أكد الدكتور رمزى الجرم الخبير الاقتصادي، تأثر العديد من أسواق المال العالمية على خلفية قيام الاحتياطي الفيدرالي، بتبني سلسلة من الارتفاعات التدريجية في اسعار الفائدة الأمريكية ، فارتفاع سعر الفائدة، يؤدي الى اتجاه المُستثمرين الى شراء سندات الخزانة الامريكية، مما سيترتب عليه إلى بيع أصولهم من الذهب، من أجل جني المزيد من الأرباح بشكل أكبر وأسرع
وقال الجرم فى تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز" إن ارتفاع سعر الفائدة بشكل عام، يؤدي إلى زيادة تكلفة الاقتراض على مستوى الأفراد والشركات، مما يؤدي إلى خِفض الإنفاق على السلع والخدمات، مما سيترتب عليه، إنخفاض الأرباح، وهذا الأمر، يضطر معه المستثمرين الدوليين إلى التنازل عن ارصدتهم من الذهب، لتحقيق مكاسب من جهة أولى، من خلال شراء سندات الخزانة مرتفعة العائد، ومن جهة أخرى، الإبتعاد عن عقد قروض جديدة من البنوك، نظراً لأرتفاع كُلفة الاقتراض، نتيجة زيادة العائد المدين على القروض، على خلفية زيادة اسعار الفوائد، ويكون ذلك على حساب بيع أصولهم من الذهب، في ظل ان احتفاظهم بتلك الأرصدة من الذهب، بإعتباره الملاذ الآمن، يكون لفترة بينية مؤقتة لحين تَحسن أحوال السوق.
وأضاف الجرم: وعلى جانب آخر، فإن اي تحليلات بخصوص العلاقة بين اسعار الفائدة والاستثمار في الذهب، تفترض ثبات بعض العوامل الأخرى، إلا أن الواقع العملي، وفي ظل الأزمات المالية المُتتالية والمُتصاعدة،؛ ربما لا يكون لدى بعض المُستثمرين الدوليين المخاطرة بالتنازل عن ارصدتهم الذهبية في ظل حالة الضبابية وعدم اليقين التي تُسيطر على المشهد الاقتصادي العالمي.
ومن الجدير بالذكر، انه توجد علاقة عكسية، بين تعافي مؤشر الدولار وارتفاع عائد سندات الخزانة الأمريكية، فكلما زادت أرباح مؤشر الدولار وارتفعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية، انخفض الإقبال على شراء الذهب وتراجعت أرباح، فضلا عن ان معدل الفائدة هو المحرك الرئيسي لأسعار الذهب، لترابط العلاقة بينهم، علي الرغم من تضررها في الفترة الأخيرة بسبب الحرب الأوكرانية الروسية. بالإضافة إلى عدة عوامل أخرى؛ ربما تؤدي إلى التأثير على أسعار الذهب في الأسواق العالمية، اهمها: قرارات البنوك المركزية بشأن اسعار الفائدة ومعدل التضخم، فانخفاض اسعار الفائدة وارتفاع معدل التضخم، قد يدفعا اسعار الذهب نحو الارتفاع، بسبب ارتفاع تكلفة تعدين المعدن النفيس، فضلا عن تأثير عدم إستقرار اسعار الصرف، وتداعياتها على أسعار الذهب، اذا ما ادت إلى ضعف الدولار الأمريكي في الأسواق العالمية.
ولفت الجرم إلى أنه على الرغم من أن الذهب يُعد الملاذ الآمن للمستثمرين في أوقات الأزمات؛ إلا أنه من المُلاحظ أن أسعار الذهب في الفترة الأخيرة بدأت تتهاوي بشكل سريع؛ مما قد يُشير إلى وجود صعود مُتتالي في أسعار صَرف الدولار الأمريكي بِشكل مُستمر؛ مما يُعزز من شهية المُستثمرين للإقبال على شراء الدولار الأمريكي؛ لتحقيق مكاسب أسرع وأعلى؛ بالمقارنة بالمعدن النفيس؛ وهو ما يُفسر الهبوط المفاجيء لأسعار الذهب عالميا خِلال تِلك الفترة؛ على الرغم من وجود مخاطر أكبر قد يتعرض لها المُستثمرين؛ ولكن إرتفاع حَجم المكاسب؛ نتيجة رفع الفائدة على السندات الأمريكية؛ ربما يَدفعهم لتَحمل المزيد من المخاطر في سبيل تحقيق أقصى منفعة ممكنة.
واختتم الجرم، وبشكل عام ؛ أن وجود حالة من عدم الإستقرار الإقتصادي والمالي على المستوى العالمي؛ وإنعكاساته على الشأن المحلي؛ ربما يُقلل من فُرص التنبؤ بمجريات الأمور خِلال تلك الفترة؛ خُصوصاً في ظل الأزمات المالية المتتالية والمتصاعدة، وإنعكاسات ذلك على العامل النفسي للمسثمرين ؛ في ظل أن التحول نحو الاستثمار في الذهب( بخلاف إرتفاع أسعار الدولار الأمركي)؛ قَد يواجه بالعديد من المُحددات؛ أهمها: أنه قد لا تكون هناك أموال سائلة أو شبه سائلة؛ تَسمح بالإستثمار في الذهب؛ بعد تَحول الكثير منها في الفترة السابقة نحو شراء كميات كبيرة من الذهب.