الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

سياسة

ماذا ينتظر إخوان تونس؟ إعادة فتح قضية «تسفير الشباب التونسى» تكتب الفصل الأخير فى تاريخ الحركة الإرهابية

الاسناوى: ضربة كبيرة لـ«النهضة» وانكسار سياسى واضح

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تشكل إعادة فتح قضية «تسفير الشباب التونسي» المتهم فيها قيادات حركة النهضة الذراع السياسية لجماعة الإخوان بالبلاد، الفصل الأخير في تاريخ الحركة المأزومة، ونهاية نشاطها السياسي، وأنّه سيقود مستقبلًا لتقديم دوافع قانونية لحل الحركة وطيّ صفحة الإخوان في البلاد إلى غير رجعة، وفق خبيرين تحدثا لـ«حفريات».

وعاد الملف الأخطر إلى واجهة الجدل في تونس، بعدما أوقفت السلطات مؤخرًا عددًا من المسؤولين والسياسيين من قيادات حركة النهضة، على ذمة قضية تسهيل تسفير المئات من الشباب التونسي لبؤر إرهابية في الفترة التي حكم فيها التنظيم البلاد إبّان عام 2011.

ومن أبرز تلك القيادات النائب السابق عن الحركة في البرلمان التونسي الحبيب اللوز، وهو محسوب على الجناح المتشدد أو التنظيم السري للحركة، بحسب مراقبين، وشغل منصب المدير العام السابق لإدارة الحدود والأجانب بوزارة الداخلية، وتم توقيفه الأربعاء الماضي.

وفي القضية ذاتها، أوقف رجل الأعمال وصاحب شركة الطيران «سيفاكس»، وهو المرشح السابق للانتخابات الرئاسية محمد الفريخة، الذي سبق له أن ترشح للبرلمان أيضًا عن «النهضة»، وشملت التوقيفات أيضًا، بحسب صحيفة «النهار العربى»، عددًا من المسؤولين الأمنيين، من بينهم محافظ سابق لمطار تونس قرطاج الدولي.

كما أصدرت النيابة التونسية الاربعاء الماضى قرارًا باستمرار احتجاز، نائب رئيس حركة النهضة علي العريض، بعد تحقيقات جرت معه خلال الأسبوع الجاري على ذمة القضية ذاتها.

مسمار أخير فى نعش إخوان تونس

من جانبه؛ قال الدكتور أبوالفضل الإسناوي، الخبير في شئون الحركات الإسلامية، إن قضية تسفير الشباب التونسي سوف تؤدي إلي انكسار كبير في مسار مستقبل حركة النهضة خلال الفترة المقبلة، خاصة بعد قدوم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي إلي المحكمة وهو الموجه إليه هذا الاتهام، ويمثل ضربة كبيرة للحركة خاصة وأن هذا التوقيت الذي تتعرض فيه الحركة لانكسار سياسي واضح منذ شهر مارس الماضي.

وأضاف «الإسناوى» فى تصريحات لـ«البوابة نيوز»: «هذا الانكسار قد يؤدي إلي انكسار مجتمعي، حيث قدمت النائبة البرلمانية سابقًا فاطمة المسدى في نهاية عام 2021، بلاغ للقضاء وقد استندت إلي بعض الأوراق والمستندات التي توجه اتهام واضح لحركة النهضة خلال فترة 2012 و2013 في فترة كانت حركة النهضة تتزاعم التيارات السياسية التي أتيت بعض ثورة الياسمين».

وتابع قائلًا: إن الاتهامات الموجهة للحركة اتهامات واضحة تتعلق بعملية تسهيل ارسال مقاتلين للبؤر الإرهابية، وتنقسم الاتهامات الي شقين الشق الاول هو شق دعوي تمثل في عملية التحفيز من خلال التصريحات او المنشورات أو دعوات واضحة ارتكبتها «النهضة» في حق تحفيز الشباب للفكرة الجهاد خارج الأراضي التونسية في المناطق المتعلقة بمنطقة الصراعات سواء في سوريا والعراق وليبيا أو غيرهم من المناطق الأخرى.

واستطرد «الإسناوى» بأن الشق الثاني يتمثل في مجموعة من الإجراءات التي ارتكبتها «النهضة» من خلال عناصرها وقيادتها القوية تتمثل في التنسيق مع عناصر أو جهات تنفيذية في بعض مؤسسات الدولة علي فكرة تدليس وتزوير جوازات سفر لهؤلاء الشباب أو فكرة التسهيل من خلال شركات طيران خاصة مثل شركة «سيفاكس» المتهمة في القضية.

