تحل اليوم الحادي والعشرين من سبتمبر الذكرى الأولى لرحيل المشير محمد حسين طنطاوى، القائد العام السابق للقوات المسلحة المصرية.
المشير طنطاوي، القيادة العسكرية الفذة، البطل الذي خاض أربعة حروب دفاعًا عن تراب مصر ورفعًا لرايتها، القائد المحب لوطنه، صاحب فكرة تقاضي أبطال الجيش المصري نصف رواتبهم لمدة 20 عامًا لتحقيق قدرة اقتصادية للقوات المسلحة تمكنها من تنفيذ مهامها وحماية وطنها.
في الاحتفال بالذكرة الـ 42 لانتصارات أكتوبر المجيدة، وجه له الرئيس عبدالفتاح السيسي التحية والشكر والتقدير، تعبيرا عن دوره الوطني قائلا: "اسمحوا لي أن أوجه التحية ليه لوحده.. سيادة المشير حسين طنطاوى".
مولده ونشأته
ولد البطل محمد حسين طنطاوي، في 31 أكتوبر عام 1935، بمنطقة عابدين في القاهرة لأسرة نوبية من أسوان تحب وطنها وتربي أبناءها على الوطنية والانتماء.
عاش المشير محمد حسين طنطاوي بين ربوع القاهرة، عاشقا لوطنه، محبا لترابه، وواصل دراسته حتى حصل على بكالوريوس فى العلوم العسكرية من الكلية الحربية عام 1956، كما درس فى كلية القيادة والأركان عام 1971، وفى كلية الحرب العليا عام 1982.
وفي عام 1987 تولى المشير محمد حسين طنطاوي، منصب قائد الجيش الثانى الميداني، ثم قائد قوات الحرس الجمهورى عام 1988، حتى أصبح قائداً عاماً للقوات المسلحة ووزيراً للدفاع عام 1991 برتبة فريق، وعقب شهر واحد أصدر "مبارك" قرارًا بترقيته إلى رتبة فريق أول، كما صدر قراراً جمهورياً بنهاية عام 1993 بترقيته إلى رتبة المشير ووزيرا للدفاع والإنتاج الحربى.
معارك خاضها البطل..
خاض البطل المشير محمد حسين طنطاوى أربعة حروب ، خاضتها مصر ضد إسرائيل، فشارك في حرب 1956، وشارك فى حرب 1967، وأكمل بعدها فى حرب الاستنزاف، كما كان أحد أبطال حرب أكتوبر 1973 المجيدة، حيث كان قائدا للكتيبة 16 مشاة، التى حققت بطولات كبيرة خلال ملحمة عبور قناة السويس وتحرير سيناء .
وفي معركة العزة والكرامة في أكتوبر 1973، دخل المشير طنطاوى فى مواجهة مباشرة مع القوات الإسرائيلية وتحديدا مع أرييل شارون، وتحديدا في الثاني عشر من أكتوبر، حيث تم الدفع بإحدى الوحدات التى كان يقودها المشير طنطاوي لتأمين الجانب الأيمن للفرقة لمسافة 3 كيلومترات، وكانت الفرقة قد تم إخراجها منها، وتمكنت الوحدة بقيادة "طنطاوي" من السيطرة على نقطة حصينة على الطرف الشمالي الشرقي من البحيرات المرة، واضطر جنود هذه النقطة من الإسرائيليين، للهرب منها تحت جنح الظلام.
بطولات كثيرة، وانتصارات أكثر وأكثر ، بطلها المشير محمد حسين طنطاوي، ففي الخامس عشر من أكتوبر 1973، كان "المقدم طنطاوي" قائدا للكتيبة 16 مشاة التى أحبطت عملية "الغزالة المطورة" الإسرائيلية، حيث تصدت لمجموعة "شارون" ضمن فرقتي مشاة ومدرعات مصريتين فى الضفة الشرقية، فى منطقة مزرعة الجلاء المعروفة باسم "المزرعة الصينية" حيث كبدت الكتيبة الإسرائيليين خسائر فادحة.
المشير طنطاوي يروي بطولات كتيبته
وفي تسجيل تلفزيوني نادر، روى العميد أركان حرب محمد حسين طنطاوي، قائد الكتيبة 16 مشاة فى حرب أكتوبر بطولات كتيبته، وقد تجلى ذكاء وتخطيط "طنطاوي"، عندما هاجمته مدرعات العدو.، ووقتها لم يكشف البطل أوراقه، وتحلى بالصبر، وحبس نيران مدفعيته لحين معرفة وتقدير قوة العدو وقدراته، على أرض المعركة، وفى التوقيت المناسب قرر الضرب، وانطلقت نيران الأسلحة وقذائف المدفعية،وانطلق أبطال كتيبته على مدرعات ومجنزرات العدو، حتى قضوا عليها نهائيا، وفشل هجوم العدو فى الوصول للقناة، وأخذ يبحث عن مكان آخر بعيداً عن رجال الفرقة 16 مشاة التى كان يقودها العميد عبدرب النبى حافظ والكتيبة 16 مشاة التى كان يقودها " طنطاوي".
