ظهر مؤخرا بعض الأشخاص، بموضة قديمة عادت للظهور مجددا، وهي ادعاء النبوة، الأمر الذي أثار جدلا كبيرا بين مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب حساسية الأمر، لارتباطه بالثوابت الدينية، وهو ما أرجعه خبراء علم النفس، إلى إصابة هؤلاء بمرض الفصام والاضطراب العقلي، ومنهم من يفعل ذلك بغرض الشهرة وإثارة الجدل، ولكن ينتهي بهم المطاف خلف القضبان بعدما تلقي الأجهزة الأمنية القبض عليهم.
في مدينة سفاجا التابعة لمحافظة البحر الأحمر، كشفت أجهزة وزارة الداخلية ملابسات تداول منشورات على أحد الحسابات بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" ادعى خلالها صاحب الحساب "النبوة" وأنه "المهدى المنتظر".
أمكن تحديد صاحب الحساب المشار إليه وضبطه، وتبين أن له معلومات جنائية ومقيم بدائرة قسم شرطة سفاجا بمحافظة البحر الأحمر، واتضح أنه مهتز نفسيا وسبق إيداعه بأحد مستشفيات الصحة النفسية وعلاج الإدمان، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية.
في محافظة الإسماعيلية، كشفت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية، ملابسات ما تم تداوله على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، بشأن تجول أحد الأشخاص راكبا حصان بأحد الشوارع بمحافظة الإسماعيلية، ويدعي النبوة أيضا.
تم تحديد الشخص المشار إليه، وتبين أنه مقيم بدائرة قسم شرطة ثان الإسماعيلية وله معلومات جنائية، ويمتلك حصانين يؤجرهما للصبية بالمتنزهات والحدائق العامة، وأنه من مدمني المواد المخدرة، وعقب تقنين الإجراءات أمكن ضبطه، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية.
تباه وجنون عظمة
يقول الدكتور أحمد فخري، أستاذ علم النفس وتعديل السلوك المساعد ورئيس قسم العلوم الإنسانية بجامعة عين شمس، إن تلك الوقائع تعود إلى اضطرابات متعارف عليها لدى العامة، وتعرف بـ"البارانويا"، ويطلق عليها البعض "جنون العظمة".
واضاف: تلك المصطلحات يطلقها الكثير على بعض الشخصيات التى تتسم بالتباهي المبالغ فيه والعظمة سواء فى السلوك أو الحديث، ولكن فى ظل انتشار بعض الحوادث فى المجتمع ممن يدعى النبوة أو المهدى المنتظر أو أنه رئيس لإحدى الدول أو رجل مخابرات غير معروف، لنجد أن هناك اضطرابا عقليا يعرف تحت مسمى مرض الفصام العقلي "البارانويا"، وهذا الاضطراب نسبته مرتفعة لدى هؤلاء الأشخاص، وهو اضطراب ناتج عن عوامل وراثية، والمريض لا تتأثر نسبه الذكاء لديه، ولكن يصاب بما يعرف بالضلالات الفكرية، وهي أفكار مغلوطة يصدقها المريض ويعيش بها كأنها حقيقة، ومنها أنه ذو قدرات خارقة أو كرامات أو تنبؤات، أو لديه قدرات على هداية البشرية وتحقيق معجزات خارقة، أو النبوة، أو أنه مهدى منتظر ظهر لهداية البشرية.
وتابع "فخري": مثل هذا النوع من الأمراض إذا تم إهماله وعدم التعامل معه تحت اشراف طبي فى مستشفى متخصص للأمراض النفسية، قد يتسبب فى أذى لنفسه وللآخرين المحيطين به.
وقال: نحتاج من أفراد المجتمع عند ظهور مثل تلك الحالات سواء داخل الأسرة أو فى الحى أو العمل أو بين الأقارب، التعامل معها بجدية وسرعة مساعدة الحالة باللجوء على الفور الى المتخصصين لسرعه تحسن الحالة وحمايتها من الخطر وحماية المحيطين من السلوك الاندفاعى والعدوانى غير المسئول الذى قد يصدر من تلك الحالات، ولابد أيضا من توفير أطقم إسعاف طبي نفسي مدرب تدريب جيد للتعامل مع تلك الحالات بمهاره وحرفية للحفاظ على الحالة وعلى أرواح المحيطين .
وطالب "فخري" بنشر الثقافة والتوعية النفسية بين أفراد المجتمع سواء فى المدارس والجامعات وعبر وسائل الإعلام لتوعية المجتمع من خلال الوقايه من الدرجة الأولى لحماية البعض من الوقوع فريسه للاضطرابات النفسيه وسرعة طلب العلاج والوقاية من الدرجه الأولى توفر مبالغ طائلة من حيث تقديم الخدمة فى شكل إرشاد وتوعية ووعى لحماية أفراد المجتمع من الوقوع فى براثن الأمراض النفسية
وشدد على ضرورة توافر أطقم طبية ومعالجين ومتخصصين وممرضين لديهم تدريب مميز لاكتشاف والتدخل وعلاج الحالات النفسية وتوفيز الرعاية الكاملة لهم والإقامة المتكاملة والتأهيل المناسب لدمجهم فى المجتمع مره أخرى بشكل طبيعى مع نشر ثقافة محو الوصم والتمييز فى التعامل مع المرضى النفسيين.
العقوبات
أما عبدالرازق مصطفى، المحامي والباحث القانوني، فقال إنه في هذه الجرائم التي أصبحت منتشرة في الفترة الأخيرة، نص قانون العقوبات علي الآتي: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تجاوز خمس سنوات أو بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه، ولا تجاوز ألف جنيه كل من استغل الدين في الترويج بالقول أو بالكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية"، طبقا للمادة ٩٨ عقوبات فقرة ٢.
وتابع "مصطفى"، في مثل هذه الجرائم، تستعين النيابة العامة بالأطباء النفسيين في بعض الحالات إذا رأت ان المتهم به شبهة مرض عقلي، وعلى ضوء ما يأتي في التقرير الطبي، تأخذ النيابة العامة قراراتها.