عاد مهرجان تورنتو السينمائي الدولي إلى الأضواء مجددًا، بعد دورة ملغاة بسبب ظروف الوباء وأخرى محدودة، في نسخة جديدة حملت الرقم 47، حيث عادت طوابير الجماهير للاصطفاف مرة أخرى أمام قاعات السينما كجزء وتقليد سنوي في هذه المدينة، لمتابعة الأعمال التي شقت طريقها نحو المسابقة الرسمية أو حتى العروض التي حازت على إعجاب الجمهور في مهرجانات دولية أخرى مثل كان وفينيسيا.
وكان من بين العروض المميزة في مهرجان تورنتو هذا العام، فيلم دارين أرونوفسكي «The Whale»، بطولة بريندان فريزر، والقادم من مهرجان فينيسيا السينمائي ويعتبر الفيلم الأكثر إثارة للجدل في البندقية، حيث يبدو أن النقاد منقسمون حول ما إذا كان فيلمًا صريحًا أو ضيق الأفق بشكل مبسط في قصة رجل سمين يحاول إعادة الاتصال مع ابنته المنفصلة.
ومن بين الأفلام الأخرى البارزة التي تم عرضها لأول مرة في تورنتو أو قادمة من مهرجانات أخرى فيلم «The Son» للمخرج فلوريان زيلر، وفيلم «Corsage» للمخرج نيكولاس ستولر، وفيلم «Bros» لمايكل راندج، وفيلم «My Policeman» للمخرج ليلا نيوجباور، وفيلم «EO» للمخرج جيرزي سكوليموسكي، و«The Inspection» لأليجانس براتون.
ومن بين الأعمال التي نالت استحسان الجمهور والنقاد في تورنتو هذا العام، فيلم الدراما والسيرة الذاتية «The Fabelmans» للمخرج ستيفن سبيلبرج، والذي تدور أحداثه في ولاية أريزونا الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية، ويعتبر الفيلم أشبه بقصص السيرة الذاتية لحياة المخرج المخضرم من سن السابعة حتى سن الثمانين، والذي وفق مواقع أجنبية يقدم صورة شخصية عميقة للطفولة الأمريكية في القرن العشرين، عن اكتشاف شاب سرًا عائليًا محطمًا واستكشاف قوة الأفلام لمساعدتنا على رؤية الحقيقة حول بعضنا البعض وأنفسنا، ووصفه النقاد على أنه تحفة فنية لمخرج أفلام محترف يستحق أن يتم الاحتفاء به ضمن تشكيلة أفلام المهرجان.
أحد الأعمال التي نالت ثناءً كبيرًا في المهرجان أيضًا، فيلم الإثارة والجريمة «Glass Onion: A Knives Out Mystery» للنجم دانيال كريج، وهو استكمال للجزء الأول من فيلم «Knives Out»، وأعد المخرج والمؤلف ريان جونسون، سيناريو الجزء الثاني، بعد وقت قصير على الانتهاء من الجزء الأول الصادر عام 2019.
وقال النقاد في مراجعتهم للفيلم، على الرغم من طول مدة تشغيل الفيلم والذي بلغ ساعتين و19 دقيقة، إلا أن لغز جريمة القتل اللذيذة والشيطانية هي تجربة سينمائية مبهجة لدرجة أنها يجب أن تكون موضع خلاف، وأضاف: «كان الجمهور في العرض الأول يمتزج بمزيج من الضحك واللهث الصادم، وهو ما يجعله مرشحا للفوز بقوة هذا العام».
ومن الأفلام الأكثر حميمة في قصتها هذا العام، فيلم الدراما «Empire of Light» للمخرج سام ميندز، الذي جمع النجمة أوليفيا كولمان، مع المصور السينمائي روجر ديكنز، والملحنين ترينت ريزنور وأتيكوس روس، لإنشاء قصة فريدة تدور أحداثها في ثمانينيات القرن الماضي عن الصحة العقلية والصداقة وقدرة السينما على الإلهام والشفاء.
كما وصلت مخرجة الأفلام التسجيلية الحائزة على جائزة الأوسكار لورا بويتراس إلى تورنتو مباشرة بعد فوزها بجائزة الأسد الذهبي لهذا العام في مهرجان فينيسيا السينمائي عن فيلمها «All The Beauty and the Bloodshed»، والذي يمزج القصة المشهودة عن حياة المصورة الشهيرة نان جولدن بالحملة التي شنتها لتحميل أسرة ساكلر وشركة الأدوية التي تملكها المسئولية عن أزمة المواد الأفيونية الأمريكية، وقال النقاد عقب عرضه بمهرجان تورنتو السينمائي، إنه صورة حميمة لإدمان المواد الأفيونية ومخالفات الشركات، إنه استفزازي وقوي، ولا بد أن يكون في المنافسة على أفضل قوائم العام.
أما الممثلة الحائزة على الأوسكار فايولا دافيس، فعادت للبطولة والإنتاج من خلال فيلم ملحمي يحمل اسم «The Woman King»، وتقدم خلاله قصة أجوجي، وهي واحدة من المحاربين المؤلفة من الإناث الذين قاموا بحماية مملكة داهومي الأفريقية في القرن التاسع عشر بمهارات وشراسة لم يشهدها العالم على الإطلاق. تلعب «ديفيس» دور الجنرال نانسكا، وهي تدرب الجيل القادم من المجندين وتجهزهم للمعركة ضد عدو مصمم على تدمير أسلوب حياتهم.
وفي مراجعتهم، قال النقاد: «يجمع فيلم The Woman King بين الحساسية والفوارق الدقيقة في ملحمة تاريخية والطاقة الشاملة لأفلام الأكشن، وهو فيلم مثير وممتع للجمهور، كما أنه يجد لحظات من الحساسية العاطفية الحقيقية».
