكن إعادة فحصها ودراستها مؤخرا قدم التفسير والسبب الذي جعل الساعة المصرية سيدة قياس الوقت لأكثر من ثلاثة آلاف عام في العالم، إذ تبين أنها الدليل على معرفة المصريين بمبادئ علم الفيزياء وتحديدا علم ديناميكا الموائع (العلم الذي يختص بدراسة تدفق وسبلان السوائل والغازات).
اخترع المصريون نوعان من الساعات المائية ساعات تدفق للخارج (منها هذه الساعة وهي الأقدم) وساعات تدفق للداخل إلى جانب اختراعهم لأول المزاول الشمسية، وهذه الساعة المصنوعة من الالبستر في الصورة والتي تعود لعصر الملك المصري العظيم (امنحتب الثالث) حوالي 1400ق م، والتي عثر عليها في الكرنك بمدينة (طيبة) المصرية (الأقصر حاليا)، وثبت أنها كانت تخفي في تصميمها قانون فيزيائي لم يتم التوصل إليه في اوروبا إلا في القرن السابع عشر على يد الفيزيائي الايطالي (إيفانجيليستا تورشيللي).
هذه الساعة المصرية كانت منذ 3500عام واول تجسيد لهذا القانون الفيزيائي الذي يوصف ويضبط تدفق الموائع من ثقب في وعاء فحين اخترع المصريين هذه التحفة العلمية لتقيس الوقت ليلا في غياب الشمس وكانت تقيس الوقت بواسطة اعمدة راسية داخلها بها نقاط متدرجة وثقب اسفلها يتدفق منه الماء إلا ان اختيار اي شكل لوعاء الساعة كان سيدخل قياس الوقت في فوضي بحيث يختل القياس بعد أن يهبط ارتفاع السائل في الإناء فنتيجة لاختلاف ضغط السائل مع استمرار تدفقه من ثقب الوعاء ستتغير سرعة التدفق وبالتالي ستتغير كمية السائل المنساب من الثقب.
تكون سريعة في البداية وتبطئ حين يقل ارتفاع السائل لكن المخترع المصري بعد التجربة والاختبار توصل إلى ما يعرف اليوم بقانون تورشيللي الذي يقول أن العلاقة بين سرعة التدفق وعجلة التسارع وارتفاع السائل في الإناء علاقة طردية بمعنى آخر توصل المصريون إلى أنه باستخدام شكل هندسي معين وهو هنا شكل المخروط الناقص للساعة تتعادل سرعة التدفق وكمية السائل الخارجة من وعاء الساعة مع تناقص الضغط باستمرار وتناقص السائل وهو ما يحقق عمليا مبادئ القانون الذي صاغه (تورشيللي) بعد ان حققه المصريون في هندسة الساعة بثلاثة آلاف عام.
وهذا هو سر بقاء تقنيتها وفاعليتها التي اعتمدها اليونانيون والرومان والعرب حتى استبدالها بالساعة الميكانيكية في القرون الوسطى وهذا ايضا هو السبب الذي جعل علماء الحضارة المصرية وعلم قياس الوقت فيها اكثر تقدما وعظمة وله اليد الطولي والفضل على كل الحضارات الأخرى كما تقول (آنا تشومبرج ) خبيرة التكنولوجيا القديمة.