أكد الدكتور محمد جمعة، وزير الأوقاف، أنه يجب العمل معا على التحول بثقافة التعايش من ثقافة النخب إلى ثقافة الشعوب والمجتمعات، وأن أكثر الأمم إيمانا بحق التنوع وقبول الآخر أكثرها أمنا وأمانا واستقرارا، ويجب احترام خصوصية الآخر الدينية والثقافية دون إملاء أو استعلاء .
وجاء نص الكلمة التي ألقاها وزير الأوقاف اليوم الخميس، أمام مؤتمر زعماء الأديان بدولة كازاخستان، بالعاصمة الكازاخية نور سلطان كالتالي:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رُسُل الله أجمعين وخاتم أنبيائه ورسله سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه إلى يوم الدين .
وبعـــــد:
فبداية أوجه تحية وتقديرًا لدولة كازاخستان رئيسًا وحكومةً وشعبًا على تنظيم هذا المؤتمر الدولي الهام وعلى حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة .
وأؤكد أن ديننا الحنيف قائم على الإيمان بالتنوع والاختلاف ، بل إنه قد ذهب إلى أبعد من ذلك ، فحث على التعارف والتعاون والتكافل ، حيث يقول الحق سبحانه: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }.
وبالواقع المعاين المشاهد ندرك أن أكثر الأمم إيمانًا بحق التنوع والاختلاف وقبول الآخر والمختلف وترسيخ أسس المواطنة ، والإيمان بقضية التعايش السلمي بين أبنائها من جهة وفيما بينها وبين الآخرين من جهة أخرى هي الأكثر أمنًا واستقرارًا وتقدمًا ورخاءً وازدهارًا ، وأن الأمم التي وقعت في أتون الاحتراب والاقتتال الطائفي أو المذهبي أو العرقي أو القبلي داخليًّا أو خارجيًّا سقطت في دوائر فوضى ودمار عصفت بكيانها وأصل وجودها ، وعلى أقل تقدير مزقت أوصالها وهزت كيانها ، ولو أن البشرية أنفقت على التنمية وتحسين أوضاع الفئات المحتاجة والمهمشة معشار ما تنفقه على الحروب لتغير حال البشرية وعمها الأمن والاستقرار .
وينبغي أن تكون لدى جميع الأطراف الرغبة الحقيقية في إعلاء القيم المشتركة واحترام خصوصية الآخر الدينية والثقافية وتجنب جميع مظاهر الأنانية والاستعلاء ، يقول ابن رشد : يجب علينا أن ننظر فيما قاله الآخرون وما أثبتوه في كتبهم ، فما كان منها موافقًا للحق قبلناه منهم ، وسُررنا به ، وشكرناهم عليه ، وما كان منها غير موافق للحق نبّهنا عليه ، وحذّرنا منه، وعذرناهم .
كما يجب أن يكون هذا التعاون في ضوء الاحترام المتبادل بين الأمم والشعوب ، من غير أن يحاول أحد أن يفرض قيمه وأنماط حياته وثقافته الخاصة على الآخر ، وأن نعمل جميعًا في ضوء القيم الإنسانية المشتركة ، فنُعلي من شأن المتفق عليه ، ويعذُر بعضنا بعضًا في المختلف فيه ، متجاوزين مجرد قبول الآخر إلى التسامح معه ، واحترام اختياره ، والعمل على عدم ازدراء معتقده أو جرح مشاعره .
ولا شك أن للقيادات الدينية والقيادات السياسية الرشيدة دورًا كبيرًا في تعزيز الحوار الشامل بين الأديان ونشر السلام ومكافحة التطرف والإرهاب ، ويجب أن نعمل جميعا على التحول بثقافة التعايش والسلام من ثقافة النخب إلى ثقافة الشعوب والمجتمعات ليعم السلام أرجاء المعمورة."
واختتم "جمعة" حديثة قائلًا: ختامًا أؤكد على الدور العظيم الذي يقوم به الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية في نشر ثقافة الحوار وتعزيز أسس السلام الإنساني والعالمي، ومواجهة التطرف بكل أشكاله وصوره ، حيث تقوم جمهورية مصر العربية في ظل قيادة سيادته بدور محوري في العمل على إحلال السلام العالمي وترسيخ أسس العيش المشترك بين البشر جميعًا .
وأتمنى للمؤتمر ومخرجاته كل التوفيق والسداد ، وأن يشكل لبنة قوية في ترسيخ الحوار وأسس العيش الإنساني المشترك .