ذكر تقرير جديد صادر عن مكتب منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، أن الفجوة الآخذة في الاتساع بين المسار السياسي المتعثر والتقدم المحرز منذ تأسيس السلطة الفلسطينية "تصل إلى نقطة عدم الاستدامة"، مما يعرض الإنجازات التاريخية في الأرض الفلسطينية المحتلة لخطر كبير.
وحدد التقرير - المنشور حديثًا، ووزعه المركز الإعلامي للأمم المتحدة بالقاهرة، اليوم السبت- حزمة من العناصر الاستراتيجية التي إذا نفذها الأطراف وشركاؤها يمكن أن تسهم في عكس المسار السلبي الحالي على الأرض، وتعزيز الاقتصاد الفلسطيني والمؤسسات الفلسطينية، والحفاظ على قابلية الحل القائم على وجود دولتين إلى أن يحين الوقت الذي يتسنى فيه استئناف المفاوضات الرسمية.
وقدم التقرير حزمة مفصلة تدور حول أربعة عناصر رئيسية: معالجة الدوافع المستمرة للصراع وعدم الاستقرار، وتعزيز المؤسسات الفلسطينية والتصدي لتحديات الحوكمة الفلسطينية؛ تحسين الوصول والحركة والتجارة، وبالتالي خلق مساحة لنمو الاقتصاد الفلسطيني؛ وأخيرا مواءمة إطار العلاقات الاقتصادية والإدارية بشكل أفضل مع التحولات الاقتصادية للعقود الماضية.
ويأتي إصدار هذا التقرير قبيل الاجتماع القادم للجنة الاتصال المخصصة في نيويورك المقرر عقده في 22 سبتمبر الجاري، ويدعو إلى إعطاء أولوية عاجلة لضمان استعداد السلطة الفلسطينية لإقامة الدولة.
ويشير إلى أن حكومة إسرائيل اتخذت بعض الإجراءات الواعدة خلال العام الماضي، لا سيما فيما يتعلق بتخفيف القيود المفروضة على حركة الأشخاص والبضائع من وإلى الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.. ففي الضفة الغربية، كانت هناك زيادة كبيرة في عدد العمال الفلسطينيين الذين يعبرون إلى إسرائيل.
ويلفت التقرير الانتباه إلى أنه اعتبارًا من الربع الثاني من العام الجاري، عمل حوالي 210،500 فلسطيني في إسرائيل والمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، مما يمثل زيادة بنسبة 50 في المائة منذ عام 2019.. أما في غزة، فإنه حتى منتصف سبتمبر الجاري تم إصدار حوالي 15،500 تصريح لعمال وتجار ورجال أعمال في غزة للسفر إلى إسرائيل.
وساعد هذا التدفق الجديد للدخل العديد من الأسر في غزة على سداد الديون، وإجراء عمليات شراء أساسية، وشراء المزيد من الطعام، والحصول على العلاج الطبي.. ومع ذلك، شدد التقرير على أنه لا يزال يتعين القيام بالمزيد، وأن الصلة بين هذه الخطوات الاقتصادية وأفق الدولتين يجب أن تكون واضحة ومتسقة.
وحذر التقرير من "التشرذم" الحالي للأرض الفلسطينية المحتلة، وهو ما يقلص مجال نمو الاقتصاد الفلسطيني، ويؤجج الاحتياجات الإنسانية ويؤدي إلى الصراع، ويقوض إمكانية قيام دولة فلسطينية في المستقبل، محددا خطوات لزيادة تخفيف القيود الإسرائيلية على الحركة والوصول في الضفة الغربية وقطاع غزة وتحسين وصول الفلسطينيين إلى الأراضي والموارد وتحسين ربط اقتصادات الضفة الغربية وقطاع غزة ومعالجة الانقسام الفلسطيني الداخلي.
وقال منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينيسلاند "إن هناك مبادرات استراتيجية يمكن للأطراف اتخاذها معا أو بشكل مستقل، وبدعم من الشركاء الدوليين، لتقوية السلطة الفلسطينية، وخلق المساحة اللازمة من أجل اقتصاد فلسطيني قابل للحياة، وتحسين الوضع الإنساني والتنموي والمالي والحوكمة للفلسطينيين".. مضيفا: "هذه المبادرات معًا ستساعد في إعادة التوازن إلى التعامل الفلسطيني مع مؤسسات الدولة الإسرائيلية وتنشيط حل الدولتين".
ويؤكد التقرير أنه فقط من خلال عكس الاتجاهات السلبية على الأرض، لا سيما انعدام الأمن المتزايد في الضفة الغربية المحتلة يمكن تحقيق تقدم حقيقي عبر جميع العناصر.. وفي النهاية، لا يوجد بديل لعملية سياسية حقيقية من شأنها أن تعيد الأطراف إلى مفاوضات هادفة وتحل القضايا الجوهرية التي تدفع الصراع".
وأعرب المنسق الخاص عن قلقه البالغ إزاء تدهور الوضع الأمني والخسائر اليومية غير المقبولة في الأرواح في الضفة الغربية المحتلة، داعيا جميع الأطراف المعنية إلى التخفيف الفوري للتوترات، كما دعا القادة السياسيين والمجتمعيين من جميع الأطراف إلى التحرك الآن والانخراط بحسن نية من خلال الحوار لمنع خروج الوضع عن السيطرة.