صحيح ودون أدني إنكار أن هذا الموضوع كان ولايزال شغل علماء الدين الشاغل منذ ظهور الإسلام وإلي عصرنا الحالي.
فهو الركن الركين والحصن الحصين للدين، والذي بدونه لا يستقيم عود الأمة.
تكمن أهمية هذا الموضوع في أنه يتناول قضية كثر النقاش والحوار حولها منذ عصر النبي صلى الله عليه وسلم إلى واقعنا المعيش، فهذا الموضوع يعد أصلًا من أصول الإسلام، وبابا من أبواب الجهاد في سبيل الله.
كذلك يعد ركنا مكملا للإيمان لارتباط الإيمان بالعمل الصالح، الايمان ما وقر في القلب وصدقه العمل.
كذلك إعمالا لقوله تعالي (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات)، ولا يمكن أن يستقيم الظل والعود به اعوجاج، لكن الذين يقوم اعوجاجنا هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
جد موضوع في غاية الأهمية والخطورة بمكان، ولابد أن يعالج بمنتهي الحكمة والدقة والاستبصار، لماذا؟.
لأنه كان بمثابة الشرارة التي انطلقت منها كثير من الجماعات المتطرفة التي للأسف تاجرت بالدين_ولا أقصد تيار بعينه أو جماعة بعينها، منعا للتزايد والمزايدة.
فالمتطرف دينيا في ملتي واعتقادي هو كل من يخالف تعاليم ديننا السمح الذي يحمل ما يحمله من روح التوسط والوسطية والاعتدال.
أما من يشذ عن تعاليم الإسلام ويتشدد ويتشبث بأفكاره كأن يكفر الناس ويرمي الناس بالباطل فهو المتطرف المتشدد، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه.
والمعصوم قال له الله تعالى، (ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك)وقوله تعالي( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)
أعود سيرتي الأولي، جماعات تاجرت بالدين من أجل الدنيا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
جماعات أثارت الفتن في مجتمعاتنا بدعوى الإصلاح عن طريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
لكن السؤال من الذي قلدهم هذا المنصب، الشياطين تؤزهم أزا، لاداء هذه المهمة، ومن الذي جعلهم يستقطبون شبابنا في جامعاتنا مشتتين أفكارهم، والحجة الجهاد في سبيل الله، والله منهم براء.
الجهاد في سبيل الله تعالى له ضوابطه وآدابه ومنهجيته.
فذهابنا لطلب العلم جهاد في سبيل الله تعالى، قيامنا على آبائنا وأمهاتنا جهاد في سبيل الله، مجاهدتنا لأنفسنا لكبح جماحها والسيطرة على رغائبها وشهواتها جهاد في سبيل الله.
ثم متي يكون الجهاد، اذا أعدت له عدته، وأي عدة، هل عدة تقودك إلى الهلاك، والله يقول (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة).
هل جهادك أن تقتل أخاك بحجة أنه كافر، لماذا لأنه لم يحكم بما أنزل الله.
لماذا هي كافرة لأنها لم ترتدي الخمار، لماذا، لأنه، لأنها كذا وكذا وكذا، والله تعالي يقول(قل هذه سبيلي أدعوا الي الله على بصيرة أنا ومن اتبعني).
جهادك أن تتسلح بالإيمان أولا ثم تعمل بالأركان ثانيا، ثم تتخذ من العلم الشرعي طريقا يصل بك إلى المفهوم الحقيقي للجهاد، هذا هو الجهاد الحقيقي، وأما غير ذلك فلا.
نطرح سؤالًا أعتقد أنه مهم، هل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يعد فرضا من فروض الأعيان أم من فروض الكفايات، هل إذا قام به آحاد الناس سقط عن الباقين؟!
ما موقف القرآن والسنة من مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولماذا عده أهل السنة والجماعةمن باب الجهاد في سبيل الله.
الرأي عندي، أننا نجد ثم علاقةبين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد علي كافة مستوياته وأصعدته، فنجد علي المستوى الفكري من خلال التصدي للأفكار الهدامةالضآلة المضلة، تلك الأفكار التي مثلت مذاهب ونظريات اعتنقهاالكثير ممن يدعون أنهم رواد الفكر والحضارة والمدنية وهم أبعد ما يكونون عنها من غير المسلمين، ومن المسلمين أدهى وأمر، فلابد من مناقشتها بالحجةوالبرهان عن طريق الجدل البناء أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر.
كذلك هذه القضية لها علاقة وطيدة بالبناء الأخلاقي والاجتماعي لأفراد المجتمع.
وإذا تحدثنا عن الإنهيار القيمي والأخلاقي في مجتمعاتنا فحدث ولا حرج- إلا ما رحم ربي.
إذن نحن بحاجة إلى فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لرأب تصدعات بناءنا الأخلاقي والقيمي، فاذا حجمنا المناكير وعم المعروف كانت السعادة الاخلاقية، وتحقق السلام والأمن لأفراد المجتمع.
السيدات والسادة الحديث عن هذا الموضوع يطول، لكن آثرت الاختصار حتي لا أطيل عليكم.
وأختتم حديثي بقول الله تعالي(كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر)
فإن رأيتم منكرا فقوموه قدر استطاعتكم، وإن استطعتم أن تأمروا بالمعروف فافعلوا ولا تتقاعسوا عنه ووجوه المعروف كثيرة وما أحوجنا الي المعروف، ولو حتي بالكلمة الطيبة فهي معروف، ولو حتى بتبسمنا في وجوه بعضنا البعض معروف وما أحوجنا في هذه الأيام إلى مثل هذه المعاريف التي تخفف حدة وقسوة حياتنا التي نحياها.