وأشار الخبير في شئون الحركات الإسلامية، إلي أن الزلازل السياسية الكبيرة التي تعرضت ليها حركة النهضة خلال الفترة السابقة قد يرتبط به زلازل أخرى سيكون أكبر هو زلزال قضايا قد يودي الي سجن عدد كبير من قيادات الحركة وربما يتورط فيها بصفة مباشرة راشد الغنوشي.

وأوضح، أنّ ملف التسفير هو بداية لقائمة طويلة من الاتهامات تواجه الجهاز السري «العلبة السوداء» للنهضة، وما تزال هناك قضايا خطيرة تنتظر الكشف عنها؛ أبرزها ملف الاغتيالات السياسية مقتل السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي التي ارتكبتها الحركة خلال 2012 و2013، ربما الحركة في هذا الفترة كنت تمتلك تنسيق مع السلفية الجهادية وقد فتح هذا الملف منذ خمس سنوات أثناء وجود الحركة في السلطة وصراعها مع الرئيس التونسي السابق الباجي قائد السبسي الذي كان يتوله بنفسه.

واستدرك بقوله: «لكن نظرًا للوجود الحركة في السلطة توقفت هذه القضية رغم تقديم كافة المستندات التي تثبت تورط الحركة، وهذا الملف سيعرض الحركة للزلزال أخرى خلال الشهور المقبلة، وربما تواجه الحركة اتهام أخر هو استغلال العائدين من بؤر التوتر، حيث تؤشر الأرقام إلى 3000 من التونسيين سافروا إلى دول البؤر الارهابية عاد منهم الف هناك اتهامات تؤكد وجود تنسيق بين العائدين والحركة مما أدى إلى الصدام بين العائدين وقوات الشرطة والجيش التونسي.

بينما قال منجي الحرباوي، المتحدث باسم حركة  نداء تونس، إن فتح ملف تسفير الارهابيين إلى بؤر الإرهاب والبحث عن المسؤولية السياسية والجزائية القانونية لحركة النهضة الإخوانية وزعيمها راشد الغنوشي هو مكسب من مكاسب ما بعد  25يوليو 2021 واستجابة لمطلب كببر ومهم من مطالب الشعب التونسي ألا وهو كشف الحقيقة عن حكومة الترويكا وتورطها في الاشتراك مع التنظيمات المخابرات الدولية التي كانت تسعى لتدمير الدول والأنظمة القائمة وتواطؤها ضدها من أجل إقامة نظم عميلة، والتحقيق بدأ منذ أيام وأن كان بخطى بسيطة لكنه مهم جدًا وتاريخي ونتمنى أن يستكمل القضاء الوطني المستقل هذا التحقيق حتى يعلم العالم مدى خطورة هؤلاء الذين باعوا الأوطان والشعوب من أجل أوهام وخرفات أيدولوجية بائسة.

وقال مصطفي أمين، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، إن التهمة الأساسية المواجهة لحركة النهضة هي تسهيل إرسال مقاتلين إلي سوريا، وراشد الغنوشي متهمة بصفته رئيس حركة النهضة، حيث لعبت حركة النهضة الإخوانية حين كانت بالحكم دورًا رئيسيًا في تسهيل عبور الإرهابيين من مطار قرطاج، إضافة إلى تدريب عدد من الشباب على استعمال الأسلحة في 3 مراكز تابعة لوزارة الداخلية، وتمرير حقائب من الأموال.

وأضاف «أمين» فى تصريحات لـ«البوابة»، أنه في حالة تحويل أوراق قضية «الغنوشي» إلي دائرة الإرهاب سوف تكون ضربة تعصف بما تبقي من حركة النهضة وبذلك تحرم النهضة من المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقررة في ديسمبر المقبل، وأيضًا سوف تأثير هذه الاتهامات بشكل كبير علي شعبيتهم في الشارع التونسي.

في السياق نفسه؛ قال محمد حميدة، الباحث في الشأن الدولي، إن القضية تصحيح لمسار تونس في محاسبة شبكة من الفاسدين حكمت البلاد ودلست على التونسيين وتورطت في دماء أبنائهم خاصة بملف تسفير الشباب لبؤر التوتر.

