قال مصدر مصرفي رفيع المستوى، إن مستهدف السياسة النقدية للبنك المركزي يتسق مع معظم السياسات التي تضعها البنوك المركزية، والتي تستهدف معدلات التضخم والنمو والتشغيل، لكن البنك المصري يستهدف معدلات أحادية من التضخم على المدى المتوسط، ومن ثم فإن الدراسات والتحليلات التي يقوم بها البنك المركزي تدور حول هذا الموضوع بجانب الاهتمام بالاستقرار المالي، مضيفًا أن دور البنك المركزي تحقيق الاستقرار النقدي والمالي ودورها الهام في دعم الاقتصاد.
وأضاف المصدر، أنه تم استخدام الكثير من القنوات للوصول إلى مستهدف التضخم، مما يساعد المركزي على تحقيق الاستقرار الاقتصادي، فالأدوات التقليدية المتعارف عليها متمثلة في سعر الفائدة ومعظم البنوك المركزية لجأت إلى استخدامها والمركزي المصري ليس بمعزل عن البنوك الأخرى، فالجميع يدرك الأسباب الأساسية التي دفعت الى ارتفاع الأسعار من صدمات العرض نتيجة لأحداث جوهرية وعارضة تؤدي إلى تغير في أسعار السلع والخدمات.
وأشار المصدر المصرفي، إلى أنه حدث زيادة كبيرة في معظم المنتجات نتيجة للأوضاع الجيوسياسية التي أدت الى الكثير من الاضطرابات في الكثير من السلع، الأمر الذي أدى لتسابق المستوردين للحصول عليها، وبالتالي ارتفع سعرها ومنها بعض المعادن النفيسة والمواد الغذائية والبترولية، وبالتالي فهناك رابحين وخاسرين من ارتفاعات هذه الأسعار.
ولفت إلى أنه على مدار 15 عاما منذ انهيار الأسواق في 2008 شهدنا سياسة توسعية لم نشهدها من قبل بدأت من السوق الأمريكية، مما أدى إلى توافر السيولة وتراجع الفائدة بسبب ضخ الفيدرالي الأمريكي لحجم كبير من السيولة، مما أدى إلى زيادة المعروض النقدي في جميع انحاء العالم بعد أن تبع الفيدرالي الكثير من البنوك المركزي، موضحًا أن السيولة أتاحت بشكل كبير الاصطدام بوجود معدلات تضخم كبيرة، بدأت أيضا في السوق الأمريكية مما دفع الفيدرالي إلى اتباع سياسة تشددية، وبالتالي اللجوء إلى رفع الفائدة لتحقيق التوازن في الكثير من الأسواق.
المعروض النقدي
وأوضح أن الأمر كان له تأثير على مصر خاصة وأن هناك معروض نقدي كبير، وتغيير المسار أدى إلى زيادة تكلفة الاقتراض، فكانت هناك توقعات باللجوء إلى السياسة التقييدية من قبل الفيدرالي لكن سرعة اللجوء لهذه السياسة أحدث مفاجأة في الأسواق المختلفة، ومن ثم ظهر نوع من التنافس على زيادة الأسعار للحفاظ على الأسواق وتحقيق الاستقرار عبر وجود ميزة تنافسية مالية في الأسواق ذات العائد الجاري، لكنه تسبب في ضرر بسبب رفع تكلفة الاقتراض ومن ثم ارتفاع الأسعار، وبالتالي تقليل القدرة على الاقتراض ومن ثم حدوث انكماش وتدهور في معدلات النمو.
وذكر أن هذا جاء مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية ومن ثم شهدنا البنوك المركزية تتسابق في رفع الفائدة للحفاظ على تنافسيتها ومحاولة لكبح جماح التضخم، موضحًا أن ارتفاع أسعار الفائدة يؤثر على الائتمان، وبالتالي تقليل القدرة على التوسع في الاستثمار وتؤثر بالسلب على معدلات الاستهلاك نتيجة لارتفاع التكلفة واللجوء الادخار.
وأردف أن البنك المركزي سبق هذه الأحداث من خلال رفع الفائدة في مارس 100 نقطة أساس، ثم في يونيو 200 نقطة أساس بإجمالي 3%، وكنا نري هذه الضغوط التضخمية، التي ستنتج عن هذه الأحداث العالمية ومن ثم لا نترك مجال ليكون السوق المصري ضحية لصدمات العرض من واقع دراسات وتحليلات فنيه، وأي تحرك في سعر الفائدة به عنصر زمني حتي يتحقق المفعول والنتيجة المرجوة خلال 6 أشهر.