انقسام جديد يضرب صف جماعة الإخوان الإرهابية في شقها الأردني، حيث اجتمع مجلس شورى ما يسمى بـ«جمعية جماعة الإخوان» لاختيار المراقب العام الجديد الذي يستكمل مدة المراقب السابق شرف القضاة الذي استقال إثر خلافات داخلية، حيث تم اختيار الإخواني محمد القطاونة.
في الوقت نفسه، تزداد حدة الخلافات بين إخوان الخارج، جبهة إسطنبول بقيادة محمود حسين وجبهة لندن بقيادة إبراهيم منير القائم بأعمال المرشد، حيث تخطط كل جبهة للخلاص من شرعية الأخرى، خاصة بعد فشل المصالحات بينهما ومحاولات التوفيق.
الأردن يدرك خطورة الإخوان
حذَّر الدكتور صبرة القاسمي، المنسق العام للجبهة الوسطية لمكافحة التطرف والتشدد الديني، من عدم الفهم الكامل لخلافات جماعة الإخوان الإرهابية التي تظهر على السطح، وأنه ينبغي للمتابع للصراعات والمتغيرات الخاصة بالجماعة أن يكون قادرًا على التفريق بين الخلافات التكتيكية والخلافات الاستراتيجية، فالأولى تكون بهدف ألعاب سياسية والثانية خلافات حقيقية سببها ملفا الزعامات والتمويلات وهذه لا تظهر على المدى القريب إنما يمكن ظهورها على المدى البعيد كما هو ملاحظ في صراع جبهتي إسطنبول ولندن بين الإخواني محمود حسين والإخواني إبراهيم منير.
وأضاف «القاسمي» في تصريحات خاصة لـ«البوابة»: «أي دولة من دول المنطقة العربية تتهاون في التعامل مع هذه الجماعة المارقة فهي تستعجل الخراب والدمار لنفسها، وفي ظني أن الأردن تدرك مخاطر هذه الجماعة التي تسعى لتقسيم المملكة ونخر عرشها، ولقد حذر الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسي من عودتهم لأنه يعلم أن الدواء فيه سم قاتل وأن المصالحة معها تعني الخراب».
وتابع: «لنا تجربة قاسية معهم لا نريد أن يكررها التاريخ مرة أخرى، فقد سافروا للخارج وتجنسوا بجنسيات وأظهروا الخلاف وأعلنوا رغبتهم في العودة إلى تراب الوطن، وقد عادوا وتمكنوا من الانتشار في المؤسسات في عهد الرئيس الأسبق مبارك، هذه المرة نحن في المنطقة على المحك، ولا صوت يعلو فوق صوت العقل الرافض لعودتهم ولاختراقهم».
وحول الصراعات الداخلية بين «إخوان الأردن»، أكد «القاسمي» أن الانشقاقات تضرب الجماعة منذ مدة طويلة وخاصة في السنوات الأخيرة التي شهدت استقالات بالجملة من الجمعية ومن حزبهم الممثل السياسي للجماعة، مشيرًا إلى تصريحات أصدرها القيادي الإخواني البارز في الأردن ليث الشبيلات الذي اتهم جماعة الإخوان بالانتهازية وأنهم مجرمون، وأنهم لا يحمون الدين الذي يتمسحون فيه بل يحافظون على التنظيم فقط.
وقال «القاسمي» إنه استمع لعدد من عناصر الجماعة أكدوا نفس مقولة «الشبيلات» أنهم لا يحمون الدين ويعملون من أجل التنظيم واستجلاب التمويلات الخارجية فقط، ففي ظني أن «الشبيلات» يمكن القول بأنه «صدق وهو كذوب»، فهم لا يدافعون لا عن وطن، ولا عن دين، ولا عن أعراض، إنما يدافعون عن الدولار فقط، وكيف يتكالبون عليه وعلى الممولين.
صراعات الإخوان بالخارج «خناقة مفتعلة»
أكد الكاتب سامح فايز، الباحث في شئون جماعات الإسلام السياسي، أن التشكيك في أي خطوة تخطوها مصر إلى الأمام، والتعليقات السلبية حول مشروعات الدولة مستمر وسيظل مستمرا طالما الدولة لا تتيح لهم فرصة التحرك واختراق أجهزتها مجددًا، ونجاحها في الضربات الأمنية ضد العمليات الإرهابية التي قامت بها جماعة الإخوان الإرهابية وتنظيم داعش الإرهابي.
وأشاد «فايز» في تصريحات خاصة لـ«البوابة» بكلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال تدشينه الوحدات البحرية الجديدة بهيئة قناة السويس، الخميس الماضي، التي ألح فيها الرئيس على ضرورة عدم الانسياق وراء التشكيك المغرض التي تقوم به الجماعة الإرهابية رغبة منها في دفع الدولة المصرية تجاه المصالحة مع جماعة إرهابية استحلت دم المصريين.
وقال «فايز»، إن جماعة الإخوان غيرت تكتيكها في التعامل مع الدولة المصرية منذ العام 2018، وربطا بالمشهد فإن نجاح المؤسسة العسكرية في دحر تنظيم داعش لدرجة خفوت قوته بعد ضربات أمنية قوية ضده، ونجاح الدولة في تكسير مفاصل التنظيم، كما أن العمليات التي مارستها جماعة الإخوان من خلال حركتي «حسم» و«لواء الثورة» الإرهابيتين مع قيادات إخوانية مثل يحيي موسى، وعلاء السماحي، وقبلهم محمد كمال الذي تم تصفيته في العام 2016 في مواجهة مع الشرطة.
