الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة لايت

محمود البزاوي.. فيلسوف يأسرك ببساطته

محمود البزاوي
محمود البزاوي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

كلما تعمقت في شيء ازداد فهمه، وتمكنت من التعبير عنه بسهولة، فتناسب الكلمات من الفم ببساطة كماء يسقط من أعلى بلا أي حواجز، لذا قد يبدو لك من حديثه أنه شخص بسيط للغاية، لكنها بساطة تنطوي على فلسفة وفهم عميقين.

قد يكون الشخص محظوظا بأن يكتشف طريق القراءة مبكرا، وكان محمود البزاوي كذلك، بأنه يهبه الله شقيقين مطلعين يتحدثان عن فهم ودراية، فيشعر الطفل الصغير بالرغبة في منافستهما، فيدخل في هذا العالم.

والحياة خطوة تسلم أخرى، وخطوة تكافأ عليها من القدر فتفتح لك طريقا، وهكذا تتشكل شخصيتك وحياتك، فتصبح ما أنت عليه الآن.

كآخرين من أبناء القرى، سُحر البزاوي بالسينما بسبب "عربة السيما"، التي تجوب المحافظات، ومن خطوة في عالم القراءة وأخرى في عالم الفنون، تشكلت حياته على النحو التي عليه الآن، من ممثل وكاتب ومثقف ليس مكررا كثيرا.

حين كان يلف في شوارع القرية مناديا على التفاح، كان الجسد هناك، والروح في القاهرة هائمة بالفن، والحلم أبعد من ذلك أن يصل إلى هوليوود.

لكن هذا الشخص ذا الأحلام الكبيرة، هو نفس الشخص الراضي لأبعد الحدود، ليس في خياله الكثير بالنسبة لمهنته، هو يحبها فحسب، لا يحلم بتقديم شخصية ما أو بطولة ما، كل ما يريده فقط أن يقدم ما يصدقه، وأن يخلق مبررا لتصرفاتها.

في كواليس كتيبة إعدام، حين ذكّر  البزاوي، الفنان الراحل نور الشريف، بجملة قالها الأخير له قبلها بسنوات في مسابقة، إثناء على أدائه: "متأكد إني هقابلك تاني"، لم يكن يثبت لنور صحة مقولته فحسب، بل كان يؤكد لنفسه أولا، أن حلمه تحقق.

ما زال البزاوي يستطعم خطوات النجاح، لأن طعم أيام المحلة الذي ما زال في حلقه، يجعله مدركا دائما لما حققه، منذ التمس طريق الفن راقصًا في الفنون الشعبية، ثم مطرب كورال، قبل أن تلتقطه عين مُدرس ثاقبة، لكن ينضم لمسرح المدرسة فيدرك طريقه.

تبدو علاقة البزاوي بابنه أكرم، علاقة أب وابنه بينهما صداقة، لكنها ليست كذلك فقط، فكل شيء في حياته له فلسفة، فمحمود البزاوي يعوض صداقة لم يحققها مع "حماه" محمود السعدني، من خلال أكرم، وأيضا يعلم أن السير خلف ابنه أحيانا مفيد، عكس ما يرغب فيه الآباء من أن تتبعهم القافلة، فما يتوفر للأبناء من معرفة لم يكن موفرا لجيلهم.

ولم تكن الكتابة من الباطن كذلك، بعيدة عن الآراء الفلسفية للبزاوي، فإنه يتعلم أولا، ويختبر نفسه ثانيا، ويروج لنفسه في الوسط الفني ثالثا، وهو ما جنى ثماره بالفعل.

ورغم تخرجه في معهد الفنون المسرحية، فإنه لم يحب العمل على المسرح، واختار الرقابة، وهناك اختبر موهبة الكتابة وهو يقرأ السيناريوهات، ويعدل على المعالجات، لكن التمثيل كان الكفة الأرحج، حين خيره الراحل ممدوح الليثي.

يمكن أن تقسم حياة البزاوي بحجم النجومية والانتشار، لكن لا يمكنك أن تقسهما بمساحات الدور، فقد تجد له 3 أعمال متزامنة، بين دور كبير وآخر متوسط وثالث يظهر فيه مشهدا، قد لا يكون هذا أمر مريحا بالنسبة له، لكن المؤكد أنه يترك علامة مع المشاهدين في أي منها.

البزاوي، الذي يحلم بالإخراج بالسينما، حكاء كبير، لديه ما يقوله، ليست ثرثرة ولكنه حكي ينطوي على معان وخبرات ودروس، وإذا استطاع أن يعبر بالصورة عما بداخله، فسيكون مخرجا كبيرا، كما هو ممثل ومؤلف.