الحاج مصطفى البشتيلي ثائر بولاق ضد الحملة الفرنسية الذي لم ينصفه التاريخ، هو زعيم مقاومة ضد الاحتلال الفرنسي على مصر، قاوم الاحتلال الفرنسي عام 1798م ولاحقا عندما اشتعلت الثورة الشعبية التي بدأت في القاهرة في 20 مارس سنة 1800م.
ولد في قرية بشتيل ونشأ بها ومنها كانت كنيته، ذهب إلى القاهرة وعمل تاجرا وأصبح مالكا لوكالة كبيرة للزيوت، وكان معروفاً بأمانته وسمعته الطيبة التي كانت عوناً له في أن يصبح شهبندر تجار منطقة بولاق.
رفض الاتفاق والتحالف مع الاحتلال الفرنسى، رغم تجارته ومصالحه وأعلن ﺭﻓضه للظلم والاحتلال ﻭﺷﺎﺭﻙ ﻓﻰ جهاد الشعب المصرى ضد المحتل فى ثورة القاهرة الأولى ﻭﻷﻥ المجتمع المصرى ﻻ ﻳﺨﻠﻮ ﻣﻦ ﺧﻮﻧﺔ ﻭﺟﻮﺍﺳﻴس للمحتل الفرنسى فوصل خبره ﻟﻠﻔﺮﻧﺴﻴﻴﻦ ﻋﻦ ﺩﻭﺭه ﻓﻰ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﻓﻰ ﺛﻮﺭﺓ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ انه كان ﻳﺨﻔﻰ ﻓﻰ ﻣﺨﺎﺯﻥ ﻭﻛﺎﻟﺘﻪ ﺍﻟﺒﺎﺭﻭﺩ ﻭﺍﻟﺴﻼﺡ، فداهمت قوات الإحتلال ﻭﻛﺎﻟﺔ ﺍﻟﺒﺸﺘﻴﻠﻰ وﻋﺜﺮﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﻭﺭ ﻣﻤﻠﻮﺀﺓ ﺑﺎﻟﺒﺎﺭﻭﺩ ﻭﺑﻌﺾ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ، ﻓﻘﺒﻀﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺣﺒﺴﻮﻩ ﻓﻰ سجن ﺍﻟﻘﻠﻌﺔ شهور، وافرج عنه بعد رحيل نابليون، وﻟﻢ تضعف ﻋﺰﻳﻤﺔ ﺍﻟﺮﺟﻞ التاجر الثرى رغم ماتعرض له من تعذيب وإهانه، ﻓﻘﺪ ﻇﻞ مؤمناً بدينه وجهاد المحتل الفرنسى.
ومع اندلاع ثورة القاهرة الثانية فى “٢٠ مارس ١٨٠٠م” كان مصطفى البشتيلى ﻓﻰ ﻃﻠﻴﻌﺔ الثوار المجاهدين ﻭأصبح ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻝ الأول ﺍﻟﻤﻴﺪﺍﻧﻰ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﻓﻰ ﺣﻰ ﺑﻮﻻﻕ ﺍﻟﻌﺮﻳﻖ.
ويقول الجبرتى في كتابه "عجائب الأثار في التراجم والأخبار" «أما بولاق فإنها قامت على ساق واحدة، وتحزم الحاج مصطفى البشتيلي وأمثاله وهيجوا العامة وهيأوا عصيهم وأسلحتهم، ورمّحوا وصفّحوا، وأول ما بدأوا به أنهم ذهبوا إلى وطاق الفرنسيس الذى تركوه بساحل البحر، وعنده حرس منهم، فقتلوا من أدركوه منهم ونهبوا جميع ما به من خيام ومتاع وغيره، ورجعوا إلى البلد وفتحوا مخازن الغلال والودائع الخاصة بالفرنساوية، وأخذوا ما أحبوا منها، وعملوا كرانك حول البلد ومتاريس.
لم يهدأ بعدها أهالي «بولاق»، فحملوا السيوف والبنادق والرماح، واتجهوا ناحية قلعة قنطرة الليمون، فواجههم حامية القلعة بنيران المدافع، وظلت المقاومة 33 يوم متصلين، الأمر الذى يؤكده الجنرال كليبر فى يومياته عندما قال: استخرج الأعداء!!! “ويقصد أهل مصر” مدافع كانت مطمورة فى الأرض وأنشأوا معامل للبارود ومصانع لصب المدافع وعمل القنابل، وأبدوا فى كل ناحية من النشاط ما أوحت به الحماسة والعصبية، هذه هى بوجه عام حالة القاهرة عند قدومى إليها، وإنى لم أكن أتصورها فى هذه الدرجة من الخطورة.