وتابع، هذه المواجهات أكدت للجماعة أن العنف ليس سلاحًا ناجزًا خاصة أن هذه الشخصيات المرتبطة بالعمل المسلح وضعوا على قوائم الإرهاب في بريطانيا ومع تغير السياسية الأمريكية اتضح لهم أن يتبعوا تكتيكًا جديدًا يرفعون خلاله شعار سلمية ونبذ العنف، ويمكن ملاحظة هذه التغيرات التي حدثت، ففي العام 2015 جمدت الجماعة عضوية بعض الشخصيات في مكتب الإرشاد بزعم المحسوبين على جبهة الحمائم في خناقة «الصقور والحمائم» ومن ضمنهم حلمي الجزار الذي يحاول الظهور مجددًا بتصريحاته حول الحوار الوطني ونبذ العنف.
وحول الصراع القائم بين الإخوان في الخارج، وجبهتي إسطنبول بقيادة الإخواني محمود حسين وجبهة لندن بقيادة الإخواني إبراهيم منير، قال «فايز»، إن الجماعة خططت للعب خناقة مفتعلة بين تيارين أحدهم يريد التحول لجماعة دعوية فكرية وأخرى تريد بقاء الجماعة على شكلها القديم وتستمر على ممارسة العمل السياسي، لكنها خناقة يمكن تسميتها بـ«شُغل صيع» لأنه انشقاق مفتعل يهدف للتخلص من عبء الماضي ومن عمليات العنف، وهو ما يتجه إليه القائم بأعمال المرشد الإخواني إبراهيم منير الذي قال في تصريحات سابقة، إن بعض شباب الإخوان الغاضب مارسوا العنف بدافع وطني 2013، ولا أدري ما هو الدافع الوطني في اغتيال ضباط أمام منازلهم، أو في تفجيرات كثيرة جدًا منها تفجير مستشفى الأورام.
ولفت «فايز» إلى الجماعة ترغب في تصدير شكل جديد للتنظيم، يقدم نفسه كأنه تيار فكري دعوي يرفض العنف في محاولة اختراق جديدة، يصاحب ذلك عودة للوجوه التي كانت مجمدة لتمارس ضغطها الجديد على الدولة المصرية، من باب رفع شعار السلمية ونبذ العنف.
وعن أدوات التنظيم في الضغط على الدولة المصرية، ذكر «فايز»، أنه يستخدم أدوات كثيرة جدًا منها الميديا والإعلام للتشكيك في النهضة والمشروعات التي تقوم بها الدولة وقدرة الدولة على إدارة الملفات المختلفة، كما تحاول كسر الثقة التي بُنيت في ثورة يونيو 2013 بين المواطن والدولة.
ويعتقد «فايز» أن الجماعة تستعيد نفسها مبررها القديم في التخلص من عبء الأعمال الإرهابية، فأحد مسئولي المكتب الإداري لإخوان أسيوط تحدث في كتاب كتبه في السبعينيات تقريبًا عن قضية الخازندار وذكر تفاصيل القضية تحت عنوان «مقتل الخازندار رحمه الله» يبرز فيه أن الجماعة ضد القتل وأنهم حزنوا لمقتل الرجل، مبررًا ما حدث بأنه تصرف اثنين من شباب الإخوان الغاضبين، قتلوا الرجل، لكنهم كهيئة عليا ضد ذلك ولا يعرفون عنه شيئًا.
وأكد «فايز» أن الزاوية الأخطر التي ركزوا عليها ومستمرة هي حرب الميديا والإعلام وحرب اختراق الثقافة والفنون، فقد اخترقوا الملف الثقافي كي يتمكنوا من صناعة أعداء للدولة من الداخل.
وأضاف أنه لاحظ أن استهدافهم لاختراق الثقافة المصرية كان عملًا خبيثًا وماكرًا جدًا، لأنه إذا انتبهت الدولة لأعمال مريبة مثلًا، وقامت بغلق دار نشر أو أن السلطات الأمنية أوقفت أحد الكتاب يتحول الأمر لفضيحة علنية، ورفع شعارات الدولة من قبيل «تكميم الأفواه» مستغلين الميديا وأذرعهم على مواقع التواصل الاجتماعي أو المنظمات الحقوقية المؤسسة أصلًا من قبل التنظيم الدولي للإخوان فى عواصم غربية.
واختتم «فايز» حديثه قائلًا، إن الجماعة الإرهابية تأكدت من فشل عملياتها الإرهابية والمواجهة المباشرة أمام قوة المؤسسة العسكرية في مصر، ومنها المواجهات التي حدثت في سيناء بعدما أوشكت على الوقوع تحت سيطرة الجماعات الإرهابية بتمويلات من أجهزة خارجية يهمها إسقاط مصر، فالجماعة بعدما تأكدت من فشل هذا المخطط كان الحل الآخر هو التركيز على الحرب الباردة مثل التشكيك واختراق الثقافة وهو أخطر سلاح يمكن من خلاله خلق أعداء للدولة من داخلها.