حددت محكمة جنح مستأنف قنا غداً الأربعاء للنطق بالحكم في استئناف ١٥ طبيب وطبيبة أطفال مستشفى قنا العام على حكم حبسهم لمدة عامين والذي قضت به محكمة جنح قنا في مايو ٢٠٢٠ بتهمة الإهمال في متابعة طفلة أدى إلى فقدان بصرها.
بدأت الواقعة في يوليو عام ٢٠١٨ عندما وضعت أم مريضة بالسكري طفليها التوأم في الأسبوع الأول بعد الشهر السادس بإحدى المستشفيات الخاصة اضطرارياً لحدوث نزيف، الطفل توفاه الله عن عمر ١١ يوماً بحضانة المستشفى الخاص ونظراً لارتفاع التكاليف بالمستشفى طلب والد الطفلة توأم الطفل المتوفي نقلها إلى مستشفى قنا العام، وهناك على مدار شهر كامل تابع الفريق الطبي بقسم الحضانات الطفلة برعاية وإخلاص، كلل الله جهودهم بتحسن الطفلة وخروجها من المستشفى، وبعد حوالي خمسة أشهر فوجئ الأطباء بوالدة الطفلة تتقدم ببلاغ ضدهم تتهمهم فيه بالاهمال وتسببهم في فقدان الطفلة لبصرها.
تقرير الطب الشرعى المنفرد من طبيب قنا أدان الأطباء وكان التقرير هو السبب في حكم محكمة جنح قنا على ١٥ طبيب وطبيبة بالسجن لمدة عامين.
التقرير حمل العديد من أوجه العوار والتناقض حيث لا يوجد ما يعضد إتهام والدة الطفلة وما ورد بتقرير الطب الشرعي الأولي من تأكيد هذا الاتهام، فالخطة العلاجية التي اتبعها الأطباء هي وفق الأصول الطبية السليمة المتبعة وأن اعتلال الشبكية في حالة الطفلة من أشهر المضاعفات الواردة بالمراجع العلمية والتي يكون سببها راجعاً بالأساس لولادة الطفلة في وقت مبكر وعدم إكتمال النمو والأشهر الرحمية، وأن إجراء الفحص المسحي الخاص باكتشاف اعتلال الشبكية للطفلة في هذه الحالة يعتمد على وجود جهاز فحص قاع عين متنقل لعدم إمكانية فصل الطفلة من الحضانة، وهذا الجهاز لم يكن موجوداً بمستشفى قنا العام فضلاً عن أن إجراء هذا الفحص للطفلة في هذا التوقيت يحمل تهديداً بمضاعفات كثيرة..
هذا ما دفع به محمود عباس المستشار القانوني لنقابة الأطباء أمام محكمة استئناف قنا في أولى جلساتها في ١٦ نوفمبر الماضي، وطلب العرض على لجنة ثلاثية من الطب الشرعي بالقاهرة، الأمر الذي أجابته إليه المحكمة وورد تقرير اللجنة الثلاثية مصححاً لما ورد في تقرير الطبيب الشرعي المنفرد من مناقضات للمستقر عليه علمياً، لتحدد محكمة الاستئناف جلسة النطق بالحكم غداً الأربعاء.
قرابة الأربع سنوات ١٥ طبيب وطبيبة بين أقسام الشرطة وردهات النيابة والطب الشرعي وساحات المحاكم، تحوطهم مشاعر تأنيب الضمير من أسرهم على مراعاة تعليمهم حتى أصبحوا أطباء..قد لا يشعر المتسبب الأول في كم هذا العناء والإحباط بأية مسوؤلية، السبب هو غياب قانون المسؤولية الطبية الذي ينظم قضايا الضرر الطبي في إطار عادل يحافظ على حقوق المريض ويحمي الطبيب من التعرض للابتزاز والإهانة، يحيل تقرير الخطأ الطبي من عدمه إلى لجان فنية متخصصة ليعطي المريض حقه في تعويض مناسب في حالة وجود خطأ، ويحمي الطبيب ويلات الخوف والقهر في مسارات التحقيق الجنائي..الجاني في هذه القضية وغيرها هو من عطل صدور قانون المسؤولية الطبية.