ذكرت صحيفة "لا تريبيون" الفرنسية أن التوقعات تشير إلى احتمال فوز حزب "إخوة إيطاليا" اليميني المتطرف بزعامة جيورجيا ميلوني بأغلبية الأصوات، وقيادة ائتلاف يميني إلى السلطة، في الانتخابات النيابية المبكرة التي شرع الناخبون الإيطاليون فى الإدلاء بأصواتهم فيها اليوم الأحد.
وأوضحت المنصة الإخبارية لصحيفة "لا تريبيون" الفرنسية - في تقرير لها عن الانتخابات الإيطالية - أن وصول حزب يميني متطرف إلى السلطة يمثل تحولًا سياسيًا كبيرًا، وهو سيناريو يقلق الأسواق والاتحاد الأوروبي (بروكسل) إلى أقصى حد، وذلك بسبب الخطاب المتشكك في أوروبا، الذي تتبناه الأحزاب الثلاثة التي يمكن أن تشكل حكومة ائتلافية "حزب "إخوة إيطاليا"، وحزب "فورتسا إيطاليا" (يمين وسط) بزعامة سيلفيو برلوسكوني، وحركة "خمس نجوم" الشعبوية المعادية للهجرة، علاوة على التكلفة الباهظة لديون البلاد الضخمة.
وفي حال فوز اليمين المتطرف ستكون إيطاليا بعد السويد ثاني عضو في الاتحاد الأوروبي لديه حكومة ائتلافية مع اليمين المتطرف.
وذكرت الصحيفة أنه أيًا كانت الحكومة التي ستنبثق عن الانتخابات، والتي لن تتولى السلطة حتى نهاية أكتوبر المقبل سيتعين عليها إدارة الأزمة الناجمة عن ارتفاع الأسعار، بينما تظل إيطاليا تحت ديون تمثل 150% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي الأعلى في تاريخ ذلك البلد، وثاني أعلى نسبة في منطقة اليورو، بعد اليونان.
فكما هو الحال في معظم أنحاء أوروبا، ليست فقط أسعار الطاقة هي التي تضر بالشركات والعائلات الإيطالية فقد بلغ معدل التضخم الإجمالي، الذي تفاقم بسبب العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، نسبة 1ر9% في أغسطس الماضي ليسجل أعلى مستوى منذ إطلاق المؤشر المنسق مع الاتحاد الأوروبي في عام 1997.
في هذا السياق.. سيكون التمويل الذي يقدمه صندوق الاتحاد الأوروبي للتعافي من كورونا، والتي تعد إيطاليا أكبر متلقٍ منه، حيويا لإعادة تشغيل اقتصاد البلاد.
وتراجعت جيورجيا ميلوني أخيرًا، مثل زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبان، عن دعوتها لمغادرة منطقة اليورو إلا أنها دعت إلى مراجعة قواعد ميثاق الاستقرار والنمو في الاتحاد الأوروبي، التي تم تعليقها بسبب الأزمة الصحية، والتي حددت سقفًا بنسبة 3% من الناتج المحلي الإجمالي للعجز 60% للديون، كما تدعو إلى إعادة التفاوض بشأن خطة التعافي الإيطالية بعد (كوفيد-19)، التي تم تمويلها بنحو 200 مليار يورو من أوروبا، لمراعاة الارتفاع في تكاليف الطاقة في أعقاب الحرب في أوكرانيا.
وبحسب التقرير، يرتبط صرف الأموال بسلسلة من الإصلاحات التي اُحترم تنفيذها بدقة من قبل الحكومة المنتهية ولايتها ماريو دراجي، والتي يبدو الآن أنها معرضة للخطر، وبالتالي فإن الانتصار الحتمي للتحالف اليميني المتطرف هو مصدر قلق شديد للأسواق وبروكسل، التي تخشى حدوث ضجة بسبب خطابها المتشكك في أوروبا والتكلفة الباهظة لديون البلاد الهائلة.
وأدت المخاوف بشأن التراخي في تنفيذ الإصلاحات وانزلاق الدين العام بعد الانتخابات بالفعل إلى قيام وكالتي التصنيف الائتماني "ستاندرد آند بورز" و"موديز" بخفض التوقعات المرتبطة بالتصنيف الائتماني لإيطاليا.
بدوره.. قال نيكولا نوبيل من شركة "أكسفورد إيكونوميكس": إن "برنامج ائتلاف أحزاب اليمين المتطرف الإيطالي يشوبه الغموض ولا يشرح كيفية تمويل هذه الإصلاحات" وإذ ما تم تنفيذها بالكامل، فإن العجز العام سيتجاوز 6% من الناتج المحلي الإجمالي على مدى السنوات الخمس المقبلة، مما سيدفع الدين العام المرتفع بالفعل إلى مستويات لا يمكن تحملها".
ونوه التقرير إلى أن بالإضافة إلى القضايا الاقتصادية، ستتابع بروكسل عن كثب القضية الحساسة للعقوبات المفروضة على موسكو والتوترات المحتملة التي يمكن أن تنشأ بين المفوضية الأوروبية والحكومة المحافظة، القريبة من النظام المجري بقيادة القومي المتطرف فيكتور أوربان.
تجدر الإشارة إلى أن الناتج المحلي الإجمالي لإيطاليا ارتفع بنسبة 7ر6% في العام 2021 بزيادة 1ر0% عن تقديرات أبريل، وفقًا للأرقام النهائية الصادرة، الجمعة الماضية، عن المعهد الوطني للإحصاء (Istat)، هذا الرقم يؤكد الانتعاش القوي للاقتصاد في عام 2021، مقابل انخفاض بنسبة 9% في عام 2020.