الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

حكايات المضمار.. عودة سباق الهجن استعادة لتراث الآباء والأجداد بسيناء

محررة  البوابة  مع
محررة " البوابة " مع أحد مربي الهجن والجمل الفائز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

روح الألفة والمحبة ونسمات عابرات من البهجة والسرور تطوف أنحاء الفيروز، هنا في شمال سيناء يتراص أهلها رجالا ونساء وأطفالا، وتجمعات آمنة في آرض حباها الله بعهود السماء. 

رقصة الدبكة كانت تزين تلك الأجواء، تعبيرًا عن الفرحة، فهذه سيدة خمسينية تخالج ثنايا وجهها، سعادة عبّرت عنها بإطلاق الزغاريد، وهؤلاء أطفال يربط كل منهم على يد أخيه، انتظارًا لحدث جلل في أرضهم عادت إليهم بعد توقف سنوات، إنه سباقات الهجن، التي تقام في ساحات يشهدها حضور شعبي غفير.

 وكانت مدينة العريش تستضيف سباقات الهجن مرتين سنويا، بيد أنها توقفت لأكثر من عشر سنوات، حتى جاء قرار إعادتها العام الحالي، ما يؤكد على عودة الاستقرار للمدينة ومحافظة شمال سيناء بشكل عام بعد سنوات من المواجهات مع الإرهاب.

تراث عريق 

وتعد رياضة الهجن تقليدا تراثيا اعتاد سكان العريش الذين استقبلوه بكثير من الفرح والترحيب على تنظيمه.

وهذه الرياضة مشهورة في الشرق الأوسط بين العرب وخاصة في منطقة الجزيرة العربية، وكذلك في أفريقيا وأستراليا وتحرص بعض الدول وبخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر والأردن وسلطنة عمان ومصر على إقامة هذا السباق بانتظام والمهرجانات والاحتفالات الشعبية الكبيرة خلال فترات إقامته. 

وتسمى الإبل المخصصة والمستخدمة في السباقات الرياضية بالهجن، أو مطايا ومفردها "مطية" ولها أنواع عديدة من أشهرها: الذلول الحرة أو الهجن الحرة.

"عودة": الراكب الآلي أخف حملاً على الجمل من الإنسان

ويهتم أبناء سيناء بتربية الإبل عامة، لاستخدامها في الكثير من مناحي الحياة، وبصفة خاصة لسباقات الهجن، ولكن باختلاف طريقة التربية.

عودة سليمان محمود

عودة سليمان محمود

ويقول عودة سليمان محمود، من قبيلة السواركة، وأحد مربي الهجن المشاركة في السباق، إن فرحتنا بهذا السباق لا توصف، والفرحة تغمر الصغير والكبير، ونتمنى أن تنال شمال سيناء هذا الشرف وذلك بإقامة هذا السباق على التوالي بدون انقطاع، وأسعدنا كثيرًا حضور الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة.

وأضاف "عودة"، في حديث خاص لـ"البوابة نيوز"، أنه  يتم تدريب الجمال عند بلوغها السنتين، وفي البداية يوضع الجمل في وضعية الوقوف وتكون الأيدي مقيدة بحبل، ويتم تثبيتها على الأرض، وتترك لمدة يومين أو ثلاثة أيام، لتعليمها عدم الحركة والانضباط ثم يتم تعلميها المشي بحرية. 

وتابع "عودة"، أنه يتم ترويض الجمل بطريقة ربطه، وبعدها يثبت على ظهر الجمل قطعة من الخشب تمتد من رقبته إلى سنامه، حتى يستقر ويهدأ، إلى جانب تدريبه على السرعة وذلك على حسب المسافة، موضحًا أن المسافة التي تركضها "المطية" تزيد كلما زاد عمر  الجمل.