هكذا روى البطل المشير محمد حسين طنطاوي، جزءا من ملحمة انتصارات وبطولات القوات المسلحة على الجبهة حتى استطاعوا تحقيق النصر واسترداد سيناء الحبيبة بعد أن دنسها الاحتلال، واختتم المشير محمد حسين طنطاوي، حديثه عن حكايات أبطال أفراد الكتيبة بقوله: "كل همي أن أنا مرجعش ولا فرد من الأفراد اللى جم الموقع حي، تلك هى معركة من المعارك التى خاضتها الكتيبة منذ العبور حتى إيقاف إطلاق النار، يكفينا فخرًا أن الكتيبة لم تتكلف فى العبور إلا شهيدا واحدا وهو "عادل بصاروف".
ومن أقواله عن حرب الاستنزاف:" كانت فترة زاهرة فى تاريخ القوات المسلحة المصرية، حيث كان الجيش يقاتل ويستعد ويعيد بناء القوات فى نفس الوقت، فقد أعطت الحرب الجنود والضباط الثقة بالنفس، كما منحت الشعب الثقة فى الجيش".
واعترف ضباط الاحتلال الإسرائيلي بالهزيمة في تلك المعركة، وفقد فرقتا "شارون وآدن" اللتان قامتا ب إحداث الثغرة أكثر من 500 جندي، بالإضافة إلى قتل ضباط الصفين الأول والثانى من قادة الألوية والسرايا، قائلين:" إن شراسة معارك الثغرة لم تحدث فى تاريخ الحروب بعد تلاحم المدرعات المصرية والإسرائيلية، وحرق المئات من العربات المدرعة والمجنزرات".
طنطاوي يتحمل المسؤولية في وقت عصيب..
معارك وبطولات وتضحيات البطل المشير محمد حسين طنطاوي، لم تتوقف عند حدود خوض المعارك وحمل السلاح فى وجه أعداء الوطن من الخارج فقط، وإنما كان منقذا ومحافظا على مصر ومقدرات شعبها بحكمته وكفاءته وقدرته ، وتولى زمام الأمور في أصعب فترة في تاريخ مصر ، وأنقذ السفينة من الغرق، بعد أن تنحى الرئيس السابق محمد حسني مبارك عقب ثورة 25 يناير، وتم تكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد.
البيان الخامس للمجلس الأعلى للقوات المسلحة..
وبعد تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة المشير محمد حسين طنطاوى مسئولية السلطة فى مصر، نجح فى وقت قصير أن يحافظ على هيبة ومكانة القوات المسلحة المصرية فى أنظار العالم، وتمتع بثقة الجميع فى الداخل والخارج، وتحمل أعباء ومسئوليات عهد جديد على مصر والمنطقة بأسرها، ونجح فى كل الاختبارات التى تعرض لها بنجاح منقطع النظير، رغم كل محاولات الاستفزاز التى تعرض لها وتعرضت لها القوات المسلحة فى تلك الفترة العصيبة إلا أنه كان حائط الصد عن الشعب المصري في كل وقت وفي أي مكان.
وبموجب البيان الخامس الصادر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، أصبح المشير "محمد حسين طنطاوى" الحاكم الفعلي لمصر عقب ثورة 25 يناير وممثلاً للجمهورية فى الداخل والخارج.
رحلة البطولات والانتصارات..
شغل المشير محمد حسين طنطاوي، مناصب قيادية عديدة فى القوات المسلحة، حيث كان رئيسًا لهيئة العمليات وفرقة المشاة، وحصل بعد حرب أكتوبر المجيدة على نوط الشجاعة العسكري ثم عمل عام 1975، ملحقاً عسكرياً لمصر فى باكستان وبعدها فى أفغانستان.
وحصل المشير محمد حسين طنطاوي، خلال مشواره العسكري العديد من الأوسمة والأنواط والميداليات منها وسام التحرير، ونوط الجلاء العسكري، ونوط النصر، ونوط الشجاعة العسكري، ونوط التدريب، ونوط الخدمة الممتازة، ووسام الجمهورية التونسية، ووسام تحرير الكويت، ونوط المعركة، وميدالية تحرير الكويت، بالإضافة إلى ميدالية يوم الجيش.