وأشار «حميدة»، إلى أن هناك مجموعة من الأحزاب التونسية اتهمت النهضة بدعم الإرهاب أثناء فترة حكمها بعد 2011، وحث الشبان في المساجد والاجتماعات الخاصة على الانضمام للجماعات الإرهابية في سوريا والعراق.

ملف التسفير القضية الأخطر

وأشاد الكاتب والباحث السياسي بلحسن اليحياو، بتعافي القضاء التونسي، وتصديه لفتح أحد أخطر الملفات لتشمل التحقيقات كبار المسئولين في «النهضة» وعلى رأسهم راشد الغنوشي فضلًا عن إيقاف العشرات شملت قيادات، وعدد من المقربين منهم ومموليهم ويأتي على رأسهم إيقاف رجل الأعمال المعروف محمد فريخة، مشيرًا إلى أن قضية تسير الشباب إلى بؤر الإرهاب قضية دولية لا تتعلق بتونس فقط بل هي قضية تتعلق بالعالم كله.

ويتوقع «اليحياو» أن تشمل التحقيقات أعداد كبيرة وأن تضم قائمة المتهمين قرابة المئة شخصية، من السياسيين وإطارات أمنية وأئمة وغيرهم، وأبرزهم الاحتفاظ بمدير عام سابق للحدود والأجانب ومحال على التقاعد الوجوبي.

وأوضح، أن ملف التسفير في تونس ذي أوجه عديدة وتقاطع فيه السياسي بالديني بالقضائي وهو ما يجعله من الخطورة بمكان ومتغلغل في أكثر من جهة، كما أن المسفّرين ينقسمون إلى نوعين: «نوع أوّل وهم من الشباب الذين تم غسل عقولهم في المساجد وفي الجمعيات السلفية وهم الأخطر ومنهم عدد كبير من الانتحاريين الذين قاموا بعمليات انتحارية في تونس فضلًا عن الخارج».

وتابع بقوله: «ونوع ثان هم أقرب إلى المقاتلين المرتزقة وهؤلاء يتقاضون أجورًا شهرية تتراوح بين الألف والثلاثة آلاف دينار وتكفل الجهات المسفّرة بعائلات الذين يقتلون في المعارك».

فيما قال هشام النجار، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، إن قضية تسفير الشباب التونسى من ضمن عدة قضايا خطيرة متورطة بها حركة النهضة فرع إخوان تونس خلال فترة حكمها للبلاد طوال العشرية الماضية، بجانب قضايا الفساد المالي والإداري وأخونة المؤسسات وتشكيل تنظيم مسلح سري لاغتيال الخصوم السياسيين وابرام اتفاقات مع دول خارجية تضر بالاقتصاد التونسي والأمن القومي التونسي.

وأضاف «النجار»: «وتأتي قضية تسفير الشباب التونسي لبؤر الصراع في ليبيا وسوريا والعراق في مقدمة هذه القائمة من القضايا الخطيرة نظرًا للدور الذي لعبه هؤلاء في الساحات التي نقلوا إليها عبر الانخراط داخل تنظيمات تكفيرية مسلحة موالية للقاعدة أو الإخوان أو داعش وكان العنصر التونسي هو الأكبر عددًا والأكثر نشاطًا في هذا السياق ما عرض البلاد العربية لخطر الانهيار والتقسيم وانتشار الفوضى وهو ما انعكس على بلاد عربية حافظت على استقرارها وأمنها لكنها كادت تنجر إلى هذا المصير لولا تحرك شعبها ومؤسساتها لوقف هذا العبث».

وتابع قائلًا: «فضلًا عن أن هذا الملف كان يُدار لحساب الدول الراعية لمشروع الاسلام السياسي ومثل تهديدًا فائقًا لكيان الدول العربية الوطنية، أما العقوبات المنتظرة فهذا يتوقف على عوامل عديدة منها حجم ما جرى انجازه على مستوى اصلاح وتطهير مؤسسة القضاء في تونس من العناصر الفاسدة الموالية للإخوان وللغنوشي بالنظر لحجم التغييرات التي قامت بها الجماعة طوال السنوات الماضية من تمكين لعناصر تابعة لها داخل الجسد القضائي غطت على كم هائل من التجاوزات والفساد والجرائم ومنها جرائم قتل معارضين أثناء حكم حركة النهضة لتونس».