وأشار "عودة" إلى أنه يمكن أن يركب الجمل أثناء السباق إنسان عادي أو الراكب الآلي، ونحن نفضل "الآلى" لأن وزنه أخف على الجمل، ويحقق سرعة أفضل موضحًا أن "الراكب الآلى" هو جهاز يركب على ظهر كل جمل متسابق يقوم بلسعه بالسوط آليا عن طريق ريموت كنترول يتم تشغيله عن بعد.

وأوضح "عودة"، أنه يفضل أن يكون التدريب في فصل الشتاء، فمع بداية الصيف يركن الجمل إلى  الأكل والراحة، مع تركه  للرعي وإعطائه طعامًا جيدًا، والتدريب على المشي بمسافات قصيرة حوالي ٤ أو ٥ كيلو مترات، مع زيادة مسافة المشي بمقدار ١-٢ كم لمدة لا تقل عن عشرين يومًا وبعد ذلك تدريبه على الجري مسافات قصيرة لتهدئة العضلات والتنفس بشرط ألا تتجاوز المسافة ٨ كيلو مترات. من جانبه قال سليم خلف حسن، من قبيلة بلي، فرحنا بهذا السباق فرحة لا مثيل لها، فهو تراث الآباء والأجداد، وحصلنا على المركزين الأول والثاني.

وأضاف "سليم" في تصريحات لـ"البوابة نيوز"، أن الإبل الأصيلة هي من يحق لها المشاركة في السباق، وتعتمد على الشكل العام وصحة الجسم وكِبر المطية، وكبر الرأس وانتصاب الأذنين، وطول الرقبة وارتفاعها لأعلى، وطول المنطقة الموجودة أمام السنام وحتى الرقبة التي تسمى بـالغارب، وباتساع الباط وهي المنطقة الموجودة بين الرجلين الأمامية والبطن، وخفة الحركة وسرعة الجري والقدرة على التحمل والاستجابة للتدريب، وأن تكون صغيرة السن، وذات الخُف الصغير، على أن يتراوح وزنها ما بين ٥٠٠ إلى ٦٠٠ كيلو جرام، ومن قواعد السباق أيضًا، مبدأ التكافؤ في الأنواع والأعمار.

الجمل مضيحي

الجمل مضيحي

"مضيحي" أكثر الجمال وصولاً للكأس 

لم يكن هذا السباق الأول من نوعه الذى يشارك به الجمل المضيحي المتفوق، والذي طالما يعرف هدفه، فحقق عدة سباقات قبل ذلك.

ويقول سلامة حماد سليمان، إن من الجمال التي حققت الفوز في السباق هو "مضيحي"، والذي يبلغ من العمر خمس سنوات، ولم يكن هذا الفوز الأول له، فلقد حقق عدة نجاحات في مختلف السباقات الأخرى، فهو أكثر الجمال وصولاً للكأس، فلقد جرى في السباق مسافة ١٥ كم من غير كل أو تعب.

وأضاف "سلامة" لـ"البوابة"، أنه كلما زادت مسافة الجري كلما كان أفضل، فعندما كان الجمل صغيراً كنا ندربه على مسافة ٥ كم، ثم بعد ذلك مسافة ١٠ كم، إلى أن وصل إلى قطع مسافة قدرها ١٥ كم، فكلما كبرت "المطية" كلما قطع مسافة أكبر، وهو معتاد على المسافات الطويلة.

الجمل اعوجان

«اعوجان».. الجمل الأكبر سنًا والأكثر جهدًا

يجلس وسط الجمال في شموخ، هذا الجمل الأكبر والأسرع، والذي يقطع مسافات كبيرة، فهو الأكبر مقاماً وجهداً.

إنه الجمل "اعوجان"، فهو أكبر الجمال سنًا، ومن أسرع الجمال وأكثرها تحملًا للمسافات، فقد قطع مسافة ٢٠ كم و٢٥ كم قبل ذلك، أما الجمال الصغيرة والتي تكون في سن السنتين أو الثلاثة، فتقطع مسافات من  ٤ إلى ٥ كم وذلك حسبما ذكر "سلامة". 

