الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

سياسة

"تصدير إرهابيين لسوريا وليبيا".. قضية تلاحق أعضاء حركة النهضة الإخوانية في تونس

أرشيفية
أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يترقب المتابعون للمشهد التونسي ما تكشف عنه التحقيقات الجارية بشأن فتح ملف تجنيد وتسفير الشباب التونسيين للقتال في سوريا بين عامي 2012 و2013، وقد أوقفت السلطات الأمنية التونسية عددا من قيادات حركة النهضة الإخوانية على ذمة التحقيقات في قضية المعروفة بـ"ملف تسفير الشباب إلى بؤر التطرف" والمتورط فيها عناصر إخوانية تونسية، كانوا يتولون مناصب حساسة في الدولة.

وأوقفت السلطات، الأربعاء الماضي، القيادي الإخواني الحبيب اللوز رئيس جمعية الدعوة والإصلاح. وقبل أيام تحفظت النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الارهاب، على: فتحي البلدي أحد المتهمين في قضية الجهاز السري ومستشار  وزير الداخلية الإخواني علي العريض في حكومة حماد الجبالي، كما تحفظت النيابة على عبد الكريم العبيدي، ونور الدين الخادمي وزير الشئون الدينية الأسبق، ومختار الجبالي قيادي سابق بالحركة.

فاطمة المسدي

البرلمانية التي فجرت القضية

وتصدت البرلمانية السابقة في البرلمان التونسي فاطمة المسدي لهذه القضية، حيث تقدمت في العام 2021 بشكوى للقضاء العسكري من أجل فتح التحقيقات وكشف ملابسات شبكات تجنيد وتسفير الشباب إلى سوريا.

وقالت "المسدي": إن ملف التسفير ملف يشمل العديد من الجوانب، منها الجانب الدعوي الذي قام بتحضير الأرضية الفكرية للجهاد في سوريا وهو يورط العديد من الأئمة في الجوامع والجمعيات والسياسيين، ومنها الجانب الأمني وهو الذي يورط العديد من القيادات الأمنية في تزوير جوازات السفر، وتسهيل المرور للإرهابيين، ومنها الجانب التمويلي خاصة عبر الجمعيات المشبوهة والسياسيين.

وأضافت البرلمانية السابقة في البرلمان التونسي، في تصريحات خاصة لـ"البوابة" أن التحقيق في تونس سوف يكشف عن الكثير من الغايات والدوافع الداخلية والخارجية التي تقف خلف هذا النوع من القضايا.

وتعتقد "المسدي" التي تقدمت بعدد من الشكاوي للمطالبة بالتحقيق مع الأسماء المتورطة في قضية "ملف التسفير"، أن إصدار جوازات سفر مزورة للإرهابيين أمر خطير للغاية، كونه يضرب مؤسسات الدولة في مصداقيتها وجديتها.

وتابعت البرلمانية السابقة: الخطير أن تكون هناك دولة تخدم الإرهاب في داخل الدولة التونسية وهذا خطير  ويهدد أركان الدولة.

وفي محاولة للتنصل من المسئولية، قال نور الدين البحيري، نائب رئيس حركة النهضة: "إن جوازات السفر من مهام وزارة الداخلية وليس وزارة العدل". متسائلا: "من له حجج في ارتكابي للجرائم الخطيرة فلماذا يتستر عليها ولا يقدمها للرأي العام؟"

وقالت "المسدي" تعليقا منها على "البحيري"، إن ملف التسفير بكل جوانبه يشمل جميع مؤسسات الدولة وتأثيره على كل الدولة شعبا ومؤسسات، ولذا فإن نور الدين البحيري يحاول تمييع القضية خاصة أن هذه الجريمة تمت في عهده كوزير للعدل.

نزار الجليدي

"النهضة" أغلقت القضية سابقًا

أكد الكاتب والمحلل السياسي التونسي نزار الجليدي، إن التونسيين يعيشون هذه الأيام على وقع تفجّر قضية كبرى، أساءت للمجتمع التونسي المسالم وجعلته موصوفا بالإرهاب لسنوات وهي قضية ما يعرف بالتسفير لمناطق النزاع بحجة الجهاد ضد الأنظمة التي كفّرها شيوخ السلفية والإخوان على غرار سوريا وليبيا واليمن والعراق.

وقضية التسفير في تونس ليست وليدة اللحظة إذ تمّ قبرها في مجلس النواب المنحل بتعليمات مباشرة من الإخوان الذين كانوا يسيطرون على كل مفاصل الدولة وهم من أفشلوا مهمة لجنة التحقيق البرلمانية حول شبكات تسفير الشباب التونسي إلى بؤر القتال التي أنشئت في مارس 2017.

وأضاف "الجليدي" في تصريحات خاصة لـ"البوابة"، أنه تأكيدا على ذلك قالت رئيسة اللجنة ليلى الشتاوي: "وقع إرباكنا وتخويفنا من داخل حزب النهضة ومن خارجه أثناء العمل على ملفات التسفير وتعرضت شخصيا وعائلتي إلى هرسلة ومضايقات عديدة".

