قبل 15 عام من دخول جيوش جوهر الصقلى مصر وضمها للدولة الفاطمية، انتشرت نقود داخل الأسواق المصرية، ومنها دينار ذهبى فاطمى ضرب فى عصر الخليفة المعز لدين الله بالمنصورية عاصمة الفاطميين ببلاد المغرب سنة 343هـ/954م، وكانت النقود الفاطمية تحمل عبارات وآيات قرآنية تعبر عن المذهب الشيعى الإسماعيلى مذهب الفاطميين فهى تختلف تماماً عن النقود السنية العباسية المنتشرة فى مصر والشام وشرق العالم الإسلامى حينذاك.
ووصف الباحت والمؤرخ الأثري أحمد فتحي، تلك النقود بطراز الدينار وهو عبارة عن نقطة فى المنتصف يحيط بها دائرة ثم يحيط بها 3 هوامش كتابية فى كل وجه، الدينار يقرأ:
الوجه الأول (من الداخل للخارج) :
- المعز لدين الله أمير المؤمنين
- دعا الإمام معد لتوحيد الإله الصمد
- بسم الله ضرب هذا الدينر بالمنصورية سنة ثلث وأربعين وثلث مائة
الوجه الثانى (من الداخل):
- لا إله إلا الله محمد رسول الله
- على أفضل الوصيين ووزير خير المرسلين
- محمد رسول الله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كله المشركون
وتابع “فتحي” «ذكر المؤرخون أن المعز إتبع سياسة دعائية كبيرة تمهيداً لفتح مصر قبل أن تتحرك جيوشة لها بسنوات، مستفيداً من فشل تجارب آبائه السابقة فى فتحها، فما أن بويع بالخلافة بالمغرب سنة 341هـ حتى بث دعاته فى كل مكان فى مصر يدعون الناس لبيعته، فأثبتت الأدلة الأثرية ذلك حيث عثر على أكثر من نقد ذهبى يحمل نفس العبارات بإسم المعز لدين الله، سجل عليها مكان الضرب “مصر)” منذ السنة الأولى من حكم المعز، منهم 3 دنانير تؤرخ بالسنوات 341هـ - 343هـ - 353هـ؛ أى أن أقدمها ضرب قبل فتح الفاطميين لمصر بـ 17 عام كاملة وأحدثها ضرب قبل فتحهم لمصر بـ 5 سنوات.
وهذه أدلة قاطعة تثبت ما ذكره المؤرخون بهذا الشأن، كما أنه يثبت بما لا يدع مجالاً للشك تفكير الفاطميين فى فتح مصر منذ السنوات الأولى لدولتهم، بل وإستفادة المعز من فشل تجارب آبائه فى فتح مصر من قبل، وهو ما إنعكس على دخول جيش جوهر الصقلى لها بسهولة ويسر وإستقبال أهلها الكبير له.