وأوضح "سلامة"، أن الجمل "اعوجان" يبلغ من العمر ٦ سنوات، ويتم إطعامه باللبن، والعجوة، والشعير، والفول، والذرة، وأثناء تدريبه في الصباح الباكر يقطع مسافة حوالي ٨ كم، وفي آخر اليوم  يمشي ليستريح من الجري، ثم  يأكل البرسيم الحجيزي والفول والعدس والفاصوليا.

سليمان سالم

أحد الفائزين: نفرح بعودة السباق أكثر من الفوز فالكأس للجميع

وظهرت ملامح الفخر والعزة على سليمان سالم، وهو يحمل الكأس بين يديه، بعد فوز جماله الإثنين في السباق، معربًا عن سعادته بذلك، وموضحًا أن سعادته اكتملت بفرحة أهله وأصدقائه، وجميع أهالي محافظة شمال سيناء، فليس ما يفرحه الفوز فقط، بل تكمن سعادته في عودة السباق لأرض الفيروز.

فيقول سليمان سالم، إن هذا ليس أول نجاح يحصل عليه، ولكنه حقق الفوز في عدة سباقات أخرى، في العلمين وشرم الشيخ.

وأضاف "سليمان"، لـ"البوابة"، أنه هو من يقوم بتدريب الهجن الخاصة به، وأن فترة التدريب تأخذ مدة طويلة تصل إلى ثلاثة أشهر قبل السباق، موضحًا أنه يوجد عدة أسماء خاصة بالجمال، ومنها، المضيحي، والخاين، والفائز، وتحتظاني، وغير ذلك من الأسماء.

وأوضح "سليمان"، أن من فاز بالسباق هما جملا "المضيحي" و"تحتظاني"، ونحمد الله على إتمام السبق بسلام، ونحن نريد الاستمرار في عرض هذا السباق أكثر من الفوز، فهو تراث يسري بداخل أرواحنا، إلى جانب أنه يعتبر عاملا مهما في ترويج السياحة في سيناء للنهوض بالاقتصاد، ونشكر الرئيس عبدالفتاح السيسي، ووزير الشباب والرياضة الدكتور أشرف صبحي، ونشكر المدرب فراج أبو حمدين.

فهد
عودة

فرحة الاطفال بسباق الهجن .."فهد" أقوم بتدريب الجمال مع عائلتي

تلك النظرات التي تعبر عن الحب والفرحة، والتي تشرح مدى السعادة بدون أن يتفلظ أي منهم بشئ، التي وجدناها في في عيون الأطفال في سباق الهجن .

فذاك الطفل "فهد" من قبيلة السواركة، والذي عبر عن فرحته ومدى سعادته، بفوز أهله في السباق، موضحاً أنه يقوم بتدريب الجمال مع أهله، متمنياً أن لا ينقطع هذا السباق في شمال سيناء فهو مصدر فرحه للجميع. 

أما عن الطفل "عودة"، والذي كان ممسكاً بالجمل وكأنه يريد احتضانه، فسعادته تظهر في نظرة عينه، تلك الفرحة التي تسعد القلوب،  فعند سؤاله عن السباق، أجاب بكل فرحة وتلقائية "أنا بحب الجمال والسباق ونفسي يفضل دايماً"

وأشار الطفل، إلى أنه في كثير من الأحيان كان يقوم بمساعدة أهله في تقديم الطعام للجمال، من برسيم وفول وعدس وأنه يكون في غاية السعادة بهذا العمل متمنياً أن يدرب مطية بنفسه ويشارك في السباق. 

55b25dd3-adf9-45dc-9d65-206e8c3c51ac
55b25dd3-adf9-45dc-9d65-206e8c3c51ac
8a0ed47a-1cad-428e-ae04-db99efc11f9f
8a0ed47a-1cad-428e-ae04-db99efc11f9f