في 25 سبتمبر عام 1947م وعلى باب مستشفى حميات العباسية فوجئ الدكتور إبراهيم حسن أحد أطباء المستشفى بدكتور زميل يستقبله على باب المُستشفى بجملة "الكوليرا وصلت المستشفى" وعلى الفور تحرك الدكتور إبراهيم لجناح العزل وكشف على المريض المسجل فى سجلات المُستشفى برقم 6937 وتأكد فعلاً إن الكوليرا دخلت المستشفى وفي إجتماع طارئ نتج عنه حالة الطوارئ فى الحميات وعلقت لافتات "لا راحة ولا سكون" وامتدت الطوارئ لكل مستشفيات مصر" حكومية وخاصة وخدمية وأهلية".
وبالحوار مع المريض اكتشفوا انه كان يعمل فى معسكر إنجليزى فى الصعيد وتلك المعسكرات تضم جنسيات متعددة هنود وأفارقة وأسكتلنديين وأيرلنديين وعرب.
وفى الوقت الذي تحرك فيه الأطباء للصعيد ضربت الكوليرا محافظات “الشرقية والقليوبية والقاهرة” بعد أقل من أسبوع من اكتشاف الحالة الأولى فظهرت لافتات بتعليمات صحية توزعت فى كل مكان "الزموا بيوتكم ممنوع منعا باتاً السلام باليد ممنوع منعا باتاً البصق على الأرض ممنوع إستخدام سماعة التليفون العام بلغوا عن مرضاكم ممنوع التنقل من مكان لمكان.
ولم يعتن الناس للتحذيرات ولم تجد صدى فزاد أعداد المصابين وزادت الأماكن والمحافظات المنكوبة فصدرت الأوامر بتأجيل الدراسة وأغلقت دور العبادة ومُنع الحج، واستمر الوباء فى الزحف لدرجة أن الصفحة الأولى لجريدة صوت الأمة كان يتصدرها أعداد الوفيات فى كل محافظة والأعداد كانت مرعبه فكان حتماً في أكتوبر عام ١٩٤٧م أن تُعقد غرفة عمليات بقيادة رئيس الوزراء النقراشى باشا ووزير الصحة نجيب اسكندر.
وفى الاجتماع أعطى النقراشى وزير الصحة كل الصلاحيات السياسة والتنفيذية للقضاء على وباء الكوليرا فأصدر نجيب باشا قرار حظر التجوال بين المحافظات إلا بأمر كتابى منه وأمر بسيطرة الشرطة والجيش على كل مداخل ومخارج المدن والمحافظات وطالب نجيب باشا من الشعب بضرورة التبليغ عن الحالة او حتى المشكوك فيها أول 24 ساعة من معاناته رحمة به و بأهله، ووصل الأمر لتفتيش البيوت وظل الحال على ماهو عليه توعية من الحكومة واستهتار من الشعب ! إلى أن نزلت رحمة من السماء وانقشع الوباء.