وتحسّرت "الشتاوي" في تصريح صحفي على عدم إنهاء اللجنة لمهامها، خاصة وأن ملفات حارقة كانت معروضة على طاولتها، وهي ملفات تهم آلاف الشبان التونسيين منهم من عاد ومنهم من في السجون، وآخرون مازالوا غير بعيدين عن الجزائر وتونس.

ونقلا عن تصريحات لـ"الشتاوي" فإن مسئولي دولة من النهضة وقيادات في الحزب يشتبه في تورطهم في تسفير الشباب إلى بؤر التوتر، وهناك جمعيات مدعومة من دول وجهات أجنبية قامت بتمويل حملات تجنيد الشباب وتسفيرهم إلى سوريا والعراق"، وأن "هذه الملفات تمثل قضية دولة بامتياز، لأنه ليس من السهل الهين مغادرة هذا العدد من الشبان للبلاد دون أن تنتبه أجهزة الدول لذلك، آنذاك كانت قيادات حركة النهضة على رأس وزارات حساسة في الدولة وكان عدد من نوابها داخل اللجنة من أجل تعطيل حسن سير أعمالها''.

واصل "الجليدي" في حديثه أن اليوم بعد إسقاط نظام الإخوان في تونس والذي يتفق المحللون أن ملف التسفير طمس بواسطتهم  بتواطؤ مع بعض القضاة وتم تقديم أكباش فداء يعدون على الأصابع يقبعون اليوم في السجون اعتبروا المسئولين عن تسفير أكثر من ثلاثة آلاف شاب إلى بؤر التوتر عاد منهم أكثر من 800 شخص يعدون قنابل موقوتة اجتهد الإخوان طوال سنوات في حمايتهم من الملاحقة الأمنية والمراقبة الدائمة.

قائمة طويلة من المتهمين

وأوضح أنه بات من الواضح أن القضاء التونسي بدأ في التعافي، وقرّر فتح هذا الملف الخطير بجدية كبرى شملت تحقيقات مع كبار المسئولين في النهضة وعلى رأسهم شيخهم راشد الغنوشي فضلا عن إيقاف العشرات شملت قيادات في النهضة وعدد من المقربين منهم ومموليهم ويأتي على رأسهم إيقاف رجل الأعمال المعروف محمد فريخة والذي يمتلك شركة طائرات خاصة توجه له تهما باستغلالها في تسيير رحلات تسفير إلى تركيا.

وبالرجوع لأصل القضية فقد كان منطلقها ملف الحال انطلق بشكاية كانت قد تقدمت بها برلمانية سابقة هي فاطمة المسدي في  2021 إلى المحكمة العسكرية، باعتبار أنها كانت عضو لجنة التحقيق البرلمانية في شبكات تسفير الشباب إلى بؤر التوتر(التي تمّ غلقها من طرف الإخوان قبل إنهاء مهامها كما قلنا) إلا أن المحكمة العسكرية قررت التخلي عن ملف الحال لفائدة القطب القضائي لمكافحة الإرهاب.

وتابع "الجليدي" أن الأبحاث انطلقت وتمّ سماع فاطمة المسدي لدى الوحدة الوطنية لمكافحة الإرهاب بصفتها شاكية، وقد دامت مدّة السماع لمدة 12 ساعة قامت خلالها بتقديم كافة المعطيات التي تمكنت اللجنة أثناء عملها من الحصول عليها.

ورغم عدم وجود عدد محدد للإيقافات والاستنطاقات في هذا الملف، فإن القائمة تبقى مفتوحة فان العدد يتجاوز 100 شخص هم من السياسيين وإطارات أمنية وأئمة وغيرهم. وأبرزهم الاحتفاظ بمدير عام سابق للحدود والأجانب ومحال على التقاعد الوجوبي، إضافة إلى القيادي المتشدد في حركة النهضة الحبيب اللوز والذي قال على الملأ إنه لو كان شابا لما تردّد في الذهاب للجهاد في سوريا وفق تعبيره.

ولفت "الجليدي" إلى أن ملف التسفير في تونس ذي أوجه عديدة وتقاطع فيه السياسي بالديني بالقضائي وهو ما يجعله من الخطورة بمكان ومتغلغل في أكثر من جهة والمسفّرون ينقسمون إلى نوعين: نوع أوّل وهم من الشباب الذين تم غسل عقولهم في المساجد وفي الجمعيات السلفية وهم الأخطر ومنهم عدد كبير من الانتحاريين الذين قاموا بعمليات انتحارية في تونس فضلا عن الخارج.

وأضاف: ونوع ثان هم أقرب إلى المقاتلين المرتزقة وهؤلاء يتقاضون أجورا شهرية تتراوح بين الألف والثلاثة آلاف دينار وتكفل الجهات المسفّرة بعائلات الذين يقتلون في المعارك؛ مختتما بأن ملف التسفير قد يبوح بكل أسراره، وسيدق آخر مسمار في نعش إخوان تونس وسينتهي بإيقاف شيخهم لإغلاق قوس الإسلام السياسي في تونس.