علامات الشيب سيطرت على ملامح وجهه، نظارته السميكة تتدلى على عينيه، فتلك الإبرة الصغيرة التي يتفنن في غرزها واحدة تلو الأخرى تحتاج إلى نظر قوي.
أحمد مصطفي الرجل الخمسيني الذي يعمل في صناعة كسوة الكعبة المشرفة منذ أكثر من ثلاثين عاما، في إحدى الورش بمصر القديمة، حيث يعمل برفقة معلمه حتى ظهر الشيب في رأسه.
يقول الرجل الخمسيني أن عملهم عبارة عن نقش آيات قرآنية على القماش، وهذا العمل هو شرف لكل من يعمل به خاصة أنه يشير إلى الكعبة المشرفة.
يضيف أحمد مصطفي أن كسوة الكعبة كانت تصنع في الأساس بمصر وكانت أخر كسوة خرجت منها في سنة ستين، والتي شارك فيها معلمه الذي تعلم المهنة على يده، وبعد ذلك السعودية تولت صناعتها هناك، الأمر الذي تسبب في تدهور الأحوال في العمل هنا، وبالتالي لجأنا الي العمل في اشياء اخرى ومفروشات منقوش عليها الآيات القرآنية.
عن مراحل التصنيع يقول الرجل الخمسيني أنه يوجد خطاط يكتب الآيات القرآنية بشكل صحيح ومنظم، وبعد ذلك يتم عمل تصميم للصناعة المطلوبة، ثم نقوم بتنفيذ مثل هذه الصناعات، حيث يقبل المواطنين على شراءها كنوع من التبرك بها وخاصة السياح العرب.
وتابع أن كسوة الكعبة تصنع من الفضة والذهب، ولكن جميع المصنوعات التي نعملها حاليا هي نحاس فقط، وهناك بعد الرسومات تستغرق وقتا طويلا يصل إلى عشرة أيام، وذلك حسب الرسومات المصممة، كما أن الرسومات الإسلامية هي الأكثر إقبالا، مثل كسوة الأضرحة لأولياء الله الصالحين والتي قد تصل إلى شهر كامل من العمل.
وأشار مصطفي، أنه لا يوجد شباب جدد يدخلون هذه المهنة، لأننا اليوم في عصر السرعة، وهذه المهنة تحتاج إلي صبر كبير للغاية، وهذه الصفة لا يتسم بها الشباب في هذه الأيام.
عن أمنيته في الحياة قال : المشاركة في عمل كسوة الكعبة:" نفسي اشارك في كسوة الكعبة بتمني الناس اللي هناك تنظر لينا وتحقق لنا الأمنية دي، وتعتبرها الخدمة الأخيرة في الشغلانة دي ".
ورغم أن كسوة الكعبة المشرفة لا تصنع حاليا في مصر، الا أن المحروسة ستظل مقصد الجميع الاول لشراء هذه المنتجات، حيث يقول الرجل الخمسيني أن الكثير من السياح بالدول العربية يأتون إلى مصر لشراء هذه المنتجات، كان أخرهم مندوب عن رئيس الإمارات جاء لتصميم شجرة العائلة الملكية، وبالطبع عملنا عليها لفترة حتى انتهينا منها منذ مدة ، وغيرها من الأشياء التي يطلبها الكثير من الرجال الدبلوماسيين في البلاد العربية.