وامتدث الثورة إلى أحياء فى القاهرة ومدن الوجه البحرى لكن بولاق كانت قلب الثورة بقيادة المجاهد البطل مصطفى البشتيلى، ﻭأجبرت ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﻛﻠﻴﺒﺮ ﻋﻠﻰ حصار بولاق ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻭﺍلسعى ﻓﻰ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﺼﻠﺢ للمهادنة ﻭﺇﻧﻬﺎﺀ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻟﻜﻦ ﺇﻟﺤﺎﺣﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﺎبل ﺩﺍﺋﻤﺎ ﺑﺎﻟﺮﻓﺾ، ﻭﻓﻬﻢ ﻛﻠﻴﺒﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﺸﺘﻴﻠﻰ هو الذى يرفض وقف المقاومة ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻭﺷﺎﻳﺔ ﻣﻦ شخص يدعى ﻋﺜﻤﺎﻥ ﻛﺘﺨﺪﺍ ﺍﻟﺬﻯ ﻛﻠﻔﻪ ﺑﺎﻟﻮﺳﺎﻃﺔ ﻓكان رد ﺍﻟﺒﺸﺘﻴﻠﻰ ﺑﺮﺳﺎﻟﺔ ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ ﻓﻴﻬﺎ : “ﺇﻥ ﺍﻟﻜﻠﺐ ”ﻳﻘﺼﺪ ﻛﻠﻴﺒﺮ" ﺩﻋﺎﻧﺎ ﻟﻠﺼﻠﺢ ﻓﺄﺑﻴﻨﺎ ﻓﻼ ﺗﺤﺮﺝ ﻧﻔﺴﻚ ﺑﻄﻠﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ.
مقتل البشتيلي
وتمت الاستعانة ﺑﺎﻟﻌﻤﻼﺀ والخونة ﻭﺗﻢ أﻋﺘﻘﺎﻝ عائلة البشتيلى ﻭﻣﻌﺎﺭﻓﻪ ﻭﺍﻟﻌﺎﻣﻠﻴﻦ ﻓﻰ ﻭﻛﺎﻟﺘﻪ ﻭكل من شارك ﻓﻰ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ، ﺣﺘﻰ نجحت الخيانة فى الشواية وﺍﻟﻘﺒﺾ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ المجاهد ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻡ مصطفى البشتيلى فقام كليبر بالانتقام منه بالتعذيب ﻭﺍﻟﺘﺠﻮﻳﻊ أيام وليال ومصطفى البشتيلى صابر محتسب، وهنا فكر كليبر فى طريقة خبيثة فقرر أن لايقوم بإعدامه وقرر أن ﻳﻬﻴﻨﻪ ليقضى ﻋﻠﻰ ﺑﻄﻮﻟﺘﻪ ويكسر نفوس المجاهدين الثائرين الإشراف، وقرر ﻗﺘﻠﻪ ﺑﻴﺪ الخونة والأنذال من المصريين ﻭﺳﻂ ﺣﻰ ﺑﻮﻻﻕ فأعلن للناس أن البشتيلى ومقاومته هى سبب ما حل بكم من دمار وقتل وجاء ﺑﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ممن قبض عليهم ﻭﻭﻋﺪﻫﻢ ﺑﺎﻟﻌﻔﻮ ﺇﺫﺍ ﺃﺧﺬﻭﻩ ﻭﻃﺎﻓﻮﺍ ﺑﻪ ﺍﻟﺒﻠﺪ على حمار بالمقلوب ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻘﺘﻠﻮﻩ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﻋﺒﺮﺓ ﻟﻤﻦ ﻳﻘﺎﻭﻡ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻴﻦ.
وفعل الخونة وانهالوا بالضرب بالنبابيت وهى العصى الغليظة على البطل المجاهد مصطفى البشتيلى، فقتلوه المصريين الذين أراد لهم العزة وصعدت روحه الطاهرة إلى بارئها تشكو إلى الله ظلم وخيانة بنى جلدته.
وكان الرد الألهي سريعا بعد شهرين، اذ قام سليمان الحلبى بقتل كليبر وسط جنوده ولم يمض عام حتى خرج المحتل الفرنسى من مصر.